الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظمأ اللجوء

عدنان الأسمر

2011 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


ظمأ اللجوء

واجهة الوافدون إلى مخيم البقعة مشكلة عدم توفر المياه للشرب, أو للأغراض الحياتية الأخرى, وبما أنه لا حياة بدون ماء, والعطش لا يحتمل, فقد وفرة الجهات الحكومية المعنية الماء لأهالي المخيم ,بواسطة صهاريج كبيرة, حيث تتجمع النسوة والشباب لملئ الأوعية بالماء من مصورة الصهريج ,وهنا تحدث مأساة إنسانية ,حيث لم يتمكن احد من ملئ وعاءه بالماء, وذلك نتيجة الازدحام والتدافع ,و المحزن أكثر, هو أن السائقين كان يتحركون بسياراتهم هاربين لتخفيف من شدة التدافع, إلا إن الكتلة اللحمية متعددة الرؤوس والأطراف, تنطلق مسرعة خلف الصهريج, وتتكرر هذه العملية ما دام الصهريج مملئ بالماء.
ومن لم يحصل على حاجته من الماء, يذهب إلى عين قرية أبو نصير, أو نبع أم الدنانير, على بعد ثلاثة كيلو عن المخيم ,حيث تجلب النسوة الماء بأوعية محمولة فوق رؤوسهن مشيا على الأقدام, وكم ذالك المشهد مأساوي ,عندما تشاهد جموع النسوة كبارا وصغارا, حوامل أو مرضعات, برفقة أولادهن الصغار, ذاهبات أيبات لإحضار 15 لتر ماء, في كل مرة ,وأحيانا, كانت تسقط تلك الأوعية عن رؤوس النسوة قبل أن تبل ألسنة العطشى المتخشبة ,وهذا يجبر تلك المسكينة, على العودة لإحضار الماء مرة أخرى.

وبعد عدة أشهر, أنشأت وكالت الغوث حوالي 40 محطة ماء موزعة على حارات المخيم ,تعمل طوال النهار فقط ,وتزود تلك المحطات بالماء, من خزان ماء كبير كان مبنيا قبل إنشاء المخيم, يقع مكان جمعية بيت جيز حاليا ,وهنا تحدث مأساة جديدة, وهي تكرار مشاجرات النساء على حجز الدور, حيث يتم الإمساك المتبادل بشعر الرأس, والعمل على خلعه, ومحاولة رمي الواحدة الأخرى أرضا ,فالتدافع أدى لظواهر سلوكية غريبة, وخاصة العنف, فكم هو شرس العنف المتبادل بين الضحايا ,وكأن الواحد يتماها مع شخصية الجلاد, حيث يمارس قسوته في علاقته مع الضحية الأخرى.

وبعد عدة سنوات, بيع الماء بواسطة تنك ماء يجره تركتور, وذالك بسب وجود خزانات معدنية يمكن شراءها من أصحاب محلات الحدادة, وهنا نشأت مأساة جديدة ,وهي انتظار باعة الماء في الشوارع , أو البحث عنهم في الحارات المجاورة, وكان يلاحظ عند وصول تنك الماء للشارع , وقوف الجميع للمناداة عليه, فكل أسرة تود ملئ خزانها بالماء قبل الآخرين .
واستمرت هذه الحالة حتى عام 1983 , حيث تم ربط المخيم بشبكة المياه الحكومية ,وعندها انتهى عصر ظمأ وشح الماء, واخذ الناس يعملون على تحسين مستوى معيشتهم, فقد استخدموا في المنازل البانيو, والدش, والقيزر, والمغاسل, والمجلى.

أما شح الماء, فقد أدى إلى أثار كارثية على صحة ألاجئين, وأهمها : أصابت الجهاز الهضمي بأمراض التيفوئد الدزنطارية , و الإسهال, والديدان, والأمراض الجلدية وهي: الجرب,(الشرية) والجدري ,وأنواع متعددة من الحصبة, و مهاجمة الحشرات ومنها قمل سابح ,أو برغوث جامح, آو ذباب قارح, أو بعوض جارح ,

قاتل الله اللجوء ,انه عقوبة مركبة , فمياه اللجوء حامية ,تبرد في زير فخار واهية ,تشرب زعربة من بعبوز إبريق فخار ساخية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون ينشرون زوارق مفخخة في البحر الأحمر بمساعدة فيلق الق


.. صرخة في وداع طفل استشهد بصحبة شقيقته




.. كيف يؤثر قرار وقف توريد أموال المقاصة على القدرة المالية وال


.. إسرائيليون ينظمون مسيرة باتجاه الكنسيت الإسرائيلي في القدس ض




.. إخلاء عاجل لسكان رويدوسو بولاية نيو مكسيكو الأميركية بسبب حر