الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء الحزب البروليتاري الثوري من منظور منظمة - إلى الأمام - الجرء 2

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2011 / 10 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


لقد اعتمدت الوثيقة الأطروحة في تصورها للثورة على مفهوم "الإنطلاقة الثورية" التي اعتبرتها ممكنة لتوفر شروط الحياة المادية للإنتفاضة الشعبية ، مما يستوجب بناء الحزب الثوري المغربي من خلال الصراع بين القوى المتناقضة و التي تعتبر فيها البروليتاريا الصناعية و المعدنية القوة الأساسية في حسم الصراع لصالح الجماهير الشعبية ، غير أن الحركة الثورية المتنامية في أوساط الجماهير الشعبية عبر انتفاضاتها الشعبية قد أفرزت "تيارات تلقائية" غير مسلحة بالأيديولوجية العلمية الثورية في أوساط الكاحدين و البورجوازية الصغيرة ، مما يستوجب الإرتباط بها في البوادي و المدن " ويمكن في أول الأمر الارتباط بالتيارات التي تنبع في غمرة النضالات التلقائية للجماهير، هذه التيارات المنبثة من خلال تاريخ البلاد نفسه والذي يتجلى في الانتفاضات التي قام بها الفلاحون والحركة التمردية للجماهير في المدن."كما جاء في الوثيقة.

و رفضت منظمة "إلى الأمام" أشكال الأيديولوجية الإنقلابية التي يستغلها السياسيون المحترفون/البورجوازيون الصغار في الأحزاب الإصلاحية ، و التي بلورتها الأنظمة الإنقلابية العربية في دول الإقطاعيات و البورجوازية العربية التي أبعدت المناضلين الثوريين عن الأيديولوجية الثورية/الماركسية اللينينية ، و يعتبر بناء حزب العمال و الفلاحين/الحزب البروليتاري الثوري المهمة الأساسية لإنجاح مهام "الإنطلاقة الثورية" ، و ذلك بالتحالف بين البروليتاريا و الفلاحين الفقراء بالمدن و البوادي اعتمادا على الأيديولوجية الماركسية ـ اللينينية المنغرسة في صفوف البروليتاريا التي يجب أن تقود الثورة بقيادة الحزب الثوري المغربي ، إنسجاما مع مضمون الثورة البلشفية " إن قيادة الثورة تتمثل في حزب العمال والفلاحين المبني على الإيديولوجية الماركسية-اللينينية والمنغرس في البروليتاريا، وبواسطة أداة الدكتاتورية الديمقراطية للعمال والفلاحين الفقراء المباشرة عن طريق مجالس العمال والفلاحين الفقراء وجماعات النضال الشعبي للفلاحين ولسكان الأحياء الشعبية."كما حددت الوثيقة ذلك.

و أكدت الوثيقة الأطروحة على الترابط بين الثورة المغربية و الثورة العربية في علاقتها بالثورة العالمية التي تعتبر فيها الثورة الفلسطينية المحرك الأساس ، الذي "أصبح قوة ثورية لا تقهر" كما جاء في الوثيقة ، و ذلك عبر الكفاح المسلح ضد الإمبريالية و الصهيونية و الرجعية العربية ، مما فضح الأيديولوجية الإنتهازية للبورجوازية الصغيرة و يسام في نمو الأيديولوجية الثورية العربية في اتجاه الأيديولوجية الماركسية ـ اللينينية ، و لقي هذا التوجه في الثورة العربية صدى واسعا في بعض الأقطار العربية " إن هذا الإشعاع ما فتئ يتجسد في ثورة اليمن الجنوبي وفي نمو الحركة الثورية والتحررية في ظفار والخليج العربي وإريتريا." كما أكدت الوثيقة. إلا أن التيارات التحريفية الإنتهازية و البورجوازية الصغيرة تحول دون نمو الأيديولوجية الثورية في الوطن العربي مما يستلزم محاربتها بمحاربة السياسيين المحترفين داخل الأحزاب الإصلاحية "هؤلاء السياسيون المحترفون المحكوم عليهم بالانقراض المخزي، كما كان الشأن بالنسبة للأحزاب التحريفية في مصر والجزائر وتونس."كما جاء في الوثيقة.

و بالإرتباط بالثورة العالمية فإن الثورتين المغربية و العربية تواجهما الثورة المضادة العالمية التي تقودها الإمبريالية عبر "الإستعمار الجديد" بدعم من التحريفية الإنتهازية بالإتحاد السوفييتي الذي يواجه "إنطلاقة التحرر للشعوب" ، مما يتطلب دعم "الثورة الجديدة" عبر العالم انطلاقا من الثورة الكوبية و امتداداتها بأمريكا اللاتينية مرورا بالثورات الأسيوية الأفريقية و الأوربية و انتهاء بمحاولات الثوار الأمريكان و التي تكبلهما التحريفية الإنتهازية السوفييتية ، و تعتبر التجربتين الصينية و الألبانية أهم هذه الثورات الجديدة " وإن تطور وانتصار الثورة الثقافية في الصين وألبانيا قد بعث الصورة الحية للاشتراكية وزود النضالات الثورية العالمية بمد ثوري جديد."كما جاء في الوثيقة.

إنطلاقا من عناصر الإنطلاقة الثورية المغربية و العربية و العالمية و التي ساهم فيها تداخل الصراع الطبقي بين الطبقات المسيطرة و البروليتاريا و حلفائها ، ترى منظمة "إلى الأمام" أهمية بناء الحزب الثوري المغربي أساسيا لما له من أهمية في بلورة "الثورة الجديدة" ضد "الإستعمار الجديد".

و أكدت منظمة "إلى الأمام" في وثيقة "مسودة حول الإستراتيجية الثورية" على أهمية الإستراتيجية الثورية في تحقيق الثورة المغربية في علاقتها بالثورة العربية و العالمية ، و اعتبرت أنه يستحيل إنجاز الثورة بدون تنظيم ثوري يجسد العلاقة الجدلية بين النظرية الثورية و الممارسة الثورية للمناضلين الثوريين ، إنطلاقا من أن الهدف الأسمى لكل ثورة هو الإستيلاء على السلطة مما يوجب على المنظمة بلورة مفهوم العمل الجماعي و التفكير الجماعي " داخل الحركة الثورية للجماهير" ، ذلك ما تم بلورته في مسألة الإستراتيجية الثورية مما أعطى للتنظيم ، إنطلاقا من المنظور الجديد للمنظمة ، بعدا أدق و أشمل ، بدءا بالنقاش حول مضمون "الكفاح المسلح كطريق للثورة" الذي تباينت حوله الآراء " هذا الانفصال الذي كان على مبدأ واحد : هو ضرورة الكفاح المسلح كطريق للثورة. وهكذا تواجدت خلال تلك المرحلة مواقف متباينة حول قضية الإستراتيجية من الغيفارية، إلى الانتفاضة البلشفية ، إلى حرب التحرير الشعبية." كما جاء في الوثيقة، و انتهاء بوضع أسس الممارسة الثورية الجديدة عبر مفهوم "حرب التحرير الشعبية".

و هكذا بدأ يتضح مسار بناء الحزب الثوري المغربي ببروز العلاقة الجدلية بين "الإنطلاقة الثورية" التي تستند إلى " التقدم الهائل لكفاحات الجماهير" و "الإستراتيجية الثورية" التي أوضحت "طريق الثورة" عبر "حرب التحرير الشعبية" .

و اتخذت المنظمة من التجربتين الثوريتين بروسيا و الصين السند الأساس لأطروحاتها حول الإستراتيجية الثورية في علاقتها بالتنظيم الثوري ، فكانت ثورة 1905 بروسيا السند النظري لتحقيق "الإنطلاقة الثورية" في علاقتها بتفكيك نظام الأوليغارشيا الكومبرادورية و هي انتفاضة شعبية تعبد الطريق الثوري للحرب الشعبية التي بدونها لا يمكن السيطرة على السلطة ، و كان لفشل الأيديولوجية الإنقلابية في 10 يوليوز 1971 التي سبق للمنظمة أن انتقدت منطلقاتها في تجارب دول الإقطاعيات البورجوازية العربية ، أثر كبير في تعزيز مبدأ "حرب التحرير الشعبية" في الإستراتيجية الثورية لمنظمة "إلى الأمام" انطلاقا من انتقاد النظرة الميكانيكية التي تحكم مفهوم "الإنطلاقة الثورية" ، مما جعلها تتخذ من تجربة الثورة الصينية السند الأساس لاستراتيجية الحزب الثوري المغربي ، الذي يجب أن يتجاوز مسار بنائه العلاقة الجدلية بين العمل السياسي و عفوية الجماهير إلى العلاقة الجدلية بين العمل السياسي و العمل المسلح .

ففي أقل من سنة من التأسيس غيرت منظمة "إلى الأمام" منطلقات بناء الحزب الثوري المغربي بالتخلي عن مفهوم "الإنطلاقة الثورية" ، هذا البناء الذي يجب أن يتخذ مسارا جديدا مناقضا تماما للمسار الأول يستند إلى "حرب التحرير الشعبية" ، الذي تجاوز عفوية الجماهير عبر انتفاضاتها الشعبية إلى تنظيم الجماهير المسلحة ، مما يضع أمام الحزب مهمة تهييء الجماهير إلى الكفاح المسلح ، و شكل بناء "القواعد الحمراء المتحركة" في منظور المنظمة للإستراتيجية الثورية منطلقا أساسيا للحزب في تهييء الجماهير المسلحة ، انطلاقا من انتقادات المنظور الميكانيكي لمفهوم "الإنطلاقة الثورية" بعد دراسة التجارب الثورية الوطنية و العالمية "هذه الانتقادات التي تبلورت بشكل متكامل خلال نقاشات الندوة الوطنية التي شكلت حدا فاصلا في تطور تنظيمنا، بفعل الممارسة النقدية الشاملة لممارساتنا السابقة. هذه الانتقادات مكنتنا من استخلاص آفاق استراتيجية جديدة تمكن من رؤية أوضح للطريق الثوري لكفاح الجماهير والتخلي نهائيا عن مفهوم "الانطلاقة الثورية" في اجتماع يناير للجنة الوطنية. وهكذا برزت فكرة القواعد الحمراء المتحركة باعتبارها الاستراتيجية التي تنبع من التحليل الملموس لواقعنا الوطني والدولي ومن دراسة التاريخ النضالي للشعب المغربي والتجربة الغنية لثورات الشعوب." كما جاء في الوثيقة.

و اعتبرت منظمة "إلى الأمام" أن فكرة القواعد الحمراء المتحركة لا يكفي لتحقيق الثورة المغربية حيث طرح أمامها كيفية إشراك الشعب كله في حرب التحرير الشعبية ، و أمام نظام رجعي مستبد تسانده الإمبريالية العالمية يعمل على سحق الإنتفاضات الشعبية بالحديد و النار و انطلاقا دراسة تجارب الإنتفاضات الشعبية الفاشلة بالمدن و البوادي المغربية ، أكدت المنظمة على أن فكرة "حرب العصابات" غير ناجعة في ظل الشروط الذاتية و الموضوعية للثورة المغربية "ففي مثل هذه الشروط فإن تكتيك حرب العصابات المتنقلة يفتقد الظروف الموضوعية لنجاحه، فوجود حكم رجعي مركزي من جهة واستعداد الإمبريالية للتدخل للدفاع عن مصالحها من جهة أخرى سيحد من فعاليتها ." كما أكدت الوثيقة. و استندت في ذلك إلى تجرب الثورة الصينية التي اعتمدت في استيلائها على السلطة على تاكتيك القواعد الحمراء المتحركة في دفع الجماهير نحو الحرب الشعبية الشاملة ، و عبر هذه القواعد يتم تأسيس الجيش الأحمر من الفلاحين و العمال و الجنود الثوريين بعد تدمير أجهزة النظام العسكرية و الإستيلاء على السلطة " ولا ننسى أن اتنفاضات الفلاحين في الصين في السنوات 27 – 1928 هي التي خلقت الكتائب الأولى للجيش الأحمر في الصين. إن هذه القواعد الحمراء المتحركة تختلف عن مناطق السلطة السياسية الحمراء في الصين، تلك التي تحدث ماوتسي تونغ عن إمكانية استقرارها واستمرارها في مقال "لماذا يمكن أن تبقى السلطة السياسية الحمراء في الصين؟". كما جاء في الوثيقة.

و تشكل العلاقة الجدلية بين الإنتفاضة الشعبية بالمدن و حرب التحرير الشعبية بالبوادي السند الأساسي لتغيير منظور منظمة "إلى الأمام" للإستراتيجية الثورية ، انطلاقا من العلاقة الجدلية بين التجربتين الروسية و الصينية في العلاقة بين الإنتفاضة الشعبية و حرب التحرير الشعبية ، باعتبارهما شكلين لثورتين عالميتين متناقضتين متكاملتين ، في العلاقة بين الحرب النظامية و حرب القواعد الحمراء المتحركة ، في العلاقة بين السرية في العمل السياسي و العلنية في العمل الجماهيري ، في العلاقة بين العمل السياسي و العمل العسكري ، في العلاقة بين الإستراتيجية الثورية و بناء الحزب الثوري المغربي.

لقد استطاعت منظمة "إلى الأمام" في أقل من سنة من تأسيسها تحديد الطريق الثوري للثورة المغربية التي يشكل فيها بناء الحزب الثوري المغربي مهمة أساسية لمنظمة الثوريين المحترفين ، و لم تغفل المنظمة قوة العدو الطبقي المتمثل في الأوليغارشيا الكومبرادورية و المدعوم من طرف الإمبريالية عالميا ما جعلها تغير استراتيجيتها الثورية بسرعة فائقة حتى يتخذ البناء الحزبي الثوري مساره الصحيح ، و التي طرحتها للنقاش مع تيارات الحركة الماركسية اللينينية المغربية الأخرى كشكل من أشكال العمل السياسي الجماعي بين الفصائل ، إلا أن الإعتقالات التي مست منظمة "23 مارس" حالت دون تحقيق النقاش الجماعي و بلورت الخلاصات الجماعية ، و ساهم انهيار مناضليها أمام آلة القمع البوليسية على امتداد الإعتقالات إلى صفوف منظمة "إلى الأمام" بعد بروز الإستراتيجية الثورية الجديدة ، مما وضع أمام المنظمة و بإلحاح شديد مهمة بناء الحزب الثوري المغربية الكفيل ببلورة الإستراتيجية الثورية الجديدة في أرض الواقع.

في الوقت الذي شن فيه نظام الأوليغارشيا الكومبرادوري حربه العشواء ضد الماركسيين اللينينيين من أجل تدمير منظماتهم الثورية ، قامت المنظمة بمراجعة عملها في السرية عبر إصدار وثيقة "لنبني الحزب الثوري تحت نيران العدو" التي اشتملت على قواعد مواجهة القمع البوليسي الشرس ، و اختلفت الآراء حول مواجهة هذا الوضع الخطير على المنظمة الثورية مما جعلها تستند في موقفها الجديد للممارسة السياسية على دراسة تجارب المنظمات الماركسية عالميا ، بدءا بموقف الحزب البلشفي خلال فترة الأزمة من 1907 إلى 1901 الذي اعتبر ارتباط الحزب بالجيش أمرا لا مناص منه في كل الظروف و في أقصاها قسوة ، مرورا بموقف الحزب في أزمة 1921 بعد الحرب الأهلية الذي يرتكز إلى "قيادة المعارك الدفاعية للبروليتاريا" و تنميتها و تطويرها إلى "معارك سياسي من أجل الهدف النهائي" في مواجهة الإمبريالية ، وصولا إلى موقف المناضلين الثوريين من الحزب الشيوعي الصيني في 1929 المرتبطين بالجيش و موقف الحزب الشيوعي الألباني في 1941 و تأكيده على الإلتحام بالجماهير ، وصولا إلى تجربة الحزب الشيوعي الفيتنامي في مواجهة القمع و الإعتقالات و القتل خلال الحرب ضد الإمبريالية.

تشكل دراسة هذه التجارب الثورية العالمية سند منظمة "إلى الأمام" في بلورة مفهوم البناء الثوري للحزب الماركسي ـ اللينيني "تحت نيران العدو" الذي يرتكز إلى محاربة الإنطواء في صفوف مناضليها و الإنعزال عن الجماهير، إنسجاما مع أسس بلورة الإستراتيجية الثورية الجديدة في أوساط الجماهير في علاقتها ببناء الحزب الثوري المغربي و حددت لذلك مبدأين أساسيين :

1 ـ أن الجماهير هي التي تصنع تحت القيادة السياسية و الإديولوجية للبروليتاريا.

2 ـ هذه القيادة يحققها الحزب الماركسي-اللينيني, كنواة قائدة للطبقة العاملة والجماهير الثورية.

و خلصت المنظمة إلى أهمية العلاقة الجدلية بين القيادة السياسية و الممارسة البروليتارية في العلاقة بين القيادة و الجماهير الشعبية التي تنبثق منها هذه القيادة و باستمرار" ليس هناك "قادة" يمتازون بامتلاك المعرفة ويقدمونها للمناضلين ونستنتج أيضا أن تكوين منظمة ماركسية-لينينية في قلب نضال الجماهير وفي قلب ممارستها الثورية هو وحده الذي يسمح, حتى من خلال هجمات العدو, بإعداد خط سياسي صحيح يدفع بدوره إلى بروز مقاتلين جدد وكوادر ثورية جديدة من وسط هذه الجماهير. كما جاء في الوثيقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر سويسرا.. عملية السلام من دون روسيا لا يمكن أن تستمر| #


.. واشنطن تحذر.. هجمات حزب الله شمالي إسرائيل قد تؤدي لحرب -غير




.. الجيش الإسرائيلي: استدعينا مقاتلين برا وجوا لمنع اختطاف جثث


.. محتجز إسرائيلي أنقذ من غزة يدعو حكومته إلى التوصل لصفقة تباد




.. الحجاج ينفرون من عرفات إلى مشعر مزدلفة بعد أداء ركن الحج الأ