الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتجاهات الريح الأمريكية القادمة

ثائر دوري

2004 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


لبرهة من الوقت بدت سماء العلاقات السورية – الأمريكية .، السورية – الإيرانية صافية و تنبأ بعضهم بحلول فصل الربيع . لا بل أكد بعضهم أنه رأى سنونوات في الأفق مبشرة بقدوم هذا الربيع الذي طال انتظاره من أطراف كثيرة في الداخل و الخارج .
برزت مؤشرات كثيرة على الربيع القادم أهمها انضواء البلدين ، سوريا و إيران ، تحت السقف الأمريكي عبر مشاركة البلدين في مؤتمر شرم الشيخ ، ثم في اجتماع دول الجوار العراقي في طهران و الذي كانت مهمته الوحيدة البحث عن وسيلة ناجعة لضمان أمن قوات الاحتلال الأمريكي في العراق بعد أن سلخ المقاومون جلودها . ثم تكاثر الحديث عن احتمالات إيجاد تسوية في الصراع العربي الصهيوني بعد أن تحركت عجلة المفاوضات على المسار الفلسطيني و بروز مؤشرات على هذا لأمر على المسار السوري . ثم بدأ مبارك جولة لإقناع المترددين و إقناع الذين يحبون ممارسة معصية العلاقة مع الكيان الصهيوني في الخفاء بأن العلن صار أفضل لأن رقصة التسربتيز ليست معيبة في الأخلاق الغربية .
لكن العارفون بأحوال الطقس و تبدلات الأنواء كانوا متأكدين أن الجو شتاء و إنه ليس لهذه السماء الصافية ما يبررها لا سيما و أن الإمبراطورية الأمريكية تغوص في وحول مستنقع المقاومة العراقي حتى الرقبة و باتت مهددة بالاختناق مما يجعل أمريكا وحشاً جريحا ، و الوحش الجريح هو الأخطر لأنك لا تستطيع توقع سلوكه الذي ينتفي منه المنطق مما يجعله الأقدر على ارتكاب حماقات لا تدخل بالحسبان كأن يبطش باليد التي تمتد لإنقاذه ( هل نذكركم بيد خاتمي الممدودة لإنقاذهم من المستنقع العراقي ) !!
يضاف إلى العوامل التي تجعل السماء الصافية في المنطقة وهماً صرفاً أن الملف النووي الإيراني لم يحسم بعد ، و سلاح حزب الله مازال على حدود الكيان الصهيوني ، و المقاومة الفلسطينية ترد الصاع صاعين للكيان الصهيوني . إذاً لم يكن هناك ما يبرر هذه السماء الصافية في عز الشتاء .
وحدث الأمر الذي كان منتظراً فخلال يوم أو يومين تبددت كل أوهام الربيع المنتظر ، فتجمعت سحب قاتمة ثقيلة في سماء العلاقات بين سوريا و إيران من جهة و أمريكا و وكيلها الإقليمي الأكبر ، النظام المصري .
تابعوا معنا نوعية هذه الغيوم و بعضها من النوع الذي لم تعهده المنطقة من قبل إلا في أوقات الأزمات الشديدة . مما يدل على نقلة جديدة في الاستهداف الأمريكي لسوريا و إيران .
1- فجر النظام المصري قضية تجسس ضد إيران في وقت لا يخطر على البال ، لا سيما أنه أفرج قبل أيام عن الجاسوس الصهيوني عزام عزام في صفقة أثارت استهجان مجموع المصريين و الفلسطينيين و العرب ، بمن فيهم أهالي الطلاب الذين بودل الجاسوس بهم .و معلوم للجميع الدور الذي يلعبه التأزم الإقليمي عند استهداف الأنظمة ،كما حدث في تجربة العراق السابقة خلال عام 1990 و ما تلاها من سنوات الحصار الذي كان يمر دوماً من دول الإقليم المؤتمرة بأوامر النظام الأمريكي . حتى يمكن استخلاص قانون مفاده أن ضرب أية دولة أو استهداف أي نظام في الإقليم يمر من بوابة النظام المصري . فالنظام بخير طالما علاقاته مع النظام المصري بخير فإن استهدفته أمريكا تبدأ بتأزيم علاقاته مع النظام المصري الجاهز دائماً و أبداً لهذه المهمة باعتباره أهم الوكلاء الإقليميين . بالطبع بعد الكيان الصهيوني .........
2- حذر ملك الأردن عبد لله الثاني في حديث لصحيفة أميركية من خطر هلال شيعي يمتد من إيران عبر العراق إلى سوريا و لبنان و بالطبع يشمل هذا الهلال الأقليات الشيعية في دول الخليج العربي . وهذا التصريح فيه تجاوز للغة السياسية التي اعتادت الأنظمة العربية التحدث بها . لأن هذه الأنظمة تمارس كل الرذائل سراً و تتكلم عن الفضيلة و الشرف علناً ، تمارس الطائفية و الإقليمية و العشائرية لكنها تتحدث علناً عن القومية و العروبة و الإسلام . أما الآن و مع مشروع الديمقراطية الأمريكية الجديد فقد صار الحديث عن المذاهب و الأديان من الأمور المباحة . بل و المطلوبة فلا مانع لدعاة الديمقراطية على الطريقة الأمريكية أن يصنفوا الدول إلى شيعية و سنية !!! أما كيف سيتطابق هذا مع حقوق المواطنة ، التي يجب أن تشمل الجميع بغض النظر مع مذاهبهم و أديانهم فهذا من عجائب الديمقراطية الأمريكية و من عجائب دعاتها .
كما أن هذه اللغة الطائفية الضيقة تذكرنا بأزمنة الحروب حيث كل الأسلحة مباح استخدامها في حروب أمريكا فهل أعلنت أمريكا الحرب ضد إيران ......... !!
3 – عادت لغة الاتهامات ضد سوريا بتمويل و تسهيل و احتضان المقاومة العراقية في الفلوجة و غيرها . و معلوم أن سوريا قدمت تنازلات لا تحصى في هذا الملف باعتراف الأمريكان أنفسهم . لكن الياور من واشنطن ( من واشنطن ) يصر على اتهامها مع إيران بدعم المقاتلين . و يتبعه موفق الربيعي ، الذي اكتشفنا بواسطة تصريحاته أنه مازال حياً فيعلن عن وجود أدلة على الدعم السوري للمقاتلين لكنه لم يقدم أدلته بعد . و بعد أيام أكمل باول اسطوانة تسلل المقاتلين من الحدود السورية ناقضاً تصريحات سابقة له .
و لم يراع من ردد هذه الاتهامات أبسط قواعد المنطق فإذا كانت سوريا متهمة بإقامة هلال شيعي فهذا أمر يتناقض مع دعمها مقاومة متهمة بأنها سنية .......!! !!!!
و هكذا اكتملت دائرة التصعيد الإقليمية ضد سوريا و إيران . من نظام مبارك الذي فجر الأزمة ، و هو يتوسط لدى الكويت لتقيم علاقات دبلوماسية مع شارون ليظهر بوضوح أن أمريكا تسمح للأنظمة العربية بالتنسيق و التعاون فقط في خدمة المشروع الأمريكي . إلى عبد الله الثاني الذي أعلن أن كل الأسلحة الطائفية و العشائرية يمكن أن تستخدم في حروب الولايات المتحدة وصولاً إلى تصريحات أطراف الحكومة الأمريكية في بغداد . ثم تصريحات باول التي جاءت في نفس اليوم الذي تم به تسريب خبر اجتماع على أعلى المستويات لدوائر ذات صلة بالبنتاغون لمناقشة خطة ضرب إيران ، حيث تمت مناقشة تفصيلات كبيرة و صغيرة من قبيل ضرب معسكرات الحرس الثوري و المنشآت النووية وصولاً إلى الزحف على طهران من خمس جهات و تنصيب حكومة صديقة ((عميلة )) فيها .
في جو شتائي لا ينقصه سوى بعض الرعد و البرق حتى تنهال العواصف فتتبخر أوهام الذين لا يقرؤون السياسة في الوطن العربي و إيران ، و الذين حسبوا من الأيام المشمسة التي تلت شرم أن الربيع قادم .........
قلنا في مقالة سابقة إن سياسة تقديم التنازلات للغرب بئر لا قاع لها و أن المجابهة و التحدي و دعم المقاومة هو الذي يقدم طريق الخلاص للأمة . أما التعلق بأوهام من قبيل تسويات مع الأمريكان أو تقاسم مناطق النفوذ معهم ، أو مراعاة مصالحهم فهذه أوهام بالغة الخطورة و قد كانت السبب في إبادة الهنود الحمر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة