الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعادة توزيع الثروة

أيمن الدقر

2004 / 12 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الإنسان هو الهدف الأسمى في كل بلدان العالم، مهما اختلفت النظم السياسية اشتراكية أم رأسمالية، وهو الاستثمار الأضمن والأول، ومن تنشئته الصحيحة وإعداده تنطلق الاستثمارات الأخرى لأنها بطبيعة الحال من صنعه، ويقاس مدى نجاح أو إخفاق تلك الاستثمارات بمستوى إعداد المستثمِر والمتلقي لها، وكلاهما الإنسان ذاته.
وفي الحقيقة إن الإنسان لايُعَد ولايستَثمَر على النحو المطلوب لبناء الأمم التي تشكل دولاً ناجحة على كل الأصعدة إلاّ إذا كان توزيع الثروة بين الناس عادلاً، فالمال يجب أن لا ينحصر في جيب جهة معينة ويحجب عن الآخرين، أو يجتمع بيد أقلية على حساب الأكثرية، وقد كان موضوع إعادة توزيع الثروة في سوريا محصوراً في السابق بطرق وجدتها الحكومة آنذاك مجدية، والتي نتجت عن ظروف ذلك الوقت، حيث كانت محاولة التوزيع تتم عن طريق تأميم المعامل القائمة، وإنشاء معامل جديدة تنتج وتستوعب الأيدي العاملة فيها، وعن طريق توزيع الأراضي على الفلاحين وفقاً لقانون الإصلاح الزراعي، الأمر الذي أدى إلى استيعاب العمالة بشكل واسع، وبالطبع فقد أنتج هذا بدوره(أحياناً) ضعفاً في بنية القطاع العام عندما شكلت الرواتب والأجور(مثلاً) كتلة نقدية ضخمة أصبحت عبئاً اقتصادياً إذا ماقورنت بالمحصلة المادية للإنتاج، وهذه الكتلة أنتجت حالة من عدم التوازن الاقتصادي، كذلك ظهر مع الزمن مشكلات اقتصادية جديدة تراكمت، وإضافة إلى المتغيرات الإقليمية والدولية، أدى كل هذا إلى التفكير بإيجاد حل لهذه المشكلات يتمثل بالانخراط في التكتلات الاقتصادية الكبيرة إذ لم يعد باستطاعة أي دولة في العالم الآن البقاء منفردة وبعيدة عن تلك التكتلات، خاصة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية في العالم ودخول دولها اقتصاد السوق.
إذن فالحل أن تقرر سوريا كغيرها من البلدان الانخراط في اقتصاد السوق أيضاً، الأمر الذي سينهي بدوره بعض المشكلات التي تعاني منها، كما أنه سيجعل القطاع الخاص يؤدي دوراً أكبر بكثير مما كان عليه خلال أكثر من أربعين عاماً مضت، وهذا بالنتيجة يعني أن كتلاً نقدية ضخمة سوف تجتمع وتجتذب من سوق العمل أعداداً كثيرة من العاطلين عن العمل، لاستيعابهم في مشاريع صناعية وتجارية قادمة، ولكن.....
هل يمكن حل مشكلة البطالة (مثلاً) وتدني الأجور من خلال ذلك الاجتذاب فقط؟ أم أنه يمثل حلاً جزئياً عند البعض؟
ماذا سيفعل المتقاعدون(مثلاً) أو الذين لن يجدوا عملاً لهم ضمن هذه الحالة الجديدة؟ ماذا سيفعل الذين لايملكون خبرات يطلبها السوق؟ ماذا ستقدم الحكومة لهؤلاء الذين من الممكن تسميتهم(إن صحت التسمية) بالمتضررين من النظام الاقتصادي الجديد؟ وبشكل أوضح يكون السؤال: ما الخطط الحكومية لإعادة توزيع الثروة بعدالة بين الناس؟ وما الخطط والبرامج الموضوعة لذلك كي لاتبقى تلك الثروة حكراً على مجموعة دون أخرى؟ صحيح أن الحكومة رفعت يدها الآن عن أغلب الصناعات وسمحت للقطاع الخاص بالعمل في مشاريع سبق أن حجبتها عنه ولكن هل يتوقف دورها هنا؟
إن دور الدولة في إدارة اقتصاد السوق أمر ضروري يبدأ من وضع القوانين الناظمة، كقانون للتجارة يكون عصرياً ومتطوراً، يحدد طرق وأساليب العمل التجاري التنافسي، وانتهاء بإيجاد قانون ضريبي عادل، يحقق المنطق بين الضريبة والدخل، ويلغي هدر مليارات الليرات السورية الهاربة من الضريبة، والحصيلة زيادة في دخل الخزينة تكون مؤدية بدورها إلى رفع مبالغ(الإنفاق الحكومي للخدمات) وبناء نظام ضمان صحي يستفيد منه كل مواطن، ونظام رعاية اجتماعية متطور، وإيجاد فرص عمل جديدة للناشئة وللذين لايمتلكون الخبرات اللازمة لسوق العمل، باختصار نحن بحاجة إلى شبكة رعاية اجتماعية تحمي المواطنين تحت سقف القانون، كي يبقى المواطن يعيش بكرامة، فالوطن هو الناس القابعون فوق أرضه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي