الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يشبهوننا في حزن الأمهات

حافظ آل بشارة

2011 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


يشبهوننا في حزن الامهات / حافظ آل بشارة
بدأ موسم دراسي جديد في الجامعات ، تتفجر في اعماق الروح ذكريات حميمة ، عنفوان الشباب والأمل والغضب ، حشد من الأصدقاء ، حشد من الاعداء الاديولوجيين المحبوبين يملأون نادي الكلية وحدائقها نقاشات لا تنتهي ، دائرة مناظرات ساخنة تتقافز فيها اسماء المفكرين والشعراء والفلاسفة من كل مشرب ، دائرة نقاشات لا تنقضي من شباب الشيوعية المثقفين يقابلهم شباب الحركة الاسلامية المثقلين بالحزن والفاجعة والترقب ، فريقان من الاصدقاء والصديقات المثقفات القويات الشخصية اللواتي لا نرى مثلهن اليوم ، شوط متواصل من المعارك الكلامية على طاولات الاستراحة وخليط الشاي والحلوى وسجائر السومر والاقسام الداخلية ، الاسلاميون والشيوعيون ، ذلك الحب ، ذلك الصفاء ، تناقض فكري نشيط ومذهل من اقصى الالحاد الى اقصى التصوف ، ومن اقصى سلطة البروليتاريا الى اقصى ولاية الفقيه ، بالحادهم الشبابي الضاحك المبني على المقولات الجاهزة المحبوكة بعناية والمعلبة مع حججها البرهانية ومغالطاتها الشهيرة ، نحب نقاشاتهم لانها تشحذ همم الفريق المقابل ، نترك دروسنا ونذهب دائخين متوترين بين المكتبات لنغترف الردود المضادة ونرتب افكارنا ونحبك مشروع مناظرة جديدة ونأتي في الصباح معبأين بالجدل العقيدي الذي ما ان اضأنا منه زاوية حتى اكتفشنا الف زاوية يلفها الظلام ، ولم تستمر تلك الحياة الحافلة بالنقاش والاكتشاف على اعلى المستويات ، فقد برز لنا فريق المتربصين من الطلاب البعثيين الذين هم شرطة أمن سري ، كانت أسماؤنا تدرج في تقاريرهم التي تضع الاسلامي والشيوعي في مربع واحد اسمه اعداء الحزب والثورة ، نتشابه مع الشيوعيين في الشاي والسجائر وقراءة المصادر والتحضير لمناظرات جديدة ، نشترك معهم في صفتنا كصيد ثمين في قبضة كلاب الصيد القمعي من زملاءنا ، نشبههم تماما عندما نودع مكبلين معصوبي الاعين في سيارة (اللاندكروز) الشهيرة ذات الزجاج المظلل التي تقف عند باب الكلية كل ظهيرة ، نشترك معهم ايضا في مساحة الزنزانة (2 في 2) وفي طريقة الاعدام كل منا يرتقي المشنقة هاتفا بأسم امامه ، ونشترك مع اؤلئك الأخوة عندما يخلعون منا ملابس الجامعة ونلف بعد اجراءات الاعدام بخرق وسخة ونلقى في مخزن الجثث في دائرة الطب العدلي وهو غرفة غير مبردة (2 في2) ويأتون اباؤنا بحثا عن الجثث ، آباؤنا وآباؤهم متشابهون كل منهم يعتمر العقال ويرتدي الصاية وقد تلثم بيشماغه علامة الفاجعة واحتقنت عيناه لانه يرفض البكاء امام امهاتنا نحن الاثنين ، أمهات متشابهات في لون (الجرغد) والفوطة والعباءة ورائحة القرنفل ، متشابهات والطين على رؤوسهن علامة الذهاب لدفن عزيز خرج من الكلية ولم يعد ، نتشابه في طريقة شد توابيتنا الهادئة على ظهور السيارات. ذكرى بعيدة ودمعة ساخنة لارواح الشهداء الجامعيين في العراق بكل مشاربهم ، لماذا لا يذكرهم أحد كم هي تكلفة باقة ورد حمراء ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس التنفيذي لدائرة الحلول منخفضة الكربون في -أدنوك-: أسو


.. الجزيرة ترصد مبنى الشركة المتهمة بتصدير أجهزة البيجر التي ان




.. الإعلام الإسرائيلي يناقش تداعيات اغتيال القيادي بحزب الله ال


.. تصعيد إسرائيلي ضد حزب الله.. هل نشهد غزة جديدة في بيروت؟ | #




.. الرئيس التنفيذي لدائرة الحلول منخفضة الكربون في -أدنوك-: نست