الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكى نمارس النقد العلمى: يتحتم أن نتخلى عن سكوننا الراهن.. ونتحلى بالحركة الهادفة

لجنة التضامن الفلاحى - مصر

2011 / 10 / 19
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


تنهال بشكل غير مسبوق- على صفحات الصحافة الورقية والإلكترونية- سيول من الآراء والتقديرات لكتاب وبحاثة ومفكرين وسياسيين يساريين وديموقراطيين حول اندلاع الثورات العربية ومساراتها ومآلها؛ ولا شك أن الكثير منها يستهدف ترشيدها والوصول بها إلى نتائج تشكل مقدمة حقيقية لنهوض شعبى منظم يحقق التقدم والعدالة والحرية واستعادة الكرامة والهيبة المفتقدة.
ولأن كثيرا منها بأقلام نخب متفاوتة التلاوين.. فمن الطبيعى أن تتباين رؤاها رغم النوايا الحسنة التى تغلفها والأهداف المشتركة التى تجمعها.
وحيث اطلعت على مقال منها للصديق مصطفى الجمال على موقع الحوار المتمدن بعنوان " الثورات العربية .. وأمراض اليسار العربى الخِلْقية والمكتسبة (1)" الذى أثار لدى ملاحظة نقدية أثابر على الحديث بشأنها خلال السنوات الأخيرة بالذات بعد اندلاع الثورات العربية { أنظر مقالنا بعنوان" فى مصرنا ..الأهم هو صوت الحشود.. لا فعلها " على الحوار المتمدن فى 20 يونيو 2011 العدد 3402 }http://www.ahewar.org/m.asp?i=1625
التى تتعلق أولا بمنهج الكتابة النقدية ؛ وثانيا بالتحقق العملى لكتابات اليساريين فى الواقع وأنا منهم بالطبع.
ولكى أكون محددا ودقيقا أذكّر بحقيقة علمية معروفة فى علوم الرياضيات والفيزياء.. فربما تساعدنى فى تقريب الفكرة وتمثلها فى المجال الاجتماعى، وتتلخص تلك الحقيقة العلمية - التى هى إحدى مفردات " ميكانيكا الكم- كوانتم ميكانيكس"- فيما يلى :
لقياس سرعة جسيم متحرك..لا بد من استخدام جسيم أوجسيمات متحركة أخرى ( تكون مقاربة له فى السرعة) ؛ حيث لا يمكن أن يتم القياس باستخدام جسيم ساكن .. ولذلك يتم توجيه عدة جسيمات إليه ( من المنطقى أن يكون بعضها أقل سرعة منه وبعضها الآخر أكثر سرعة منه والبقية مقاربة له فى السرعة ) ومن خلال عمليات حسابية معقدة للنتائج التى تحددها الأنواع الثلاثة من الجسيمات يتم تقدير سرعة الجسيم المذكورعلى وجه التحديد.
وبإعمال هذه الحقيقة العلمية وتطبيقها على ما يدور فى المجتمع سوف ندرك أن قدرة كتاب النخب على تلك القراءة عادة ما تكون معرضة للخطأ .. ناهيك عن خطرها إذا ما أجمع أو تشابه كتاب نخبة بعينها على قراءة أو تقدير ما .
وذلك لأن الأغلبية العظمى من تلك النخب عادة ما تكون فى أوضاع ساكنة - مقارنة بنشاط الشعب الكفاحى- لأنها ليست منخرطة فيه ولا تملك صلات حية دائمة به وهو ما يلمحه أى مراقب بمجرد إلقاء نظرة فاحصة على مجمل الحركة الشعبية فى البلدان العربية وعلى صلات النخب المختلفة بها ؛ مع الوضع فى الاعتبار بأن الصلات الحية الدائمة التى أعنيها هى الصلات العضوية الكفاحية وليس صلات المشاهدة " والفرجة " أو حتى صلات التواجد الجسدى فاقد البصيرة والحس؛ فهناك من الحقائق والبديهيات ما ظلت غائبة عن الغالبية الساحقة من النخب المصرية التى تعلن ليل نهار تمثيلها لبعض قطاعات الشعب وتتمسك بأنها ممثلتها والمعبرة عن طموحاتها .. وعليه فإن ما تعلنه وتتمسك به وتدعى تعبيرها عنه يتعارض مع بديهيات وحقائق موجودة فى تلك القطاعات الشعبية ويفضى بالتالى إلى قراءات خاطئة تترتب عليها نتائج مماثلة.
وعليه فلا قراءة لحركة شعبية مضطرمة يمكن الوثوق بها( أى بالقراءة ) دون قارئ مدقق متفحص مرتبط بها وممسك بتفاصيلها وتضاريسها وهو ما ينطبق على نخبة حقيقية تستحق تلك التسمية، فالنخبة- فى سياقنا هذا- وبناء على التعبير اللغوى السياسى هى الممثل الفكرى للقاعدة الشعبية فى الإلمام بأوضاعها وبمساراتها وطموحاتها وغاياتها بل وفىكثير من الأحيان بالأدوات الموصلة لها.
صحيح أنها تختلف عن القاعدة الشعبية فى قدر أوسع من الثقافة والمعرفة والإلمام بالقوانين الموضوعية والذاتية التى تحكم حركة المجتمع وبأدوات التحليل والتنبؤ التى لا تمتلكها القاعدة الشعبية .. وهو ما يكسبها ويساهم فى تسميتها بهذا الاسم.
والنخبة الحقيقية ليست كحبيبات الدهن ( القشدة ) التى تتجمع بعملية الخض و الرج على سطح إناء اللبن لأن عملية الخض تفصل حبيبات الدهن عن بقية مكونات اللبن ومن ثم تعلو سطحها مكونة القشدة بينما تبقى فى القاع أغلبية السائل بمسمى جديد هو " الخض أو الشِرْش ".
وعليه فالقشدة ( الدهن ) ليست ممثلة للبن بل هى إحدى مكوناته التى لا تتشكل – ولا يمكن تسميتها بهذا الاسم – إلا بالانفصال عنه.
وعليه فالنخبة وإن كانت جزءا من الشعب ليست هى الحركة الشعبية إلا بمقدار ارتباطها العضوى -أو فى بعض الأحيان- شبه العضوى بهذه الحركة. لذلك فالكتابات "التشخيصية والتنبئية والعلاجية" لأوضاع الحركات الشعبية فى المجتمعات العربية وكذا الكتابات النقدية فى بلادنا تفتقر أولا: للإلمام بتفاصيل ومفردات الحركة فى آنيتها وصيرورتها؛ وثانيا :لإدراك حقيقة المنابع التى انبثقت منها وأوزانها النسبية ؛ وثالثا: للمآل- التقريبى أو المحدد- الذى ينتظر هذه الحركة والنتائج التى تسفر عنها.
لذلك فإن ما تذكره المقالات البحثية والنقدية فى مجالنا هذا تبقى مجرد تقديرات لا تكتسب وزنها إلا من عمق صلة كتابها بالحركة النضالية الحقيقية فى المجتمع وهذا ما يعطى هؤلاء الكتاب والبحاثة والنقاد صفة النخبة الحقيقية ؛أو صفة قشدة اللبن؛ أو صفة زبد الماء..
خلاصة القول أن فارقا واسعا يفصل بين النخب المناضلة والنخب المثقفة وبالتالى بين كتابتيهما.
ولا يمكن لنخبة تتجاوزها جموع الشعب من أن تحظى بهذا الإسم ما لم تتنبأ بما يجرى فى أحشاء المجتمع وبما يحدث بين صفوفه قبل أن يحدث؛ وما لم تشخص وتنصح بما يجب على الحركة الشعبية اتباعه .. فى ظروف بعينها ؛ وما لم تكتشف قوانينها وآلياتها .. ومن ثم نتائجها التقريبية أو المحددة . وهنا لا يمكن للنخب اليسارية فى أوساط الجماهير فى البلدان العربية أن تكون نخبا بالمعنى العلمى والنضالى؛ ولا يمكن للجماهير أن تحيطها بسياج يحميها من البطش إن لم " تتحلى " بكل الشروط والمقومات التى سبق ذكرها .. وإن حدث- استنادا إلى وعى جماهيرى محدود فى بعض اللحظات- فالنتائج ستكون وخيمة نظرا لأنها تحمى نخبة تفتقر لمضمون القيادة الحقيقية فتصبح القشرة الصلبة التى تشكل ذلك السياج كالقبضة التى تمسك بالهواء لا بجسم صلب .. كما ذكر صديقنا مصطفى الجمال فى البند الخامس من مقاله المشار إليه..
ومن هنا فلا يمكن الحديث عن النخب المصرية كشئ واحد.. ولا حتى فى أوساط تيار سياسى أو فكرى بكامله ، ولا يمكن استخدام لفظ النخبة بهذا الشكل الفضفاض؛ بل ولا يمكن استخدامه فى الحديث عن قيادات تيارات فكرية متنوعة أو متعارضة وهذا وجه القصور فى مقال صديقنا العزيز..
علما بأن حديثنا هذا يقتصر على النخب التى تسعى لنقل المجتمع إلى الأمام مستهدفة حريته ومدنيته وعدالة معاييره فضلا عن تحديثه وتطويره وامتلاكه لإرادته بعيدا عن التمييزوالتفرقة بين أفراده وإعادته إلى القرون الوسطى ؛ أو إلحاقه بركب المحافظين الجدد من صهاينة العصر الحديث وأتباعهم والمتحفزين لتلبية إشارة واحدة منهم .

بشير صقر الأربعاء 19 أكتوبر 2011

لجنة التضامن الفلاحى – مصر










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام