الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرس حرية الأسرى وتهافت المشككين

عليان عليان

2011 / 10 / 20
القضية الفلسطينية


يعيش الشعب الفلسطيني ومعه أبناء الأمة العربية حالة من الفرح الممزوج بالألم ...الفرح لأن أكثر من 1000 أسير فلسطيني تنفسوا هواء الحرية بعد سنوات طويلة وعديدة في سجون الاحتلال... والألم لأن الآلاف منهم لا زالوا يقبعون في دهاليز سجون العدو وزنازينه الرطبة.
وفي الوقت الذي يتابع فيه الشعب الفلسطيني بسعادة بالغة الإفراج عن الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم، ويقيم احتفالات بتحريرهم في مقر المقاطعة برام الله، وفي ساحة الكتيبة بغزة بمشاركة جماهير الشعب الفلسطيني وذوي الأسرى، وكافة فصائل المقاومة.
وفي الوقت الذي رحب فيه رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أبو مازن بالصفقة بعد إطلاعه على تفاصيلها، من قبل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، ورحبت بها قيادات في منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية واعتبرتها إنجازاً هاماً للشعب الفلسطيني يتكامل مع الإنجاز السياسي الأخير في الجمعية العامة.
وفي الوقت الذي رأت الفصائل الفلسطينية"الجهاد ،فتح، الشعبية، الديمقراطية، التحرير الفلسطينية، حزب الشعب، والمبادرة وغيرها في الصفقة انتصاراً لنضالات الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة، واعتبرتها خطوة لتحرير كافة الأسرى الذين يخوضون معركة التحدي والكرامة بأمعائهم الخاوية منذ السابع والعشرين من شهر أيلول الماضي لاسترداد الحقوق التي حققوها بالدم والمعاناة.
في هذا الوقت ذهب البعض القليل جداً المتربع في مواقع حساسة- ولحسابات ضيقة- إلى الطعن في صفقة تحريرهم، وهم بهذا الطعن أرادوا بقصد أو بغير قصد الإساءة لعرس الحرية الذي يلف عموم فلسطين من نهرها إلى بحرها في القدس والضفة الغربية وفلسطين المحتلة منذ عام 1948، وقطاع غزة ، ويلف الشتات الفلسطيني والوطن العربي عموماً.
لقد استند هذا البعض في طعنه بالصفقة من زاوية الزعم( أولاً) أنها تستهدف تحويل الأضواء عن تصاعد التأييد الشعبي للرئيس محمود عباس بعد حملته للحصول على عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، ملمحاً أن ( إسرائيل) وحماس خططا لذلك لإحراج السلطة الفلسطينية.
( وثانياً) من زاوية أن توقيت الصفقة سرق الأضواء عن إضراب الأسرى، وأنه كان يجب تأجيلها حتى انتهاء الإضراب وتحقيق مفاعيله ومطالبه.
كما استند في طعنه بالصفقة إلى الزعم أن المفاوض الفلسطيني تنازل عن بعض شروطه ومطالبه التي كان يطرحها إبان حكومة العدو الصهيوني في عهد يهودا أولمرت ،وأنه تخلى عن مطلبه بتحرير القائدين الوطنيين البارزين احمد سعدات ومروان البرغوثي ، وأنه وافق على إبعاد أسرى خارج الوطن.
ولو أخضعنا التبرير الأول- بأنه يستهدف التقليل من شأن الحراك الذي يقوده الرئيس الفلسطيني في الأمم المتحدة في نظر الشعب الفلسطيني- للتمحيص نكتشف بدون طول عناء أنه مجرد سلوك كيدي غير مسؤول، ينظر للأمور من زاوية أنانية ضيقة، لا تمت بصلة للمصالح الفلسطينية العليا ويتجاهل حقيقة أن خطوة تحرير الأسرى، تتكامل مع الحراك الفلسطيني في الأمم المتحدة، وأن الخطوتين تصبان في خدمة تحقيق أهداف النضال العادل للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
ولو أخضعنا التبرير الثاني للتمحيص – بأن توقيت الصفقة يسرق الأضواء عن إضراب الأسرى-، فإنه لا يصمد أمام أي محاكمة علمية أو موضوعية لماذا؟؟
لأن التفاوض على الصفقة لم يتم في لحظة بدء الإضراب، بل بدأ قبل خمسة أعوام بوساطة ألمانية، ومر في مراحل مد وجزر واستمر حتى قبل حوالي أسبوع،وساعد في حسمه لصالح الأسرى المفاوض المصري بعد الثورة، إلى أن ظهرت اللحظة التاريخية ممثلة في رضوخ العدو الصهيوني لمطلب المفاوض الفلسطيني بالموافقة على إطلاق سراح الذين تلطخت- على حد وصفه- أياديهم بدماء 1200 إسرائيلي وغيرها من المطالب.
وغاب عن ذهن هذا البعض أن أي تلاعب بهذه "اللحظة التاريخية" الحاسمة وتوقيتها قد يؤدي إلى نتائج خطيرة ليست في مصلحة الأسرى، فلا أحد يضمن عمر شاليط، وإمكانية الاستمرار في إخفائه، ولا أحد يضمن عدم حدوث متغيرات في الكيان الصهيوني قد تدفعه للتراجع عن تنازلاته، ومن ثم فإن الإمساك باللحظة التاريخية أمر أساسي ورئيسي هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى فإن هذا "المبرر المزعوم متهافت، لأن الاحتفالات بتحرير الأسرى تظل متزامنة مع الحراك الجماهيري والإعلامي الموازي للإضراب، ناهيك أن الأسرى المحررين سيشكلون رافعة إعلامية للإضراب من خلال الشرح الذي سيقدموه لوسائل الإعلام العالمية عن معاناة الحركة الوطنية الأسيرة وحرمان آلاف الأسرى الفلسطينيين من ابسط الحقوق التي نصت عليها اتفاقية جنيف الرابعة.
وهذه اللحظة جاءت محصلة لعوامل متعددة أبرزها: إصرار المفاوض الفلسطيني على مطالبه، القدرة الكبيرة لحركة حماس في الحفاظ على سرية مكان احتجاز شاليط في بقعة ضيقة من الأرض، وفشل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي في تحديد مكان احتجازه، الرأي العام الإسرائيلي الضاغط باتجاه إنجاز الصفقة جراء فشل حكومتي أولمرت ونتنياهو في تخليصه من قبضة المقاومة، وانتصار الثورة المصرية التي وفرت ظرفاً موضوعياً ملائماً لانجاز الصفقة خاصة أن موقف المفاوض المصري الوسيط بعد الثورة كان على النقيض من موقف المفاوض المصري السابق قبل الثورة.
وبالتالي فإن تأجيل الإمساك بهذه اللحظة التاريخية ينطوي على مقامرة بقضية تحرير ما يزيد عن ألف أسير فلسطيني، ومن يده في النار ليس كمن يده في الماء!!
أما البكائية على عدم تضمن الصفقة الإفراج عن القائدين الوطنيين البارزين أحمد سعدات ومروان البرغوثي، فهي بكائية مغشوشة ومكشوفة، وتتلطى وراءها نظرة أنانية ضيقة، وتتجاهل حقيقة أن الصفقة لم تشمل أيضا قيادات الصف الأول العسكرية من كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس والصادر بحقهم العديد من الأحكام المؤبدة.
كما أن هذه البكائية المكشوفة تتجاهل حقيقة أن المفاوض الفلسطيني في قضية الأسرى لا يمكنه تبييض سجون الاحتلال من خلال أسير واحد، وتتجاهل حقيقة الحقائق أن المفاوض الفلسطيني أخضع الجانب الإسرائيلي لمعاييره على نحو: الإفراج عن المحكومين "بالمؤبدات" وأمضوا سنوات عديدة في السجن تتجاوز أل 25 عاماً، ومعيار أن تشمل الصفقة جغرافية فلسطين التاريخية كاملة" الضفة الغربية ، قطاع غزة،ألقدس، مناطق 1948.
وكذلك معيار البعد العربي بشمول الصفقة أسير عربي من الجولان السوري المحتل،ومعيار أن تشمل الصفقة أسرى من مختلف الفصائل الفلسطينية وكافة الأسيرات الفلسطينيات، ناهيك أن من تم الموافقة على إبعادهم خارج الوطن لا يتجاوزون 5 في المائة من عدد الأسرى المحررين وبموافقتهم ، أخذاً بعين الاعتبار أن المبعد إلى غزة ليس مبعداً.
وإذا كانت هناك من ثغرة فإنها تكمن في قلة عدد الأسرى المحررين من حركة فتح- التي لديها العدد الأكبر من الأسرى في سجون الاحتلال- ومن الجبهتين الشعبية والديمقراطية.. لكن هذه الثغرة لا تلغي حقيقة أن الصفقة بمعاييرها المختلفة صفقة وطنية تستحق كل تقدير واحترام.
واللافت للنظر أنه في الوقت الذي يطعن فيه البعض القليل بصفقة تحرير الأسرى، نرى الرئيس السابق للموساد الإسرائيلي " مئير داغان" يعلن أن صفقة تبادل الأسرى الحالية خطيرة على أمن (إسرائيل)، وأنها أسوأ كثيراً من الصفقة التي رفضها رئيس وزراء (إسرائيل) السابق يهودا أولمرت عام 2009.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر عسكري: إسرائيل تستعد لتوسيع العملية البرية جنوب لبنان


.. لماذا يحتكر حزبان فقط السلطة في أمريكا؟




.. غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت والجيش الإسرائيلي يطلب إخلا


.. معلومات جديدة عن استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين




.. الحرب على لبنان | لقاء مع محمد على الحسيني