الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مندس سوري قادم من زنزانة إسرائيلية

بدرالدين حسن قربي

2011 / 10 / 20
مواضيع وابحاث سياسية



مهما قيل عن صفقة تبادل الأسرى الفلسطينية الإسرائيلية، فإنها لاشك تبهج القلب من جانبها الإنساني على الأقل، ومهما قيل عنها في الأخبار، فإن الخفيّ من قصصها ومآسيها مما يألم له القلب أكثر وأكثر، فمع كل أسير ألف حكاية وحكاية عن كل يوم أمضاه في قيود الأسر وقيعان السجن بعيداً عن الأهل والأحباب. ومع ذلك، يبقى هناك أسيران من بين المئات الذين أطلق سراحهم، فرّقت بينهما أشياء وأشياء إلا أن وحدةً من نوع ما جمعت بينهما، فكلاهما انقلب إلى أهله ورجع من الأسر وحيداً.
أحدهما الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بطل صفقة التبادل وعمودها، الذي وجد في استقباله دولةً بحالها ومجتمعاً بأكمله، ومظاهر بهجة وفرح يعمّ الناس، ورئيس حكومة بشخصه وبعض وزرائه في استقباله، وناطقاً رسمياً على الفضائيات يلعلع: التزامنا مع ناسنا من شاليط وغير شاليط، أننا لا نتركهم مهما طال الزمن ولا نتخلّى عنهم مهما بلغ الثمن. وثانيهما المناضل ابن الثلاثين عاماً وئام محمود عماشة ابن الجولان السوري المحتل وأسيرها قرابة خمسة عشر عاماً الذي لم يجد في استقباله غير أسرته ثم فيما بعد أهل قريته، بل إن خبر إطلاق سراحه من التلفزيونات السورية وصحافتها مرّ كخبر أقل بكثير من خبر عادي جداً، بل لم يكلف أحد من الرسميين حكومة ورئيساً ونظاماً خاطره أصالة أو نيابةً ولو باتصال سلامٍ وتحية، أو إرسال طاقة ورد قيمتها أقل من قيمة غداء في مطعم متواضع تعبيراً عن تهنئة.
وحتى لاندخل في ذمة المقاومين والممانعين فنضعف نفسيتهم، أو نتكلم عليهم بغير حق فنوهن عزيمتهم، فإن تجاهل الخبر لايعدو أن البطل الجولاني عبارة عن مندس أو سلفي أو جرثومة حتى وإن كان عائداً من أسر طال واستطال عند الإسرائيلين، ودليلنا إعلانه التضامن مع ثورة شعبه من داخل زنزانته في معتقل الجلبوع الإسرائيلي في 23 أيار/مايو الماضي، بالإضراب عن الطعام احتجاجاً على ممارسات النظام في الاعتقال التعسفي وسفك لدماء السوريين العُزل وصل حد المجازر الجماعية، وتضامناً مع المحتجين ودعماً لمطالبهم بالحرية والكرامة الوطنية، وانطلاقاً من قناعة راسخة بأن الحرية والديموقراطية والتعددية السياسية والانتقال السلمي للسلطة وبناء الدولة المدنية الحديثة هي أهم توازن استراتيجي يمكن أن تحدثه سوريا على الإطلاق في مواجهة تحديات العصر فضلاً عن العربدة الإسرائيلية. ودليلنا أيضاً مخاطبته كل مدينة وقرية في الوطن السوري الحبيب: كما أن الوطن والحرية والكرامة لاتتجزأ، فإن النضال والقيم النضالية لاتتجزأ، أنا وأنت ياوطني والزمن على موعد مع الفرح الذي أريده فرحاً لكل المقهورين المعذبين والفقراء، ولكل من داست بساطير الأنظمة كرامتهم، أريده فرحاً لم نمارسه من قبل لكنه قادم، إنه الانتصار.
وفي رسالة نقل مضمونها محاميه قبل تحريره اعتبر أن الثورة السورية هي صاحبة رؤية تغيير شكل الحكم من نظام الحزب الواحد الشمولي الى دولة مدنية حديثة ديموقراطية تضمن مشاركة الشعب، وإن النظام السوري لديه ازدواجية بالمعايير، فمن ناحية هو يدعي حماية المقاومة، ومن ناحية أخرى يقمع ويقتل ويسلب الحريات. وعليه، فلم ينس إبلاغ أنصاره وذويه أنه يحب أن يُستقبَل على وقع زغاريد الثورة وهتافاتها ليس غير. وهكذا عاد وئام إلى قريته الجولانية المحتلة مثلما أراد أن يعود مندساً قادماً من زنزانة إسرائيلية محمولاً على أكتاف أهله ومحبيه، ونداء الجميع: الله، سوريا، حرية وبس، ويادرعا إحنا معاكِ للموت.
مبارك لك ياوئام حريتك، ونظافة ضميرك وطهر وطنيتك، وسلام عليكَ حراً بن حرٍ، وبورك بطن حملتك فيه حرة، غذتك بدمها حريةً وكرامة، وبلبنها عزماً وتصميماً، فما أوهنك الأسر ولا سجنه، رغم وهْن عودك وصغر سنك، بل كشفت فيه حرية السوريين المسروقة من مقاومة كاذبة، وكرامتهم المدعوسة من ممانعة مزيفة، فكنت وأنت في سجون آسريك مندساً كمندسي سوريا كلها تحلّق حرّاً طليقاً مع إخوتك وأهلك ومواطنيك على امتداد الوطن مع أحراره وحرائره المطالبين بالحرية والكرامة ممن قالت عنهم مافيات القمع والنهب أحياناً عصابات وأحياناً أخرى مندسيين. وبشراك موعداً مع الفرح لم نمارسه - كما قلتَ لنا - لكنه قادم قادم من أعماق الوطن إنه الانتصار
http://www.youtube.com/watch?v=Xg5C5G89dK0&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=Yj_DciSyquk&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=270sEJQsSFc&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=o9bgjxz-mXo&feature=related








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأستاذ الفاضل بدر الدين قربي
إسراء لبابيدي ( 2011 / 10 / 20 - 19:17 )
تسلم إيديك على المقالات الرائعة التي تناقش فيها وتلفت النظر لما ينساه أهل بلدنا وحكومتنا تجاه أبطالنا صوتك قوي وأنا أأيدك دايماً لا ننحرم من كلامك الصادق أستاذ يخلليلنا ياك وألف شكر وهني~اً للبطل السوري وئام

اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا