الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سورية ولبنان واستحقاق الشعوب

معقل زهور عدي

2004 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


معقل زهور عدي
سورية ولبنان واستحقاقات الشعوب

مثلما يقول المثل الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون ، هكذا ترتكب الحكومات الاخطاء ، وتدفع الشعوب الأثمان ، وبمقدار ما يكون الخطأ كبيرا وطويلا بمقدار ما يكون الثمن باهظا.
من الضروري إلقاء الضوء على الإشكالية المتمثلة في سيطرة الحكومات على العلاقة بين الشعوب العربية ، وتعمق تلك السيطرة إلى الحد الذي تسرب فيه الاعتقاد إلى شرائح اجتماعية واسعة ضمنها للأسف جزء من المثقفين أن من الطبيعي التسليم بحق الحكومات في رسم العلاقة بين الشعوب ، وأنه ليس ثمة من وجود لمفهوم العلاقة بين الشعوب خارج إطار العلاقة بين الحكومات .
لقد فرضت الحكومات العربية على شعوبها ضمن ما فرضت أن لها وحدها الحق في تحديد وتقنين كل أطر التفاعل بين الشعوب العربية بدءا من الدخول والخروج للبلاد ، مرورا بانتقاء الصحف والمطبوعات المسموح بدخولها ، وصولا إلى القيود الأمنية الصارمة على كل لقاء بين النخب السياسية أو النقابية أو الأهلية ، وللأسف فقد استعمل المفهوم الأمني لإيجاد الذرائع للتدخل في حق الشعوب العربية بتطوير علاقاتها بعضها ببعض وفقا لاختياراتها الحرة ، في حين لم يكن الأمن في الواقع سوى مصلحة الحكومات في البقاء في سدة الحكم ومواجهة كل الاحتمالات التي قد تحمل خطرا حقيقيا أومتوهما على ديمومة بقاء الحكم.
وهكذا فان أكبر ضربة وجهت لمفهوم الوحدة العربية كانت منع تطوير العلاقة بين الشعوب العربية وحصر تلك العلاقة بالدول والمسؤولين الرسميين ، وعلى سبيل المثال فانه على امتداد العقود السابقة تدفق المسؤولون والنواب والصحفيون وقادة الأحزاب من مختلف التيارات في لبنان على سورية ، ولكن المقصد كان واحدا في 99بالمئة من الزيارات وهو لقاء الحاكمين وليس المحكومين ، ويعيدنا هذا المثال ليس فقط لحجم القولبة الحديدية للعلاقة السورية اللبنانية بجعلها ذات محور واحد ، ولكن أيضا للمدى الذي وصلنا إليه من الرضوخ لتلك القولبة كشعوب يفترض أن تتمتع بالحد الأدنى من المبادرة لصيانة وتطوير علاقاتها ببعضها وهنا بيت القصيد.
وحتى لانكون منحازين فان المعارضة الوطنية الديمقراطيية في سورية لم تهتم أيضا بالقدر الكافي بمصير العلاقة بين الشعبين السوري واللبناني كمسألة مستقلة ، وما يصيب تلك العلاقة من سلبيات وأضرار نتيجة بعض السياسات وكيف يمكن إعادة إنتاج تلك العلاقة بصورة ديمقراطية من الأسفل وليس من الأعلى .
والحقيقة أن حالتنا تطرح إشكاليتين يفترض أن لانحاول دمجهما في إشكالية واحدة ونستسهل الأمور وهما : إشكالية الحكم الشمولي الذي يصادر ضمن ما يصادر حق الشعوب العربية في تطوير علاقاتها الحرة والندية بعضها مع بعض وخاصة على مستوى الجماعات المدنية والثقافة والسياسة ، وإشكالية الشعوب التي سلمت مقاليدها وقدمت استقالتها وانسحبت نحو دكاكينها وقبائلها وأغلقت على نفسها الباب ، واذا كان من الصواب القول بترابط الإشكاليتين فان من غير الصواب اعتبارهما شيئا واحدا

ليس لبنان فقط بحاجة إلى سورية ولكن سورية أيضا بحاجة إلى لبنان ومسألة إعادة إنتاج العلاقة بينهما ليست مسألة سياسات تفرض من فوق واتفاقات ومعاهدات تمليها المفاهيم الأمنية بمعناها الضيق أو الضغوط الخارجية ولكنها مسألة خيارات لشعوب حرة يتم التعبير عنها وبناء عناصرها من القاعدة الاجتماعية العريضة .
أما أن نبقى محكومين برد الفعل تجاه أخطاء ارتكبت ، أو محكومين بالوهم بأن يتولى الخارج صياغة تلك العلاقة المصيرية ، أو بالوهم بأن في الإمكان حذف الشعوب من المعادلة والاستمرار في اللعب على المصالح الإقليمية في سياسات انقضى أوانها فذلك مضيعة للوقت ،وكذلك فان سباحة بعض النخب السياسية والثقافية في لبنان في تيار السياسات الدولية المتقلب والخطر ومحاولة اغتنام الفرص ليس لاعادة بناء العلاقة السورية اللبنانية على أسس ديمقراطية وندية وصلبة ولكن للانقضاض على تلك العلاقة وأحد مظاهر ذلك التوجه شيطنة ( السوري ) دون تمييز ، والتحريض ضد العمال السوريين المساكين الذين يبيعون قوة عملهم بأبخس الأثمان دون حماية لهم من نقابات أو قوانين أو رعاية حقيقية من دولتهم أو الدولة اللبنانية ، مثل ذلك التوجه لن يخدم مستقبل العلاقة بين الشعبين بل سيؤدي إلى إثارة موجات من التعصب والانقسامات داخل لبنان ذاته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل الفلج.. مغامرة مثيرة لمصعب الكيومي - نقطة


.. رائحة غريبة تسبب مرضًا شديدًا على متن رحلة جوية




.. روسيا تتوقع «اتفاقية تعاون شامل» جديدة مع إيران «قريباً جداً


.. -الشباب والهجرة والبطالة- تهيمن على انتخابات موريتانيا | #مر




.. فرنسا.. إنها الحرب الأهلية!