الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي.. خريف موعود

أحمد زكارنه

2011 / 10 / 20
السياسة والعلاقات الدولية


كتبت الصديقة الشاعرة والكاتبة الفلسطينية رولا سرحان ذات قصيدة تقول:
الرمادي ليس لوناً ونحبه
نختبئ خلفه
كلما عجزنا عن اللون الواحد..
اليوم ونحن نشهد تساقط بعض أوراق " الخريف العربي " المتخيل ربيعاً عربياً، لدى السواد الأعظم من الشعوب العربية المقهورة منذ عقود مضت، وهم تحت سياط الأنظمة الشمولية الاستبدادية، المتساقطة واحدة تلو الأخرى، ترى هل نحب نحن العرب اللون الرمادي، فقط كوننا عجزنا عن اللون الواحد، أم أنه ضعف عام في البصر والبصيرة معاً؟! وهل لنا أن نكرر ما اشرنا إليه من مخاوف، يوم بدأ هذا الحراك الشعبي الهادر الذي اجتاح المنطقة العربية من اقصاها إلى اقصاها؟ أم أننا سنجابه كما العادة بمن يقول: إن لأي ثورة ما يتلوها من تدعيات سلبية حتمية.
فابدو كما المهرج الحزين، السعيد، المجنون، وهو يكرر.. من لم يمت بيد النظم الشمولية، مات بيد ارهاصات الدونكيشوتية!.

إن ما شهده، ويشهده قلب العروبة النابض "مصر" إنما يضع اصبع الريبة والشك مرة أخرى على الجرح الواضح للبصر دون البصيرة، بين مزدوجي " إعادة صياغة المنطقة " بما يخدم الغرب الإمبريالي المتعاون كليا مع المحتل الصهيوني، الباحث عن مبررات إضافية لخلق واقع جديد يعيد تقسيم المنطقة، بما يوسع حدوده، ويدخله لاعباً اساسياً في شرق جديد.
ما يضع الأسئلة المشروعة مرة أخرى على طاولة البحث والتشريح، بعيداً عن عادتنا العربية المقيتة في تعليق كل سقوط هنا، أو عثرة هناك على شماعة المحتل فلسطينياً، والنظم الشمولية الاستبدادية عربياً.
علينا أن نعيد طرح الأسئلة مرة تلو الأخرى، وتحديداً ما يسلط الضوء بشكل لا لبس فيه، على سؤال هوية أو مرجعية الدولة العربية في بيت طاعة الثورات الجماهيرية.. هل هي هوية دينية، إسلامية كانت أم مسيحية؟؟ هل هي تعددية علمانية؟؟ أم أننا ذاهبون لا مفر إلى صياغة دويلات طائفية متناحرة، وبكل الحالات تعددت المذاهب والمستفيد واحد، هو دون شك الآخر النقيض " الصهيوامبريالي ".

لو دققنا النظر في تصريحات القيادة السنية الصاعدة في المنطقة وهي القيادة التركية بلا جدال، ستصيبنا سهام الطرح الاردوغاني في قاهرة المعز، حينما طالب المصريين بالذهاب نحو دولة ديمقراطية علمانية تعددية، ربما قصد بها دولة " الإسلام السياسي" المنفتح على العلمانية، القابل للآخر دون صراعات طائفية ولكن دون أن يصرح بكلمة " الإسلام السياسي " كي لا يثير مخاوف البعض في الداخل والخارج، علماً بأن التجربة التركية تعد تجربة ناجحة داخلياً وخارجياً، وربما تقصد نشوء دويلات عربية علمانية "متأسلمة" تدين بالولاء للامبراطورية التركية المتعافية عشية امتثال " الرجل المريض " بعد قرن كامل من التداوي، صيغت خلاله أشكالاً آخرى لامبراطوريات عصرية، باتت لا تعتمد في شكلها أو مضمونها الأساس على العوامل العسكرية كما كان سابقاً، وبكلا الحالتين هناك قواعد جماهيرية عريضة لا تمانع استلام تركيا قيادة المنطقة.
وفيما لو ذهبنا اقصى يمين المشهد، وايضا دققنا النظر في أسلوب تعاطي القيادة الشيعية في المنطقة وهي بلا ريب القيادة الإيرانية، لتلمسنا بلا أي عناء يذكر إعادة صياغة سياساتها وتحالفاتها، خاصة في إطار ما تشهده الساحة السورية الأقرب إليها، تزامناً مع ما تشهده المنطقة برمتها، ما قد يفقدها حليف هنا، ويكسبها حلفاء هناك، وأيضا في سياق " إعادة صياغة المنطقة " ولكن هذه المرة بما يعطيها دورها الريادي، ربما كاستحقاق بات لزاما على الغرب الامبريالي الإعتراف به، كشرط اساسي لتعاطي الدولة الإيرانية معه بوصفها، لاعباً أقليمياً اساسياً يملك الكثير من أوراق المنطقة وبمقومات الكبار.

ولو تفحصنا معاً سياسة الغرب بقيادة الإدارة الأمريكية، تجاه الحراك العربي الجماهيري، ضد حلفائها العرب من النظم الشمولية، جمهورية كانت أم ملكية، سنجد دلائل الحضور الفاعل ماثلة أمامنا، للفوز بما هو مجهول لدينا، معلوم لديهم من الاستحقاقات الزمكانية على القاعدة الانيشتانية، التي تشير إلى حق تيار الإسلامي السياسي في خوض تجربة الحكم، لاعتبارات عدة، أقلها أنه التيار الوحيد الذي لم يمارس السلطة عشية نيل دول الإقليم العربي استقلاله، وكأنها تقر بضرورة التعامل مع الآخر بأسلوب يتوافق وارشادات الشاعر الفرنسي فرانسيس بونج لكيفية تناول المَحَار وهو يقول:
المَحَار، بضخامة الحصاة المتوسطة، له مظهر خشن، ولون أقلّ توحّداً، يميل بتألق إلى البياض. إنّه يصر على أن يكون عالماً مغلقاً. ولكنْ يمكن فتحه. يجب أن نستخدم سكّيناً ليست حادة، وأنْ نعيد الكَرّة مرّات عدة، الأصابع الفضولية تجرح نفسها وتكسر أظافرها: إنّه عمل غير مُتقَن، فضربنا يترك على القشرة حلقات بيضاء كالهالات.
في الداخل، عالمٌ كامل، يؤكل ويُشرب. تحت قبة من عرق اللؤلؤ، انخساف السماء العليا فوق السفلية لا يشكّل سوى بِركةٍ، كيسٍ لزج وضارب إلى الخضرة، له مدٌّ وجزر للنظر والشم، مزيّن بشريط متساوٍ على الأطراف، نادراً ما تتقطر صيغةٌ من بلعومه الصَدَفي، وسرعان ما نتحلّى بها.

أخيراً يجب الاعتراف إن المشكلة الأكثر تعقيداً في كل هذا الطرح، إنما تكمن في ابقاء المنطقة برمتها تابعة لا دور ولا أهمية لها، على أقل تقدير لعقد أو عقدين من الزمن.
فهل علينا بعد كل هذه القراءات المستفيضة، وكل هذه الدماء المراقة على درب الحرية سواء ضد المحتل أو الديكتاتور، أن نقف موقف حواة الموالد، فقط نخرج من أفواهنا ما لم يصل حلوقنا؟! فنضع مصيرنا دون أن ندري رهن لعبة التوازنات السياسية الإقليمية؟!أم علينا العمل سوياً للحفاظ على المكتسبات الزمكانية، كي لا يصبح الربيع العربي، خريف موعود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال