الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام المسيس والوحدة الوطنية

جمال الهنداوي

2011 / 10 / 20
الصحافة والاعلام


لقطات متفرقة لبعض المصابين من قوى الامن المصري..وبعض التكرار الملح المريب لتأكيدات شهود العيان حول قيام المتظاهرين برشق رجال الجيش والشرطة المكلفين بحماية مبنى التلفزيون بالحجارة والزجاجات الحارقة ..مضافا اليها بعض الاشرطة الاخبارية العاجلة والنداءات اللاهثة غير المنضبطة لبعض مذيعي التلفزيون الرسمي ..كانت اكثر من كافية لكي تطلق الشرارة للاحداث الدامية التي رافقت مسيرات الاقباط الغاضبين من هدم كنيسة لاهلهم في الصعيد..ونفس هذه الجماهير الغاضبة ما كانت لتكون بكل ذلك الغضب لولا تعرضها الطويل لسيل مركز من الاخبار والتقارير الصحفية التي استعرضت الحدث من خلفية الصراع الطائفي المتقادم في مصر..
وهذا الخليط من الممارسة الاعلامية المربكة كان السبب الرئيس في الواقع المؤسف الذي انتج سقوط العشرات من الشباب المصري ما بين قتيل وجريح في تطورات تعد الاسوأ منذ سقوط النظام وانتصار الثورة المصرية الباسلة وكانت قاب قوسين او ادنى من دفع البلاد الى اتون حرب اهلية حقيقية قد تكون في مصلحة الكثير من الاطراف الساعية لمزج حلاوة انتصار الثورة بمرارة التفكك والتشظي المجتمعي..
مثل هذه التغطية الاعلامية المنتحلة الحياد والمهنية الزائفة والمبطنة تاجيج نيران الفتنة واللعب على أوتار التناقض الطائفي تحيلنا فورا كعراقيين الى تفلتات الاعلام المرتزق ودوره في اذكاء الانقسامات الفئوية والثقافية ما بين ابناء الشعب الواحد خدمة لمخططات وتمنيات جهات معادية لحق الشعوب بالحرية والعدالة والحكم الرشيد..كما ان هذا الامتطاء الملتبس لتقنيات الاعلام الحر والفضاء المفتوح لتقديم تغطية مضللة موظفة لخدمة وادامة صورة الشعب المنقسم المختلف المتناقض عن طريق صور وعبارات زاعقة لبعض الغاضبين في برامج مفتوحة على الهواء..لا يمكن ان تكون الا سحت اعلامي تعتاش عليها قنوات الحنين للزمن المقتطع من عمر العراق في ممارسة فجة مموهة بخرق ظاهر لتقاليد العمل الاعلامي المهني الملتزم..
ان الاهمية البالغة للاعلام تفرض على المتصدين لمهمة التعبير عن صوت المواطن وهمومه وانشغالاته التي غيبتها المحاصصات الطائفية والعرقية ان يكونوا على مستوى التحديات التي تجابه الشعب في صميم انتمائه الوطني..وان يرتقوا الى سمو المكانة التي يتبوأها الاعلام الجاد والرصين كعامل معزز في بناء أرادة المجتمع وتنمية حسه الوطني من خلال إشاعة مفاهيم المواطنة والمساواة ولغة التسامح وعدم التمييز وقبول الآخر وتعميق الحوار بين أطراف المجتمع الواحد رغم اختلاف أطيافهم ..
ان على السلطات الثقافية الالتفات الى حراجة ودقة المنعطف الذي يحكم مسيرة العملية السياسية الجارية في العراق من خلال العمل على تأطير العمل الرقابي على المؤسسات الإعلامية التي تستهدف الحس الوطني لدى المواطن وتعمل على اضعاف وتشتيت إلغاء قيم الولاء والانتماء للوطن من خلال التثقيف السلبي المشوش والمشوه لوحدة المجتمع ومتانة نسيجه الاجتماعي والثقافي والديني.
انها دعوة لتدارك الاخطار التي يشكلها الانفلات الاعلامي المسيس واللامسؤول عن طريق وضع إستراتيجية إعلامية تسهم في توعية المواطن بالمشتركات والقضايا المصيرية والمهمة، ونشر روح المحبة والمساواة والتسامح بين المواطنين .. وحث جميع شرائح الشعب على الالتزام بالقوانين واللوائح، وتجنب الممارسات السلبية التي تؤرق النسيج الوطني، والعمل على تقريب وجهات النظر من خلال إبراز نقاط الالتقاء، والابتعاد عن نقاط الاختلاف، وإظهار المبادئ والقيم الأصيلة المتجذرة في المجتمع التي تعزز حب الوطن وتحميه من الأخطار المحدقة به.
لا شك بان وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لها دور أساسي ومهم في ترسيخ الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب كافة. وان الحملات التوعوية الايجابية المتواصلة تساهم بشكل كبير في تأصيل القيم الوطنية لدى جميع شرائح المجتمع..كما يقع على عاتق الدولة استثمار الامكانات والأجهزة الإعلامية في مهمة تثقيف المجتمع بما يضمن أمنه واستقراره وتماسكه. كما أن هناك حاجة أمنية ملحة للقيام ببث حزمة من الرسائل الإعلامية الايجابية، بشكل متواصل، إلى المواطن لكي يستوعب ويؤمن بان الوطن للجميع..والا فلن نأمن ان نجد نفسنا في واقع العودة الى ايام الاحتراب نتيجة تقارير مضللة او خبر عاجل مزيف او نداء خبيث من اعلامي منفلت..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى