الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي آفاق للحركة الاحتجاجية التقدمية بالمغرب

خالد الزكريتي

2011 / 10 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي



ان الحديث عن الحركة الاحتجاجية هو حديث عن بعض الأشكال الدفاعية التي تخوضها القوى التقدمية ضد السياسات الاقصائية المنتهجة من طرف الدولة البورجوازية القائمة ،الا أن هذه الأشكال و هذه الحركة لا زالت تتلمس طريقها نحو التجذر وسط المعنيين بهذه الاحتجاجات أي وسط الكادحين،و بالموازاة مع ذلك لا زالت تبحث عن أشكال تنظيمية فعالة تصمد في وجه كل المناورات التي يعتمدها الحكام في هذا البلد ،فكان أرقى شكل تنظيمي وصلته هذه الحركة هو شكل التنسيقيات المحلية لمناهضة الغلاء و تدهور الخدمات العمومية،الا ان بعض الأحزاب اليسارية الاصلاحية سواءا الانتخابية منها أو المقاطعة ،و بفعل تقديراتها السياسية الانتهازية عملت كل ما في وسعها للوقوف في وجه أي تطور لهذه الأشكال التنظيمية،بالرغم من بعض التجارب التي نجحت في خوض معارك نضالية مهمت عرفت تجاوبا ايجابيا من طرف المواطنين البسطاء.
و مع بداية هذه السنة و تفاعلا مع عرفه و يعرفه محيطنا الاقليمي و العالمي من احتجاجات قوية تحولت بعضها الى ثورات أسقطت رؤوس أنظمتها و لا زالت مستمرة في طريقها نحو انجاز مهامها الثورية في القضاء على أصل الداء و الشرور( تونس مصر)،و كنيجة للتقديرات الخاطئة لليسار التقدمي بالمغرب باصلاحييه و ثورييه ،اللذين غيبوا من برامجهم مهمة التأسيس لحركة نضالية تقدمية تضع في مقدمة أولوياتها الرفع من الوعي السياسي للجماهير الكادحة و تنظيم قواها في مختلف المجالات و القطاعات ،حركة تعمل على انضاج شروط التغيير الجذري الذي سيعيد للمغاربة كرامتهم و حقوقهم المسلوبة.
كل هذه المهام البسيطة التي لا تحتاج الا للارادة السياسية و الحس النضالي التقدمي تم تغييبها ،و تم الاكتفاء بالانخراط في حركة هلامية تهربا من تحمل المسؤولية،فاذا كان اليسار الاصلاحي منسجما مع ذاته في تبنيه للمطالب التي رفعتها حركة 20 فبراير ،فان اليسار الثوري وجد نفسه خارج السياق في هذه الحركة،حيث غاب أي تأثير من طرفه في هذا الحراك الاحتجاجي،نتيجة لغياب البوصلة السياسية و سوء ترتيب الأولويات لدى أغلب تيارات هذا اليسار.
فحركة 20 فبراير ولدت كحركة اصلاحية الا أنها تدريجيا بدأت تتخذ منحى رجعي بفعل تحكم تيار الاسلام السياسي الرجعي و الظلامي في جل قراراتها و ضبط ايقاعها حسب تقديراته و مصالحه السياسية،هناك من سينتفض ضد هذا الحكم ليقول لنا بأن حركة 20 فبراير هي حركة الشعب المغربي و ليس لها قيادات و سيثور في وجهنا بسبب هذا الحكم،فما من مرة سمعنا من منظري حركة الشعب المغربي بان الحركة هي حركة علمانية و تقدمية.. الخ،دون ان تكون لهم الجرأة أو بالأحرى القوة لتجسيد ذلك عمليا من خلال شعارات الحركة فيما يتعلق بموقفها من قضية المرأة و من الصراع الطبقي و من علمانية الدولة الى غير ذلك من القضايا التي تحدد تقدمية أو رجعية أي حركة جماهيرية،كل هذه المعطيات و المعطيات الأخرى المتعلقة بالجانب الميداني ،حيث أصبح واضحا للجميع بما فيهم اطراف الحركة نفسهم أن العدل و الاحسان الرجعية هي المتحكمة و القائدة للحركة،فعندما تنزل بثقلها يكتفي اليساريون بنشر الصور و الفيديوهات مصحوبة بتعاليق مئات الآلاف التي خرجت عن بكرة أبيها،وعندما تكتفي الجماعة بالتمثيلية يبدأ أصحابنا بالبحث عن مبررات لغياب الجماهير بعيدا عن الأسباب الحقيقية،و لكن لكي نكون صرحاء لا بد من القول بأن بعض من يسمون نفسهم باليسار الجذري وجدوا في حركة 20 فبراير المكان الأنسب للهروب من تحمل المسؤولية و بشكل أخص حزب النهج الديمقراطي خصوصا اذا علمنا أن هذا الحزب لم يسبق له ابدا أن أخذ المبادرة باسمه في أي محطة نضالية ،فهو دائما ما يبحث عن مظلات تقيه من شمس الحقيقة ،حقيقة حجمه و خطه السياسي.
بالاضافة لحزب النهج نجد بعض تيارات اليسار الثوري التي تشكل بممارساتها مادة مهمة يجب اعتمادها في معاهد العلوم السياسية ،فلا هي تدافع عن تشكيلة الحركة و لا هي خارج الحركة،فهي تنتقد حزب النهج بسبب تحالفه مع الظلاميين ،في المقابل ينهجون هم أنفسهم نفس التحالف في نفس الحركة .
أمام هذا الوضع،خصوصا بعد انحسار دور حركة 20 فبراير بالعديد من المدن التي كانت تعتبر أساسية بالنسبة لها،و بالتالي فشل رهان البعض على الحركة لقيادة الثورة في المغرب،بات لزاما على هؤلاء أن يعيدوا قرائتهم للوضع الراهن و ما يتطلبه من خطوات جريئة ، و تحمل المسؤولية السياسية من أجل وضع اليسار المغربي على سكته الصحيحة،و أظن هنا أن شكل التنسيقيات لا زالت له راهنيته كوعاء يمكن أن يجمع بداخله كل القوى اليسارية التقدمية على أرضية مطالب اجتماعية واضحة،وكل حديث عن عن تجاوز هذا الشكل التنظيمي من طرف حركة 20 فبراير ما هو الا لغو يستعمل في المزايدات السياسوية الرخيصة،فعلى الأقل تنسيقيات منناهضة الغلاء منسجمة في تشكيلتها لحد معقول عكس حركة 20 فبراير التي تتكون من متناقضات رئيسية في تشكيلتها،كما أنه على المستوى النضالي أصبحت حركة 20 فبراير نفسها تناضل على الملفات التي سطرتها التنسيقيات في برامجها في أكثر من مدينة فيما يشبه استاقظة متأخرة لأصحابنا.
ان اعادة احياء تنسيقيات مناهضة الغلاء و تدهور الخدمات العمومية لهي خطوة مهمة في اطار اعادة ترتيب المهام و الأولويات بالنسبة للحركة التقدمية بالمغرب،وهذه العملية طبعا يجب أن تأخذ بعين الاعتبار كل المستجدات النضالية،وكذا الاستفادة من كل العثرات التي تعرضت لها تجربة التنسيقيات بكل روح المسؤولية ،خصوصا و أن التجربة أثبتت و أكدت أن بعض التيارات اليسارية تجيد فقط المزايدات السياسية اللفظية،حيث تأكد أن مجموعة من الشعارات التي ترفعها هذه المجموعات في وجه رفاق طريقها من اليساريين الثوريين ليست تجسيدا لمبادئ يؤمنون بها كما يدعون ولكنها ناتجة عن عجز في التفكير و مجرد مزايدات سياسوية،و الا كيف تبرر انخراطها في عمل تنسيقي وحدوي مع نقيضها الذي هو الاسلام السياسي،ففي أي ثلاجة حفظت فيها هذه المبادئ و هذه القناعات؟؟أم هي أسد علي و في الحرب نعامة؟؟
ففي الوقت الذي كان يتم فيه افشال برنامج نضالي لتنسيقيات مناهضة الغلاء لسبب نحوي في اللغة و ليس اختلاف في المضمون،نجد هؤلاء أنفسهم يوقعون على بيانات و يوزعون نداءات باسم 20 فبراير تتضمن مفاهيم لا علاقة لها بالحركة اليسارية على طول تجربتها بالمغرب،من قبيل (معتقلي الرأي و العقيدة...).
ان الساحة السياسية لهي مليئة بالدروس و العبر لمن يفتكر،فاليسار التقدمي خصوصا الثوري منه لا تأثير له في هذه المعادلة،لا في الجامعات و لا في النقابات و لا في الثانويات و لا في القطاع النسائي..،ونحن هنا طبعا نجني نتائج ما ركمناه من أخطاء و سوء التقدير كي لا نقول شيئا آخر ،حيث نفترض دائما حسن النية في التعامل مع رفاقنا في الطريق من داخل كل المجموعات،و أظن أن الوقت قد حان لنطرح على أنفسنا مهمة تقييم مسارنا،و الاجابة عن السؤال التاريخي ما العمل؟و تكون لنا الشجاعة السياسية للاعتراف بأخطائنا دون حرج ان كنا فعلا نريد التقدم بعملنا الى الأمام ،فالوحدة النضالية باتت مهمة أساسية مطروحة علينا،أما شكلها و آلياتها فهي فقط من التفاصيل،ونترك جانبا مقولة" في التفاصي يكمن الشيطان" فالشيطان الحقيقي يكمن في التشرذم.

خالد الزكريتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس