الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطرق القديمة ملغمة، والحديثة تواجه احتمالات خطيرة ( أخص المجلس الوطني).

فلورنس غزلان

2011 / 10 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


حملت فصولنا لأربعين عاماً متتالية قيدها ..ضاعت منها بوصلة الزمن وبوصلة الاتجاه..لحظة واحدة..خطيئة واحدة لغباء واستعلاء الطاغية ..كانت تكفي ليخرج تعب الماضي وذله من قبر الدفن المقصود ، الدفن الهارب من ضعفه.. لحظة واحدة تلتقطها أذن طفل وتنفذها يد زميله، .ثم تنتقل عدواها وتنتشر نارها في هشيم موت الضمير وصمت زمن التردي ..ومضة من عبقرية طفل..تخطت حاجز الصمت وكسرت جدار الخوف..فاجتاحت النيران كل البيوت المغلقة..وخرج الوعي المنطفيء ليشتعل من تحت الرماد..كان لمن سبقهم على مساحة الجغرافيا العربية دوراً ريادياً مساعداً..لإعادة الأمل المستحيل وتحويله إلى الممكن.
صار ليلنا أقصر ونهارنا يركض مع الريح دون أن ينجو من تصاعد الدخان وتكاثف نيران الحرب على الشعب، فقد انهار حتى الآن أكثر من طاغية على امتداد المشرق والمغرب عربي اللغة ...نطق الحلم في تونس والقاهرة واليوم يزغرد فرحاً في طرابلس الغرب..بينما تنام دمشق وصنعاء وتستفيقان على مزيد من الموت والدم...يستبيح العسس والعسكر ليلهم وبيوتهم وأماكن عبادتهم..وإنسانهم..لكن الطغاة لم يروا كيف تغيرت اتجاهات الحروف واتجاهات الرياح ..كما صيحات الحناجر المفبركة والمجيشة في حصون الفردية والعبودية ..تنقلب على الساحر ..فيزداد عنفاً وبربرية وبطشاً..كما يُمنح وقتاً من أنظمة تماثله تخشى على هشيم حكمها.. ترتدي ثوب الحضور بعد سبعة أشهر من الموت ، ثم تحتمي بالقوانين الغريبة على العقل والمنطق وتقف على نفس المسافة بين المظلوم والظالم ،هذا يعني أن الوقت يتحول..ينقلب..ويمكنه أن يخرب ويدمر..، لأن القائمين على هرم الجماجم..لم يعتبروا ولم يتعلموا..فامتداد الرؤية عندهم قصير ومصاب بالعشى السياسي والعمى البصيري ، أما الغريزي فيدرك في أعماقه تماماً أنه زائل..لكن حماقاته البنيوية تخذله وتمنعه من الاعتراف بفشله وتحول بينه وبين التراجع..ففي التراجع حُكماً بالموت..
لكن الجرائم واضحة كالشمس فكيف يتساوى القاتل مع القتيل في قاموس " جامعة الأنظمة العربية"؟ وكيف ننجو من محاولات استخدام المراسيم والقوانين التي تسمح للقاتل بالنفاذ من حكم الشعب ، وتنظيف يديه من دماء شبابنا؟!..نحن على موعد مع انقلاب من نوع عربي..في السابق كان العسكر ينقلب على العسكر، أما اليوم فيريدون وضعنا في مكان انقلابي ..ومانحن إلا ثوار..والثائر يريد تغييراً يريد وجهاً جديداً لوطن حلم بالحرية صنواً للحياة، وبالديمقراطية طريقاً للمساواة واحترام الرأي والاختلاف والتنوع..في مجتمع لاتصح معه مدارس اللون الواحد ولا المذهب الواحد..فهل من سامع يعقل؟! .
مَن نريده أن يسمع هو( مجلس وطني) وقفنا معه وأيدنا سعيه..رغم محاولات البعض وضع العصي في الدواليب ، وإعاقة المراكب السائرة مع الريح والأشرعة المنطلقة نحو هواء الحرية..لانعول على من ينطلق من مصالح ذاتية ، ولا من يقلب أي مركب لايكون قائده أو من طاقمه..لاننتقد من لايستطيع ...المحكوم بالقول والفعل..لأنه مقيد بشكل أو بآخر..نفهم مواقف الاختلاف وأنواعها كما أسبابها...لكننا نأمل أن يكون لعمق الداخل وللشارع السوري ومجلسه المختار في الخارج..أن تتوضح لديه الأمور الأكثر أهمية وصعوبة ، ولا أقصد بها النظام وإعلامه وأبواقه، فهذا أمر بات معروفاً ومفهوماً ومشكلتنا معه واضحة، لكن مشكلتنا الأولى مع : القسم الصامت من الشعب، مع القسم المفتقر للوعي ، مع القسم الذي ينحو نحو التطرف وخطورته تكمن في تسرعه ، وفي ضيق أفقه وضعف إمكانياته الثقافية..والتي تعود بالأساس إلى تربية البعث لنصف قرن من الغسيل المتواصل لعقل الإنسان ..مما حدا به اللجوء والتقوقع نحو الانتماء المذهبي بدلا من الوطني..
إذن النقطة الأهم والتي نتمنى على المجلس أن يوليها القدر الأكبر من الاهتمام هي المواطنة السورية، الهوية السورية قبل أي هوية أصغر أو أي انتماء أقل..الحيلولة دون التطرف ودون الثأر ودون التسرع، ودون الخراب ، فالبعض ينشر الخراب بدون قصد، والبعض الآخر لغاية في نفس يعقوب، ناهيك عمن ينشره حاملاً لبرقع التقدم والحرب على الإمبريالية وادعائه أنه خرج من بطن وروح العلمانية..لكنه يتخندق من أجلها في خندق الاستبداد والشمولية...مخفياً وجهه الحقيقي وفلسفته الخطرة على الثورة وعلى مصير الوطن..
بقدر مانحن عطشى للحرية ولوطن الحلم، بقدر مايحدونا الخوف من التهورالممكن أن يأتي على أيدي عناصر وعقول تجنح للعنف واستخدامه، أو استدعائه بشتى الطرق ، وتبيح لأنفسها وتشرعن لقاماتها انتهاك الحق الانساني ، وانتهاك حق التنوع والاختلاف، هذه الأمور وغيرها من النقاط الهامة ــ وقد ركز عليها بعض الكتاب والمفكرين كياسين الحاج صالح ــ فلا داعي لإعادة ذكرها..
نعم المجلس الوطني مازال يخطو أولى درجاته..مازال يرتب أولوياته، مازال يحاول لملمة كل الصفوف المعلنة اختلافها، لكنه بنظرنا وبشكل أو آخر هو حكومتنا ، التي نأمل منها الكثير ونحملها من المسؤوليات الكثير، ألسنا في مرحلة انتقالية حرجة وصعبة؟ ألسنا في مخاض عسير وعسير للغاية؟..لكن شعبنا السوري..شعب مخنوق منذ عقود، محروم ومأسور ومقصى ومهمش منذ عقود..الدور صعب والمهمات جسام..إنما منحناكم ثقتنا ومازلنا..ونعلق عليكم آمالنا..فخذوا بيد شعبنا نحو البداية السليمة ..نحو خطوات واثقة ومدروسة تعمل على الأرض أكثر مما على الورق...أو بنفس القدر..تلتقي مع الشعب في تطلعاته..ولا تراعي المسيء والمخرب تحت أي مسمى..لأن غد الوطن الذي نحلم هو من سيحصد النتيجة..والله من وراء القصد وولي التوفيق.
ــ باريس 21/10/2011( جمعة شهداء المهلة العربية)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة