الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا عاجز عن الكتابة

حاتم سالم عبدالله

2011 / 10 / 21
كتابات ساخرة


على طاولتي حيث لا يوجد إلا قلم وحيد عاجز عن البصق على الأوراق وكتب بائسة فوق بعضها البعض تنتظر عيني على أمل ان تُقبل صفحاتها. أشعر بأني استجمع كل قوى الكراهية والشر كلما أطلت النظر إليها. لم أعد أستطيع أن أحب الأقلام ولا الورق ولا الكتب أو حتى من قام بتأليفها. لأني وببساطة لم اعد قادرا على تصوير اللحظة التي تعبر فيها الكلمات في داخلي. لقد أصبحت تمضي أسرع من ذي قبل هاربة من كل أمل يجعلها رهينة بين دفتي ورق.

حتى الأقلام هربت بالتآمر مع أخي الصغير الا ذلك القلم فقد بقي منتظرا لأمر ما. من يعلم فقد يكون على علاقة محبة بأحد الأوراق التي ينام على سطحها منذ أسابيع. ينام بسلام كما تنام رغبتي في البوح. كان جادا بالنوم ولم ينزف حتى بعد ان ضربت مؤخرته على طرف الطاولة , ثم أعدته بعدها بهدوء لسريره المعتاد ثم تنهدت.
كل شئ بات يرفض أن اكتب , يدي التي أصبحت تكتب وكأنها تتهجأ حرفا ما , أصابعي الشاذة التي تتعرق في كل مرة تضاجع فيها القلم فينساب منزلقا من بينها إلى الهاوية , عيني التي لا تعرف النوم إلا الساعة التي اكون فيها منتشيا من الفرحة عقب صيد ثمين لملايين من الكلمات والذكريات الحزينة. ان الحرب منشأها بيولوجي عضوي قبل أن يتسبب فيها ايا كان. اني استعر وقد أبتر يدي وأصابعي نكاية فيهم.

اتساءل مرات كثيرة كل يوم عن الجدوى من الكتابة في سن الرابعة والعشرين , أليس من المنطق أن اقوم أولا برئاسة دولة لفترتين انتخابيتين وأقود حربا على الارهاب واخون زوجتي ثم عقب الفضيحة الأخيرة اكتب مذكراتي وأعيش على مردوداتها ؟. ولا بأس فقد تتكفل هي بكتابة الفصل الباقي من مذكراتي حينما يرديني احدهم قتيلا.
ما يجعلني أردم هذا التساؤل هو رؤيتي لكُتاب ناجحين يصغرونني اعواما , يثيرني الأمر حقا وأشعر بالغيرة. ترُى ما سر تلك النزوة المتدفقة التي لا تنتهي. السئ في التاريخ البشري انهم استطاعو ان ينتجو محفزات للنشاط البدني والجنسي , بينما عجزو أو تعاجزوا عن صنع حبوب محفزة للكتابة. أكاد اتخيل العالم مع هذه الحبوب , هل سيكون لدينا مهووسين بالكتابة بنفس القدر الذي نرى فيه أناس مهووسين جنسيا ؟!

توصلت مسبقا لقناعة لم استطع الحفاظ عليها وهي أنه بقدر ما تكون الكتابة جزء من حياتك اليومية , بقدر ما هي عملية سهلة ولا تحتاج لانتظار لساعات حتى تعرف كيف تبدأ الفقرة القادمة. لأنك ستكتب عن كل شئ , ستكتب كما تتحدث , ستستطيع أن تُضحك الآخرين كما تفعلها عندما تتحدث , تستطيع ان تقنعهم كما هي قدراتك الشفهية على الاقناع ستستطيع ان تفصلهم مؤقتا عن العالم الخارجي كما كنت تفعلها مع اصدقائك في سهراتك الليلية.

المشكلة في هذه القناعة بالذات , ان الظروف الحياتية تتغير , والتوقف لشهر عن الكتابة كاف لشعورك بالغربة حينما تجلس محاولا استنطاق شئ ما على الورق. والخطر يصبح مضاعفا بالنسبة للذين يقومون باكمال اعمالهم الكتابية على فترات متباعدة فهي تؤثر في جودة العمل واتصال الأفكار والأسلوب.

حسنا , رغم كل شئ , اعترف اني أستطعت أن اكتب شيئا ما لهذا اليوم , حديث غبي عن كاتب عاجز وقلمه النائم. ولا أخفيكم خوفي فمن يعلم فقد لا اكتب بعد هذا اليوم اذا استمر الاشكال. لكن هنالك ثمة أمل ان يرجع اخي الصغير الأقلام المسروقة إلى طاولتي !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة