الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميرفت ..1

أمل فؤاد عبيد

2011 / 10 / 22
الادب والفن


مسافات قليلة تلك التي كانت تفصل بين بيتنا والمدرسة .. أذكر جيدا تلك المسافة والطريق .. كانت البيارات وبائعي الخضروات اكثر ما يظهر لي .. كانت اتربة الطريق تلاحق اقدامي .. اتجه بأحلامي الصغيرة احمل دفاتري وكتبي .. الى مقعد كثيرا ماكان يشاركني خربشات اقلامي .. وكانت رائحة الحمضيات تلون دمي كما القصص في اركان مدينتنا الصغيرة المهملة .. وكثيرا ماكانت صديقاتي .. ورفيقات الدرب .. يتصايحون الاغنيات والاناشيد .. وأغاني الأفراح .. تسلية تهون مشاق الذهاب والاياب .. كانت بوابة مدرستنا .. محطة شهية لبائعي الفلافل والخفيف من الحلويات والعجائن .. كان ابو منير وزوجته .. حالة تشد انتباهي كل يوم .. لازلت اذكر تلك المرأة وهي تجدل شعر ابنتها محاطة جلستها بنصبة تجارتها الصغيرة .. وزوجها يقف يتابع عن قرب طلبات الصغيرات والكبيرات .. تائها بين أياديهن وصياحهن .. مروجا لحالة من الجذب أكثر وأكثر .. وهو يسمي حاجياته مرددا لها .. لتذهب الابنة وتبقى الأم جالسة تحاول أن تعدل من جلستها ولربما كانت تؤهل نفسها لصراعها اليومي مع الطالبات خاصة في وقت الفسحة حيث أن تلك الصورة لازالت تلاحقني وصورة القضبان لباب المدرسة الحديدي الذي كان يمثل امامنا حاجزا منيعا .. يكاد يفجر لدي احساسا بالاسر والحصار .. لازلت اذكر تلك المرأة وهي تلاحق ايدي الطالبات ما بين بيع وشراء .. كم كانت قوية هذه المرأة وكم كنت قوية بها .. كان مذاق التسالي كعسل مؤجل .. ننتظره مع صوت جرس الفسحة .. وكانت عائلة ابو منير أمينة في انتظار هذه اللحظة .. فهو وقت الذروة حقيقة .. يصبح للبيع فيها معنى تكون أو لا تكون .. لربما قضية مصير اسرة يبقى رهنا لاحتفالية البنات خلف اسوار مدرسة منسية .. لازلت اذكر احتفالي الخاص بينما كنت اتسابق في ضمان الخلاص من زحام الزميلات وانا اقبض قبض الأسد على مغانمي .. كانت تلك حالتي .. بينما كان يقطن هناك عيون تتربص بنا .. تتقاذف النكات التي ترتسم فوق شفاههم .. هنا .. في المدرسة .. لا يكون هناك فرقا بين أن تكون لاجئا وبين أن تكون في وطنك .. ففي داخل اسوار مدرستنا يسكننا الحصار .. حصار الأشواك والأدواء .. وخارج الأسوار يسكن الأسوار .. اسوار ..
تبقى خطواتي ممتدة في المكان .. أترك من خلفي أسوار .. إلى اسوار .. ثم إلى أسوار واسوار ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال