الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطة العراقية

ساطع راجي

2011 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


كان الرئيس الامريكي باراك أوباما حاسما في تأكيده يوم الجمعة على تنفيذ الانسحاب الكامل لقوات بلاده قبل نهاية العام الجاري، واذا ما استثنينا الجدل على حجم القوات التي ستبقى لحماية السفارة الامريكية والقنصليات، فنحن امام انهاء وجود القوات الامريكية في العراق.
الانسحاب الامريكي وهو الاستحقاق الاكبر والخطوة الاهم، يأتي في وقت عجزت فيه قوى السلطة في العراق عن تسمية وزير دفاع منذ عام تقريبا فضلا عن تسمية بقية الوزراء الامنيين، ونظرا لعدم وجود هؤلاء الوزراء فأن أي تقييم حقيقي للاوضاع الامنية في العراق ومستقبلها لن يكون دقيقا، وحتى اذا قبلنا بفعالية القائمين بالوزارات وكالة فأن مجرد تواصل ازمة تسمية الوزراء الامنيين كل هذه الاشهر يشهد على عمق الازمة السياسية التي يعيشها العراق وحجم الخلافات بين مكونات الحكومة الواحدة التي يتبادل نواب كتلها يوميا اتهامات التخوين والعمالة.
الخشية من تداعيات الانسحاب الامريكي لا تأتي من عدم قدرة العراق على ردع أي هجوم خارجي فهذا الانعدام على وضوحه لا يخيف لأن الوضع الدولي لا يسمح لأي دولة القيام بهجوم مباشر على العراق، لكن الخشية تأتي من الخلافات العراقية الداخلية اولا وبشكل رئيسي حيث العلاقة بين مكونات البلاد متوترة وتمر بحالة احتقان مخيفة والقوى السياسية تتربص ببعضها البعض وهناك خلافات وفوضى في العلاقة بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، وفي الداخل ايضا اقرار من جميع الاطراف بعدم الجاهزية الامنية ليس على مستوى حماية البلاد من الخارج فقط بل حتى في ادارة الامن داخليا وهو ما عرقل تسليم الملف الامني في محافظات عدة لقوات وزارة الداخلية وبقي هذا الملف في يد قوات الدفاع على غير ما كان مرسوما له.
الخطر الثاني الكبير على العراق هو التوتر الذي تعيشه المنطقة، سواء الوضع السوري الحرج او تأزم العلاقة بين السعودية وايران والازمة البحرينية وهي تركيبة تؤدي اولا الى تصاعد المشاعر الطائفية في المنطقة وفي العراق، كما ان الرخاوة الامنية للعراق قد تفتح المجال لاستغلال الاراضي العراقية من قبل الجماعات المسلحة ضد دول أخرى، وهو ما يحصل فعلا هذه الايام فبينما كان اوباما ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يجتمعان عبر دائرة تلفزيونية كانت القوات التركية تنفذ عملية عسكرية واسعة شملت اراضي عراقية في تعقب تركي لعناصر من حزب العمال الكردستاني تأوي في تلك المناطق الوعرة بعد كل هجمة تنفذها في الداخل التركي أو هكذا يفسر جنرالات انقرة وساستها الامر عندما يجدون أنفسهم ملزمين للقيام بشيء ما بعد كل هجمة ومن الواضح ان العراق لا يملك القوة الكافية للامساك بحدوده ومنع التسلل اليها او حتى استخدامها في الهجمات ضد الجيران ولاندري ما يتصوره وزير الخارجية التركية داود أوغلو من العراقيين حين يطالبهم بأكثر من مجرد ادانة الهجمات، ولا نعرف أيضا مستوى قدرة العراق على الامساك بحدوده مع سوريا خصوصا ان المناطق السورية المحاذية للعراق تقوم بالقسط الاكبر من الثورة ضد النظام هناك، وقد أثبتت الايام الماضية إن جيران العراق لايترددون في توجيه ضربات قاسية الى كل مكان يشتبهون بوجود معارضين فيه حتى ولو أدى الامر الى سقوط ضحايا عراقيين ابرياء او نزوح سكان أو تدمير ممتلكات، وخلال الايام الماضية كانت الخطة العراقية التي اعتمدها مسؤولو البلاد في مواجهة كل ذلك، هي خطة الصمت والتملص وتشكيل اللجان.
لاأظن إن أحدا في العراق يريد بقاء الامريكان لمجرد البقاء، واذا كان هناك راغبون ببقاء الامريكان لأنهم يتخوفون من المستقبل فهم لايستطيعون قول ذلك بسبب الخوف من الانتقام والتصفية وهذه الحالة وحدها كفيلة بإثارة القلق فهناك بين العراقيين من لا يطمأن لنوايا شركائه في الوطن وهو خائف الى درجة تمنعه من البوح بخوفه، وفي كل الاحوال فإن الانسحاب الامريكي هو قرار أمريكي وهو وعد أوباما لناخبيه وقرب المعركة الانتخابية حتم عليه تنفيذ هذا الوعد في اجواء انتخابية قاسية فيها الكثير من خيبة الامل عند الامريكان لأسباب إقتصادية ولابد لأوباما من إنجاز يدشن به حملته الانتخابية وهل هناك أفضل من عودة الجنود الى عوائلهم في اعياد الميلاد "مرفوعي الرؤوس" بحسب تعبيره؟!.
حتى إذا كان الامريكان يرغبون بالبقاء في العراق فإنهم لايريدون ذلك بدون موافقة عراقية رسمية بتوافق عراقي مقبول المستوى لا يؤدي الى سقوط المزيد من الجنود قتلى بشتى انواع الفتاوى لقد طوى الامريكان هذه الصفحة تقريبا، واذا كان الامريكان قد وضعوا خطة للانسحاب وجدولا زمنيا للتنفيذ والتزموا بهما فأن الحكومة العراقية بكل حلقاتها لم تعلن حتى الآن عن أية خطة لما بعد انسحاب امريكا، هذا اذا كانت هناك خطة وقد يتساءل بدهشة أي مسؤول عراقي قائلا "أية خطة؟، ماهذه البدعة كل شيء على مايرام في بلادنا اتركوا هذا الكلام غير المفيد". لانريد هنا المطالبة بكشف تلك الخطة بل نطالب فقط بأن تكون موجودة فقد أثبتت الدولة العراقية أكثر من مرة انها بلا خطط لأي شيء رغم الحديث الممل عن وضع الخطط، فهي دولة تسير بالقدرة وكفى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي