الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليبيا ودلالات شذوذ التوجه

زكرياء الفاضل

2011 / 10 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


علمني التاريخ أن الشعوب عندما تثور على نظام رجعي وديكتاتوري تضع استراتيجية واضحة تتمثل في إسقاط النظام ومحاكمة صاحبه كما حصل في عدة دول، مع التسليم بأن هذه المحاكمات في معظمها جاءت صورية وشكلية، إذ السلطة الجديدة مجرد دمى تخدم مصالح أجندة خارجية. واتضح الآن أن ليبيا ليست طرفا في الربيع العربي بل جزء في مخطط إمبريالي أسقط المعسكر الاشتراكي وعلى رأسه الاتحاد السوفياتي. فالذين يسمون أنفسهم بالثوار في الواقع هم وصمة عار على الثورية ولا صلة لهم بالثورية إلا الإسم. فمقاطع الفيديو والصور التي ظهر فيها الديكتاتور الليبي السابق حيا بينهم وهم يشدون على شعر رأسه ويتسابقون على تعذيبه لا تدل إلا على تشابه الأحداث الدرامية التي حصلت بأفغنستان بعدما اعتقلت حركة طلبان نجيب الله وشنقته، دون محاكمة، ونكلت بجثته. نفس السيناريو يعاد في ليبيا بعد سنين مما يجعلني أعتقد أن اليد الخفية التي عملت على الإطاحة بالسلطة الديمقراطية الأفغانية لصالح الهمجية الطالبانية هي نفسها التي تقف من وراء من يزعمون أنهم ثوار. لا شك أن الرفيق غيفارا قد تقلب في قبره أكثر ما مرة عندما يسمون نفسهم بالثوار.
هناك أسئلة تطرح نفسها بخصوص قتل الديكتاتور الليبي من بينها: ألا يكون المجلس الانتقالي الليبي خاف على نفسه من فضح أسرار أعضائه الذين فروا من السفينة الغارقة، كالجرذان، والالتحقوا ب"الثوار" ليحافظوا على مناصبهم في السلطة؟ فالحكومة المقبلة، إن قدر لها أن تكون، فستتشكل منهم. أم أن "الثوار" نفذوا أوامر الحكومات الغربية (فرنسا، إيطاليا..) خوفا من أن يفضح القذافي رؤسائها وسياسييها؟ فالقذافي ليس ملكا أو قيصرا حتى يعدم بهذه السرعة ومن دون محاكمة عادلة. فلو كان الأمر كذلك لقلنا أنه قرار سياسي أملته الظرفية والخوف من أولياء عهده. لكن وضعية القذافي تختلف حتى عن نظيريه بن علي ومبارك، إذ رسميا ليس له أي منصب في الدولة، رغم سلطته المطلقة.
بخصوص السلطة المطلقة، أكان للقذافي أن يحكم بقبضة من حديد لولا أعوانه ومساعديه وجيوش من المتملقين والانتهازيين والوصوليين؟ إذا كل من كان يشاركه السلطة مسؤول عن معاناة الشعب الليبي، بما فيه أعضاء المجلس الوطني الانتقالي، وبالتالي يجب أن يتحملون مسؤوليتهم أمام التاريخ والشعب.
عدد لا يستهان به من المنتفضين الحاملين للسلاح يعلنون انتماءهم الأصولي ويطمحون إلى بناء دولة تيوقراطية تحت راية الإسلام. أ لا يقول الإسلام بالعفو عند المقدرة؟
إن الثائر لا يطمح للانتقام، بل يسعى لمناهضة الظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي. فالثائر مثل الشرطي الذي يلقي القبض على المجرم، حيث لا يكن له لا المحبة ولا العداوة وإنما يطبق عليه القانون بكل حيادية. لأنه إن تعامل معه من منطلق العاطفة فلا فرق بينه وبين المجرم.
للراحل الدكتور شوقي ضيف سلسلة كتب في تاريخ الأدب العربي يتطرق في صفحاتها الأولى إلى جغرافية وتاريخ البلاد التي كان يتطرق لأدبها. وقد تحدث عن ليبيا وعن القبائل العربية التي استوطنتها، في مقدمة السلسلة المخصصة لها، حيث وصف قبيلتا بني سليم وبني هلال بالهمجيتين وأنها اقتصرت على النهب والسلب. والواقع ما قام به من يسمون أنفسهم ثوارا ليجعل المرء يوافق الدكتور شوقي ضيف في وصفه الدقيق هذا، خصوصا بعدما جعلوا من جثة القذافي تحفة للفرجة يتوافد عليها الزوار من جميع أنحاء ليبيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة