الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصحر الفكري والصبغة الدينية -للثورة-

رائد شما

2011 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


"يجب أن تكون أنت التغيير الذي تتمنى رؤيته في هذا العالم" (المهاتما غاندي)
---------
ولدتُ في بلدٍ موعودٍ بالجنة
لكنه لم يعرف سوى النار
في بلدٍ يطالبونَ الشهيد أن يضحكْ
وأن يشهدَ أمامَ الله وأمامَ هاتفهم النقال أنهُ شهيد
لا شيءَ مضمون حتى دخوله للجنة مشروط بنطقِ الشهادة
يطالبونهُ أن يبتسمَ لقاتلهِ
حتى لا تلاحقَ روحهُ بتهمة العنف
مازالَ الشهيدُ رافضاً أكفانكم
ومازالَ الوطنُ يسجلُ اعترافهُ الأخير
-----------
تصفية القذافي على طريقته

لست هنا في معرض الدفاع عن مجرم كالقذافي لكن إلقاء القبض عليه وتصفيته دون محاكمة والرقص على جثته على الطريقة الصحراوية تدعو للقلق على مستقبل ليبيا وللتساؤل عن شكل الديمقراطية التي يزرعها المجلس الليبي الانتقالي. لا شك أن بقتل القذافي بهذه الطريقة ومعه أركان حكمه تم دفن الأسرار التي قد تورط من جلبه وجلب غيره للحكم قبل أكثر من أربعة عقود. لعل أكثر الناس فرحاً بمقتل القذافي وموت أسراره معه هم زعماء الدول الغربية وأجهزة استخباراتها.
نجح المجلس الانتقالي الليبي في أن يكون أكثر همجية من القذافي فقتله وغنى ورقص على جثته، وفشل في أول اختبار له وهو تقديم المجرم للعدالة بصورة حضارية.
ما لفت نظري أثناء تغطية الجزيرة لفرح الليبيين بمقتل الفذافي هو تعليق مراسل الجزيرة (عامر) "أن الشعب الليبي انتصر بالتكبير فقط".تناسى هذا المراسل "المؤمن" طائرات الناتو التي لولاها لما قدرت القوات المؤيدة للمجلس الليبي من التقدم شبراً واحداً . نعم سبحان من سخر لنا الناتو والحمد لهُ على نعمة التكبير. التكبير استراتيجية عسكرية سوف تدرس قريباً في الأكاديميات العسكرية.

المجلس "الوطني" من يمثل؟

انتقاد المجلس الوطني جريمة تعرض مرتكبها للعض من أنصار هذا المجلس!!!
على الرغم من الطريقة الغامضة التي تشكل فيها المجلس والبعيدة عن أدنى درجات الشفافية، فقد رأى فيه البعض منفذاً للمأزق التي تعيشه المعارضة السورية. المجلس كما يدعي يمثل كافة أطياف ونسيج الشعب السوري (وهذا طبعاً مبالغ فيه) كما أن 60 % أي أكثر من النصف من الداخل (وهذا مستحيل إلا إذا استخدمنا عبارة "للضرورات الأمنية" السحرية للتحفظ عن ذكر أسماء الأعضاء في الداخل).
على أي حال جميع من استأثر بالمناصب القيادية في هذا المجلس الموقر (للضرورات الأمنية) هم خارج البلاد وأغلبهم شخصيات مشبوهة لن أخوض فيها ولا من يمولها لكي لا أستخدم نفس إسلوب النظام. المهم اختيار الغليون تم كغطاء "مؤقت" لتلميع هذا المجلس وتجنيب وصفه بمجلس إسلامي.

المجلس "الوطني" من يموله؟

تم تسويق المجلس ورئيسه عبر قناة الجزيرة وعبر صفحة الثورة الإسلامية ضد بشار الأسد بجمعة " المجلس السوري يمثلني" طبعاً لم ينسى هؤلاء أهمية الشارع ولافتات التأييد المسبقة الدفع (طبعاً بالإمكان سؤال جماعة مؤتمر إنطالية عن طريقة الدفع لهذه اللافتات فهم كانوا السباقين بهذا التكتيك الجماهيري).
المال موجود ... المجلس موجود ..."المفكر" برهان غليون أجاب على سؤال داعية قناة الجزيرة أحمد منصور حول تمويل المجلس بأن من يمول المجلس هم رجال أعمال سوريون في الخارج واضعاً هو ومحاوره "الحيادي" حداً لمثيري القلاقل أمثالي من أن هذا المجلس ممول قطرياً ومدعوم تركياً وللإخوان والإسلاميين بمختلف أنواعهم فيه حصة "الأسد". طبعاً لم يسمي الغليون رجال الأعمال الذين انهالوا على المجلس بالأموال قبل أن ينصب هو رئيساً للمجلس وقبل حتى أن يفهم هؤلاء الطيبون برنامج عمل هذا المجلس... ربما "لضرورات أمنية" أيضاً. هكذا تكلم الغليون "المفكر"!
مهلة الجامعة العربية ليست فقط للنظام وإنما برأيي هي مهلة قطرية للمجلس الهش الغير واضح الرؤية أو التوجه. الأمر الوحيد الذي أراه واضحاً كالشمس هو أن القطريين هم أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة في هذا المجلس وكيف يتحرك والأهم "متى" يتحرك. نجحوا بهذه الطريقة والفضل يعود "للمفكر العربي"عزمي بشارة باحتواء المعارضة واختزالها فيه. ما سيترتب على ذلك أن المجلس سيكون جاهزاً لصفقة مع النظام أولابتزازه عند الضرورة. النظام أيضاً سيستفيد من هذا الاختزال لأنه سيتعامل مع كيان يبيع ويشتري ويفاوض بدلاً من مجابهة شارع فوضوي لا يمكن السيطرة عليه.

الثورة الإسلامية السورية

لا يمكن إنكار أن الاجندة السائدة للحراك الشعبي ذات طابع إسلامي حتى الأسماء التي يتكنى بها على سبيل المثال المنشقين على الجيش (كتائب خالد بن الوليد، كتيبة عمر بن الخطاب، كتيبة الأبابيل، كتيبة معاوية بن أبي سفيان.....) تصب في هذا السياق وتدعو للتساؤل عن الدور الذي يلعبه الدولار النفطي في صبغ الثورة بهذا الشكل. الأسباب الرئيسية لعدم دخول دمشق وحلب في الاحتجاجات هو العامل المادي لأن الوضع المادي لأهل هاتين المدينتين هو أفضل "نسبياً" من باقي المناطق السورية والسبب الأهم برأيي هو أن الإسلام السائد بهاتين المدينتين هو الإسلام الصوفي "المعتدل" والبعيد تماماً عن تأثير السلفيين وتيار الإخوان المسلمين. الإسلام الذي أعرفه في دمشق هو إسلام محي الدين ابن عربي وليس إسلام العرعور والقرضاوي والله المستعان.
المشكلة في سوريا ليس الفيتو الروسي والصيني، المشكلة الحقيقية هي "الثورة" نفسها (سأتحفظ عل تسميتها ثورة) التي فشلت بتسويق نفسها بشكل أوسع وخصوصاً بين الأقليات وبين سكان حلب ودمشق... (أي صفحة الثورة "الإسلامية" ضد بشار الأسد على الفيسبوك) منذ بداية الحراك تم التركيز على الجوامع واستخدام دلالات دينبة.إلى أن وصل الحال في إحدى الجمع الحماية الدولية كمن يطلب بيتزا لبيته. عرفت أننا نتعامل مع أشخاص لا يفقهون شيئاً في هذ الدنيا سوى "مالنا غيرك يا الله" و"تكبير: الله أكبر". هناك حنين شديد لدى البعض للغزو ودار الحرب... ضمن هذا السياق ابتكر مشرفوصفحة الثورة السورية طريقة جديدة "إبداعية" للتكبير باستخدام مضخمات صوت رخيصة الثمن (سعر الواحدة 800 ليرة) يتم وضعها على أسطح المنازل وبذلك لا داعي للتكبير على طريقة بلال الحبشي الغير آمنة والخطيرة بسبب علوج الشبيحة. ويتم بذلك إرهاب الكفرة (الملحدين) وبث الطمأنينة في نفس المؤمنين بأقل الخسائر (والله أعلم). هذا التصحر الفكري لن ينتج ثورة بل سيرسل الناس إلى الجنة بالملايين.
الحرية
شعار المتظاهرين الأكثر انتشاراً هو "الله ... سوريا... حرية" إذا اتفقنا على معنى الله ومعنى سوريا لا بد أن نتفق على معنى الحرية هذه الكلمة التي تميز هذه الفئة عن الفئة الأخرى التي تنادي "الله ... سوريا... بشار وبس". ماذا تعني هذه الحرية وهل التخلص من بشار واستبداله بديكتاتور آخر مطابق لفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية يكفي للوصول إلى هذه الحرية. هل يمكن لأشخاص يعتقدون أن التكبير سيخلصهم من النظام أن يفهموا معنى الحرية. مصطلح الحرية بحاجة لتدقيق أكثر من يفرض النقاب على زوجته وبناته وأخواته سأختلف معه بالتأكيد على تعريف الحرية حتى لو خرج بسلاح أو بدونه "في سبيل الله" ضد النظام الكافر.

هل يوجد حل؟
أنا أخشى من أسلمة سوريا ولا أخشى من الإسلام كدين. لا يمكنني أن أنتظر الديمقراطية من قطر ولا من جزيرتها ولا من القرضاوي ولا من الإخوان المسلمين ولا من قناة الصفا المتخصصة بمحاربة الصفوية "قاتلهم الله". هؤلاء جميعاً يضاربون بدمائنا لحسابهم الخاص وهم أول من يحتاج فهم معنى الديموقراطية والحرية.... فاقد الشيء لا يعطيه.
الحل بيد الشعب السوري وبيد النخب الواعية... لا أطرح نفسي بديلاً لأحد ولا أطمح أن أكون بديلاً. ما أتمناه أن يتم التحضير لمشروع آخر يكون بديلاً للنظام ولهذا المجلس الإنكشاري ما أدعو إليه ليس لترسيخ الفرقة كما سيحاول البعض اتهامي وإنما لمنع استفراد تيار واحد بمصير بلد وشعب وهو ما يتنافى مع أبسط أشكال الديموقراطية.
لا يمكن إسقاط النظام بمجلس دمى ولا يمكن للحراك الإسلامي أن يرقى إلى ثورة شعبية تطيح بالنظام طالما أن دمشق وحلب والأقليات لا تثق بالأجندة الحالية "للثورة الإسلامية". كما لا يمكن لنظام قمعي كالنظام السوري السقوط بالمظاهرات والهتافات والتكبير فقط. النظام السوري لن يسقط قريباً ولن يسقط إلا بتدخل دولي.
سوريا بحاجة إلى راعٍ يقود لا إلى ديك يصيح. ما يحصل الآن في سوريا لم يرقى إلى مرحلة الثورة. الثورة بحاجة إلى برنامج عمل اجتماعي ونهضوي شامل لذلك لا بد للثورة أن يكون لها عقل يفكر ويخطط ولا بد لهذه الثورة يجب أن تشمل كل نواحي الحياة لا أن تحصر بالدين وإلا فإنها تتحول لحركة انقلابية تهدف لاستبدال حكم استبدادي فردي (أتوقراط) بحكم استبدادي ديني (ثيوقراط). الثورة يجب أن تبدأ بالفرد والحرية والتغيير يجب أن تبدأ في ذاتنا، أن تبدأ بالقمع الذي نمارسه في البيت. يجب أن نقتل الديكتاتور فينا.
الموت أرحم من الصمت!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فوبيا الدين عند الموسوسين
أبو حسان الناصر ( 2011 / 10 / 23 - 22:04 )
المقال غير موضوعي وغير متزن أولا الثورة وأقول ثورة رضي من رضي وسخط من سخط فإن لم تكن ثورة فلماذا يريق عصابة الأسد دماء السوريين يوميا ؟ هذه الثورة تشمل جميع فئات المجتمع فلا يمكن اختزالها بطرف دون آخر هل سهير الأتاسي سلفية أم إخوانية ؟ هل برهان غليون إسلامي ؟ هل
الفنان السوري الذي اعتدي عليه سلفي أم إخواني ؟
يتباكى الكاتب على القذافي ولا يبكي على الشهداء الذي قتلهم القذافي طيلة حكمه وليس سجن بو سليم عنا ببعيد ، أين عاطفة الكاتب من القتل اليومي الذي شمل الأطفال والنساء ؟ما رأي الكاتب المحترم من الانشقاقات في الجيش ؟ما رأي
الكاتب من الذين استقالوا من التلفزيون السوري سئ السمعة والصيت ؟
لماذا تخافون من الدين ؟ لماذا يستغبي الكاتب الشعب السوري الذي خرج وكأن الشعب السوري ابله لا يعرف وراء من يمشي ؟ لماذا نبرة التخوين والإقصاء ؟ وكان النظام السوري يأخذ ماله من حلال وهل يستمد الدعم من إيران وروسيا إلا من أجل قتل شعبه ؟ وأقول أخيرا إن قطار الثورة سيسير ولن يلتفت إلى صيحات الناعقين هنا وهناك وستقوم دولة الحرية والعدالة بإذن الله وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ...


2 - اين البديل
wael fayad ( 2011 / 10 / 24 - 01:41 )

سيد رائد
يشكل الخوف الوارد في المقال خوف الكثيرين من ابناء سورية ولا اخفيك انني اشعر بالاشمئزاز كلما ورد مقال او منشور حول الجيش المنشق وكتائب الله الواسعة وسبق وورد لي تعليق متسائلا الا تشبه فيديوهات الجيش المنشق فيديوهات تنظيم القاعدة.
اما بالنسبة للمجلس الوطني فاشاطرك النقد بانه ليس منزل ولكنه قدم إلينا في لحظة نحن باشد الحاجة اليها فلا حمص ولا درعا ولا حماة ولا الدير وغيرها من المحافظات الثائرة تستطيع تحمل القتل اليومي في صفوف المتظاهريين وما اخصه هو البيان التاسيسي اسطنبول الذي اعجبني بانه تحت سقف تركي وبمساندة الدول التي ذكرها مقالك ولم يبدأ بالبسملة واعلن مطالب الشعب بشكل واضح اسقاط النظام وقيادته المتمثلة ببشار الاسد والانتقال الى دولة علمانية مدنية والاهم وجود اقطاب متشددة للاسلام قد وقعت على نص البيان ويبقى السؤال أليس من الاجدر ان تكون كلمة الشارع هي الكلمة الحسم وهل وجد بديل للمجلس يرتقي بثقة الشارع مبيناً نقاط الخلل ومسندا داخلياً لاضمن لك سقوط المجلس تلقائياً.


3 - لا تخف
mohd samer ( 2011 / 10 / 26 - 12:01 )
لا أعلم كيف تستطيع تحمل القتل اليومي و الاذلال الذي يمارسه بشار الأسد و شبيحته و لا تحتمل أن يشكل السوريين بعض كتائب العزة تسمى بأسماء أجداد كرام كخالد ةو القعقاع أترى لو سموها مايكل و جورج و ماركس و لينين كنت ترضى ... بئس الطرح هذا أرجو منك إن كنت تفكر بعقل عزيز أن تعيد النظر و لا تسخر من أهلك فمن يثور و يقتل هم إخوتك و أبناء عمومتك إن كنت سوريا لا أدري إلا أن ما قرأته لا يليق بسوري حر و هذا ما يرجوه بشار و زبانيته أن يتخاذل بعض أناء الشعب و يخذلوا غيرهم ... فالله الله بسوريا و السوريين


4 - من قلة الرجال
ماجدة منصور ( 2012 / 1 / 8 - 20:50 )
سيدي: من قلة الرجال سموا الديك أبو علي، فوجود نظامنا البعثي الخالد و الصامد الى الأبد لم يترك سوى خيارين اثنين لا ثالث لها للسوريين ، اما الجامع أو الخمارة... ونظرا لفقرنا الأبدي و نظرا لارتفاع تكاليف الخمر و الخمارة-قاتل الله الشيطان- فقد اختار السوريين الجامع لأنه و مقارنة للخمارة فان تكاليفه أقل كثيرا و لأن معظم النخب السورية كانت اما في المعتقلات أو فارون في أصقاع الأرض الأربعة- أنا من زمرة الفاريين- ونظرا لأن النظام قد برع في تفتييت النخب أو أدلجتها فان السحة السورية قد خلت من كل حراك وطني حقيقي و لم يبقى فيها الا الخمرجية أو المتأسلميين. بهذا ينتفي اللوم على جميع من في الساحة السورية الآن و يحق للديك أن يكون أبو علي. لك احترامي


5 - @ماجدة منصور
رائد شما ( 2012 / 1 / 8 - 21:31 )
نعم يحق للديك أن يكون أبو علي..... النظام هو المسؤول الأول عن حالة التخلف التي وصلنا لها

اخر الافلام

.. قتيل وجرحى في انهيار مبنى بمدينة إسطنبول التركية


.. مبادرة شابة فلسطينية لتعليم أطفال غزة في مدرسة متنقلة




.. ماذا بعد وصول مسيرات حزب الله إلى نهاريا في إسرائيل؟


.. بمشاركة نائب فرنسي.. مظاهرة حاشدة في مرسيليا الفرنسية نصرة ل




.. الدكتور خليل العناني: بايدن يعاني وما يحركه هي الحسابات الان