الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في مشاهد أعتقال وقتل دكتاتور

شاكر الناصري

2011 / 10 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


بلا شك ، أن القذافي كان تجسيدا حقيقيا لشخصية الدكتاتور القاتل الدموي والمستبد الأهوج وبلا شك أيضا فأن فترة حكمه التي أمتدت لأكثر من اربعة عقود كانت فترة موت ودمار وتهميش حقيقي للشعب الليبي ، أجتماعيا وثقافيا وسياسيا وأقتصاديا . أربعة عقود تحول فيها القذافي الى مالك للشعب والارض والمقدرات الطائلة وتحول الأنسان في نظره الى تابع ذليل ، وإن الليبين ليسوا الا مجموعة من الجرذان لايعرف من أي جحور جاؤوا حتى يعيد عليهم السؤال الفج : من أنتم ؟ أو مجاميع من مدمني حبوب الهلوسة الذين يسعون الى تقويض سلطة الشعب التي أبتكرها ، هو ، فحولت هذا الشعب الى مجاميع من المعوزين والذين سحقت كرامتهم وأصبحوا ضحية الجهل والأمية وسطوة القيم والأعراف القبلية والأجتماعية المتهالكة .

ما هو العقاب الذي يجب ان يفرض على القذافي جراء الجرائم والفضائع التي أرتكبها بحق الشعب الليبي ، مجازر وأعدامات جماعية ، سجون ومعتقلات وتعذيب يفوق الخيال ، تجهيل وتحميق وأشاعة المخدرات والأدمان بشكل منظم ، حتى يشعر هذا الشعب بالعدالة وأن ما لحق به من جور وظلم لن يذهب أدراج الرياح ؟ بالتأكيد ليس ثمة عقوبة يمكنها ان تنصف الشعب الليبي وليس ثمة قانون يمكنه ان يعيد الحق ويشيع العدالة التي تحولت الى حلم عصي وبعيد المنال حتى لو قتل القذافي وأفراد أسرته ونظام حكمه الف مرة ،فالأفعال والممارسات الشنيعة التي مارسها القذافي ومن معه تركت آثرا وجرحا عميقا في نفس وشخصية وذاكرة كل مواطن ليبي .

المشاهد التي سجلت للقذافي في آخر لحضاته ومن ثم موته ،لم يتم تسجيلها أعتباطا ولم يكن الهدف منها فرض عقاب لتحقيق عدالة ما ،بل كانت رسالة صريحة وواضحة ولكنها أخطأت هدفها المرتجى فكانت رسالة مشوهة ومكتوبة بالدم وبلغة الأنتقام وتدفع كل من شاهد ما جرى للقذافي وابنه للتساؤل عما يحمله الحكام الجدد لليبيا ولشعبها . فما حملته هذه الرسالة فيه الكثير من مفردات وأشارات سلطة نظام مارس القمع والتنكيل والعقاب الجماعي بحق الشعب الذي يحكمه .

مشاهد أعتقال وقتل القذافي وولده معتصم ، يتم تكرارها عبر وسائل الأعلام الغربي بشكل متواصل . التكرار هنا ليس لبث خبر أعتقال ومقتل دكتاتور وطاغية بحجم القذافي ، الذي ساهم الغرب وبقوة في تعزيز حكمه وعبرالتجاهل المفضوح والصمت المطبق أزاء ماكان يرتكبه من بشاعات بحق الشعب الليبي الا في حالات نادرة كان الهدف منها تحقيق مكاسب أو فرض تنازلات معينة على القذافي ، بل لرسم صورة وأنطباع مغرض عن القدرة التي يملكها الليبيون ، الذين ثاروا وأنتفضوا ضد القذافي ونظام حكمه ، على ممارسة الأنتقام والثأر ومن هذه الصورة يسعى الأعلام الغربي لتصوير حالة ليبيا القادمة أو حين يحكمها أشخاص يجيدون ممارسة الأنتقام وفرض العقاب دون اي رادع . ترشيخ لصورة العربي الذي يشهر السلاح ويطلب من معتقل وأسير ان ينطق بالشهادة حتى يرديه قتيلا . الأعلام الغربي هو الذي تناقل تصريحات قادة قوات حلف الأطلسي التي تؤكد أن قواتهم وطائراتهم الحربية هي التي هاجمت رتل القذافي أثناء محاولته الفرار ولكن هذا الأعلام تناسى تلك التصريحات ما ان حصل على مشاهد وصور تبين الكيفية التي قتل بها القذافي .

قتل القذافي سوف يخلص ليبيا و ينهي الأوضاع المضطربة فيها ويحقق الأستقرار ، ليبيا أفضل لو قتل القذافي ، قتل القذافي سوف يضع حدا للارهاب ...الخ كلها تصريحات تشارك فيها قادة دول حلف الأطلسي وقادة المجلس الأنتقالي وهم يشاركون في عملية أسقاط نظام القذافي . تصريحات تكشف ان قتل القذافي كان أحد الأهداف الرئيسية للحملة العسكرية لحلف الأطلسي ، قتل القذافي أذا كان يعني التخلص من دكتاتور وطاغية مجرم ، فأنه يعني ضمنا طمس كل الملفات التي تربطه بهذه الدول والخدمات الجليلة التي قدمها لهم والصفقات السرية التي عقدها معهم وكان من ضمنها قتل او تسليم المعارضة الليبية في عدد من دول هذا الحلف ومن ثم منع الشعب الليبي من معرفة ما كان يدور طوال العقود الأربعة من حكم القذافي وكيف كانت حياة هذا الشعب وحرياته وتطلعاته تذبح وتنتهك وتسحق عبر أتفاقات وخدمات يقدمها القذافي لدول نافذة في العالم مقابل صمتها وسكوتها المخزي على ما يرتكبه من جرائم . الصمت والتواطؤ الذي مارسته هذه الدول وهي على دراية تامة بما يمارسه هذا الدكتاتور بحق الشعب الليبي من جرائم وأنتهاكات تفوق الخيال يجعلها شريكة في كل الجرائم التي أرتكبها القذافي في ليبيا ويجعل من قضية دفاعها عن حقوق الأنسان والديمقراطية في محل شك مشروع وحقيقي .

هل من حق الشعب الليبي أن يفهم ماكان يجري وكيف حكم واي قوى تتاجر بحياته وحرياته وحقوقه وبكرامته ؟ الأجابة على هذا السؤال سوف تتوقف كثيرا امام مشاهد أعتقال وقتل القذافي والتي ربما تحمل الكثير من الأجابات الصادمة . نسيان الماضي والسكوت والتطلع للمستقبل سوف تكون أجابات جاهزة ولكنها مخادعة ومريبة في نفس الوقت .

ان من حقنا كبشر نعيش في هذا العالم ان نفهم ما يجري وكيف تدار حياتنا وكيف يتم حكمنا ؟ باية وسائل و تشريعات وقوانين يتم تسيير حياتنا ومصادرة حقوقنا وقمع حرياتنا ومطالبنا بحياة تليق بنا كبشر ؟ من يحكمنا ومن يتشارك في حكمنا ؟ هل نحن طرف في ما حدث وسيحدث لنا أم ان هذا ما يجب السكوت عنه وانه خطوط حمراء لايجوز تجاوزها حتى لو بمجرد السؤال ؟

القذافي وصدام حسين والخميني وبينوشيه وموسوليني وهتلر وفرانكو وسوهارتو والأسد وعلي عبد الله صالح وحكام إمارات النفط والبشير وبوتفليقة ...وغيرهم الكثير هم نماذج أنتجتها البشرية عبر مسارها لكنها نماذج مخزية وتحمل الكثير من العار خصوصا أذا ماكان مسعى الحرية والعدالة والمساواة الحقيقية بين البشر هو ما تطمح اليه هذه البشرية وكان شعارها الأساسي عبر تاريخها الطويل لكنهم النماذج الأكثر بشاعة ووحشية وتعطشا للدماء ،فكانوا النقاط السوداء والأثر والجرح الذي لايمحى في مسيرة بشريتنا العتيدة وذاكرتها .

حتى نعيش في عالم أمن بعيدا عن سطوة دكتاتوريات بشعة كالتي مرت على حياتنا وتاريخنا ،فانه يتوجب ان نعيد الحساب في مدى قدرتنا على ان نحيا وفق معطيات أنسانية تجنبنا الكثير من المآسي والنكبات والأذلال . معطيات العدالة والحرية والمساواة وكرامة الأنسان . المواطنة والحوار والشراكة في رسم مصير مجتمعاتنا سوف تكون حاسمة وجوهرية في مسعانا للعيش في عالم أفضل بعيدا عن رعب الدكتاتوريات والأستبداد وأنتهاك الكرامة وبعيدا عن لغة الأنتقام والثأر.

الثورات والأنتفاضات الجماهيرية والشعبية التي حدثت في تونس ومصر وسوريا واليمن وكذلك ليبيا كان أحد أهدافها السامية والنبيلة تحقيق العدالة وأيقاف الظلم وأعادة الكرامة للأنسان المسحوق وإن كل الخروقات والتجاوزات التي تحدث سوف تبعد هذه الثورات والأنتفاضات عن مسعاها الحقيقي لأنها وبكل بساطة لم تكن من أجل الأنتقام والثأر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حينما يتحول الدكتاتور الى شهيد والثوار وحوش
غـــــريب ( 2011 / 10 / 23 - 21:22 )
إن الإسلوب الوحشي البشع الذي قتل به القذافي وولده يعيد للأذهان مشاهد من مسرحية يوليوس قيصر روما وما آل اليه مصير المجموعه المتآمره لقتله لإنقاذ روما من دكتاتوريته وهذا المصير سيكون أيضا بلا شك المصير نفسه لما يسمى بثوار ليبيا وستبدأ التصفيات


2 - العزيز شاكر الناصري
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 10 / 24 - 04:29 )
اول الغيث هو الغاء كل نص يتنافى مع الشريعه وبالذات في موضوع الزواج
هذا ما صرح به المدعو مصطفى عبد الجليل


3 - نبأ عاجل
فهد لعنزي السعودية ( 2011 / 10 / 24 - 08:14 )
اعلن المحلس الانتقالي في ليبيا على لسان رئيسه مصطفى عبد الجليل بان الشريعة الاسلامية ستكون المصدر الرئيسي للتشريع ـ وليس مصدرا من مصادر التشريع ـ فعليه ان اهم بند في الشريعة الاسلامية هو (لا يجوز الخروج على الحاكم ولو كان ظالم ).ولنا ان نسأل هل الشريعة الاسلامية تؤمن بالديموقراطية؟؟.وهل الشعوب العربية مؤهلة لتقبلها وهل الثورات قامت لاجلها ام هي ثورات البطون الخاويه؟؟.نتمى للشعب الليبي الشقيق كل التقدم والازدهار وان لا ياتي يوم نقول فيه (رحم الله الحجاج عن ابنه).


4 - القادم اخفى
هاشم القريشي ( 2011 / 10 / 25 - 01:19 )
يقال بان اول الغيث قطر ثم ينهمر المطر سبنهمر مطر وعواصف الأرهاب الوهابي القادم وياعزيزي لن تنجوا انت منه ولا انا ولاسيندم اوباما وساركوزي مرسل السلاح الى زين الدين بن علي التي انكشفت للعالم شعوب العالم والخافي اعضم


5 - الذي رجله في النار ليس كمن ينظر إليها
جهاد عويتي ( 2011 / 10 / 25 - 18:06 )
سيد شاكر
أنا شخصياً لو نظرت من الزاوية التي تابع عبرها العالم مشهد أسر القذافي ونهايته الدموية فسوف أوافقك الرأي تماماً. أما أنني ليبي وعاصرت القذافي منذ أستيلاءه على هذه البلد الأمن إلى فترة التمانية أشهر العصيبة التي مرت ككابوس بلا نهاية فقد أختلف معك ومع كل من أنتقد هذه النهاية (المؤلمة) لكثير من الأسباب الوجيهة. ربما كلمة (شماته) تحوي شحنة سلبية ومعيبة حينما يتعلق الأمر بموت جار مشاكس أو أعدام مجرم أو أفلاس لص قام يوماً ما بسرقة (تحويشة العمر) ولكن ماشعرنا به تجاه نهاية القذافي فاق الشعور بالشماته والتشفي, ومعنا كل الحق في ذلك إن كنت معنا وكنت شاهد عيان لما حدث على أرض الواقع وليس فقط ماتناولته الفضائيات والتقارير الأخبارية المتضامنة والمحايدة والمناهضة, وللعلم فقط فالقذافي تجاوز صدام على كل الأصعدة, فقد قتل 30ألف وجرح 50ألف والمفقودين 05ألف عوضاً عن ألاف الفتيات والنساء اللتي أُغتصبن من قبل جنوده ومرتزقته الأفارقة والعرب فرادى أم أمام أبائهن وأخوانهن وأزواجهن وكذلك الفتيان لم يسلموا من الأغتصاب, أضف إلى ذلك عمليات القتل العشوائي خارج الجبهة أي في المدن في حق كل من أُشتبه في ولاءه


6 - يتبع
جهاد عويتي ( 2011 / 10 / 25 - 18:28 )
للقذافي. ثم المجاعة واختفاء جميع أنواع الوقود والأدوية في الوقت الذي كان يخفي فيه تلك الأحتياجات بغرض دفع الليبيين للأقتتال فيما بينهم وكأن الذين يموتون في الجبهات لم يكفيه. لا أود الأسهاب أكثر من ذلك فنهاية القذافي (الغير أنسانية) ستبدو في غاية اللطف أمام مالم يرتكبه حاكم ضد شعبه.
أما بالنسبة لماذا كانت تصفية القذافي أولى من بقائه حياً ومن ثم محاكمته فهذا أيضاً شأن نعلمه كليبيين حق المعرفة وربما ألتقت مصالحنا مع مصالح الأخرين الذين يخشون من أعترافاته لو حوكم. إن بقاءه حياً ولديه مايناهز ال250 مليار دولار ومناصرين كبعض الأطراف الغربية المستترة والأفريقية وحتى الليبية التي لا تحبه لشخصه بل لأستفادتها من نظامه. كل هؤلاء كانوا سيشكلون عقبة كأداء أمام المجلس الوطني وعملية تشكيل الحكومة المؤقته أضف إلى ذلك القلاقل التي سيثيرها مناصروه داخل المدن من عمليات تفجير واغتيال وفوضى قد تقود البلد تدريجياً إلى شبه حرب أهلية ستلقى بظلالها فوق الظلال الملقاة أصلاً بعد هذه الحرب الشعواء. الليبييون يريدون بعض من الراحة والأطمأنان والحرية. وما سوف يأتي به المستقبل لن يكون بأي شكل من الأشكال أسوء مما كان

اخر الافلام

.. إيران: ما الترتيبات المقررة في حال شغور منصب الرئيس؟


.. نبض فرنسا: كاليدونيا الجديدة، موقع استراتيجي يثير اهتمام الق




.. إيران: كيف تجري عمليات البحث عن مروحية الرئيس وكم يصمد الإنس


.. نبض أوروبا: كيف تؤثر الحرب في أوكرانيا وغزة على حملة الانتخا




.. WSJ: عدد قتلى الرهائن الإسرائيليين لدى حماس أعلى بكثير مما ه