الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصفقة الشاليطَية دفع كل الشعب الفلسطيني مقدما فاتورتها الدموية

طلعت الصفدى

2011 / 10 / 24
القضية الفلسطينية


افرحي يا غزة، فقد دفعت فاتورة صفقة شاليط كاملة دون تنزيلات، أو خصومات، ودون رأفة من محتل صهيوني إرهابي عنصري متطرف غير أنساني معاد للبشرية، ودون إنصاف من البعض للحقيقة الموضوعية والمسؤولية الأخلاقية الذي أخذته نشوة الصفقة . ومع الانتصار والفرحة الكبرى التي اجتاحت الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومواقع الشتات واللجوء، بتحرير أكثر من ألف من الأسرى والمعتقلين من سجون وزنازين الاحتلال الإسرائيلي، باعتباره عرسا وطنيا شكل إجماعا فلسطينيا مميزا، نسى البعض نفسه، أو تناسى في زحمة الانتصار الثمن الباهظ الذي دفعه الشركاء الحقيقيون من البشر والشجر والحجر الفلسطيني، وراح لوحده في المهرجانات، وعبر مكبرات الصوت والفضائيات الخاصة، ينسب لنفسه هذا الانتصار، دون أن يلتفت ويعطي الشعب الفلسطيني حقه، ودوره الحقيقي في هذا الانتصار، وصبره المر على عدوانية الاحتلال بعد اسر جندي الحرب شاليط، وكسر هيبة جيش الاحتلال الذي لا يقهر، وفشل مخابراته واستخباراته العسكرية في العثور عليه حيا أو ميتا.

فحصار غزة المحاصرة، ومواصلة الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على شعبنا الفلسطيني في الضفة وغزة، متسلحا بكل تكنولوجيا الإرهاب والعنصرية ليصل ذروة عدوانه على غزة عام 2008، فيصب جام غضبه وحقده على الشعب، مدججا بالكراهية والأسلحة الفتاكة، وبطائراته ودباباته ومجنزراته مشحونا بأسلحته المحرمة دوليا، قنابله العنقودية والفسفورية تتساقط على رؤوس المواطنين الأبرياء، وتصب حممها على الشعب الأعزل إلا من إرادة الصمود والصبر والتضحية، ليدفع كل مواطن في غزة ضريبة الصمود والمقاومة فواتيرا من الدم والمعاناة، فعظام جملة من الأطفال قد تفحمت، ولحم بعض الشيوخ قد تشوهت، وبعض العائلات فقدت أسرها كاملة، وأكثر من 1500 شهيدا، فجماهير غزة من العمال والمزارعين والفلاحين والطلاب والشبيبة والصيادين والمثقفين، والأم والزوجة، والعجوز والصبية والمسنين بالتوالي وبالتوازي قد دفعت نصيبها في هذه المعركة.

ومع الحصار البري والبحري والجوي على غزة، لا زالت رشاشات الاحتلال تطلق سمومها على المزارعين الذين يتخطون المنطقة العازلة ( 300 متر ) على امتداد حدودها الشرقية، وتتوغل جرافاته الحاقدة لتقتلع الأشجار المعمرة والمثمرة من جذورها، وتطارد قوارب الصيادين في عرض البحر، وتفرض عليهم إقامة جبرية في عرض البحر، وتخطط لتعميق الأزمة الاقتصادية، وتزيد من حجم البطالة، ليتحول العمال المنتجين إلى متسولين، وترتفع نسبة الفقر والعوز والمرض، وتحاصر أدوية الحياة والعلاج في المستشفيات، وتمنع النور عن المواطنين جراء انقطاع التيار الكهربائي، ليستجيروا بالموتورات الكهربية المهربة التي تزعق ليلا ونهارا كأنين المرضى وصراخ الموجوعين، وتعطل عمل المعابر على الحدود الشمالية والشرقية، وتتحول الأنفاق في رفح لمصيدة لاقتناص العمال والباحثين عن لقمة عيش رغم مخاطر الموت، وتنتعش تجارة الأنفاق، ويجري مأسسة عمليات التهريب لتدر على بعض المتنفذين ملايين الدولارات، تجد طريقها لتبييض الأموال، وشراء العقارات والشقق والأراضي، لترتفع إيجار الشقق وأسعار الأراضي بشكل جنوني لا يتناسب مع الدخل المحدود للمواطنين. غزة معزولة عن العالم العربي والدولي، وبدلا من توحيد طاقات الشعب وتنظيمه لمواجهة العدوان يتعمق الانقسام، وتغلق المؤسسات النقابية والمهنية، والمكاتب الصحفية، ويتعطل دور مؤسسات المجتمع المدني، ويجرى موسميا التعاطي مع النشاطات السياسية والفعاليات الوطنية... الخ.

لقد دفع ثمن فاتورة الصفقة تلك، أولا أولئك الذين نفذوا أسر جندي الحرب شاليط، الشهيدان فروانة والرنتيسي، المقاومون والشهداء، وكل مواطن من أبناء وبنات شعبنا بطريق مباشر أو غير مباشر، وكل مولود وطفل وامرأة وشاب وعروس وعجوز ومسن، دفعوا جميعا دما وحصارا ومعاناة مادية ومعنوية ونفسية. ولا يوجد في التاريخ الإنساني، جريمة أفظع من جريمة العقاب الجماعي على مواطنين لم يشاركوا في عملية خطف جندي الحرب شاليط ، ويتحمل نتائج هذه الجريمة كل القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، ولا بد من ملاحقتهم وتقديمهم للمحاكمة كمجرمي حرب ضد الإنسانية، ولن يعفيهم من المسؤولية الإفراج عن عدد من الأسرى والمحررين..

لقد فرض الاحتلال شرط النفي إلى غزة، لتعزيز الفصل الجغرافي والسياسي عن الوطن الأم فلسطين، ومع تساقط دموع الوطن بغزارة الحب الأبدي وعشق التاريخ والشهداء والأسرى، دموع الانتماء الأبدي لتراب الوطن، ووخز الإبر للأهل في انتظار من لم تشملهم صفقة شاليط ليتحرروا من السجن والسجان من مزوري التاريخ الإنساني، ومحاولات السطو علي التراث والثقافة والأرض والتاريخ كقطاع الطرق ولصوص الأعضاء الآدمية، ومن غلاة المستوطنين، فهذا الأسير المحرر يرفرف بجناحيه فوق تراب الوطن ينشد الحنين اليه، هذا القادم من الوطن إلى الوطن من مدن وقرى الضفة الفلسطينية، من وجع السجان إلى حنين الأهل في غزة كسفير التوحد والخلاص من الاحتلال والظلم والقهر، عيوننا وقلوبنا وبحرنا وسهلنا تتسع لأحبتنا الذين كسروا القيد وبصقوا في وجه السجان، غزة على موعد مع المناضلين والثوار، غزة محطة انتظار للعودة إلى الوطن الكبير، العودة إلى المنبع والمنشأ، وسيذكر التاريخ أن الشعب الفلسطيني دفع ثمن الصفقة بالجملة وبالمفرق، ولن تنجح كل محاولات الاحتلال الإسرائيلي لي ذراع القمر، أو حجب أشعة الشمس الساطعة عن الأسرى في غرف العزل المغلقة.

الشعب هو القائد، وبدون الشعب لا قيمة لرئيس ولقائد ولزعيم أو لحركة أو لحزب، صارحوا شعبكم، وتسلحوا بعظمته، ولتكتمل الفرحة بمواصلة النضال والضغط الجماهيري من أجل الإفراج عن كل المعتقلين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية والفلسطينية، وقدموا للشعب بشرى، وهدية جديدة، بالعمل المخلص من أجل انجاز المصالحة الوطنية، والتوحد لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وتحقيق أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال والعودة، وعلى طريق بناء مجتمع ديمقراطي تعددي يحقق العدالة الاجتماعة، وخال من استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو تعزيزات أمنية مكثفة في كاليدونيا الجديدة • MCD


.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR




.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما


.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟




.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح