الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة أخلاق ... وضمير- 1 -

حميد غني جعفر

2011 / 10 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



أزمة الأخلاق والضمير هي جوهر أزمات النظام الرأسمالي العالمي – المتداعي – وأكثرها عمقا وما الأزمات التي تنخر في كيانه وبنيته - السياسية منها والإقتصادية والإجتماعية ... إلا إنعكاس لأزمة الأخلاق – المتجذرة في كامل بنيته – فهي التي تتحكم في مجريات الصراع القائم بين الوحوش الجبابرة من كبار أصحاب رؤوس الأموال وكبريات الشركات الإحتكارية العالمية – من جهة – والشعوب المقهورة والتواقة الى الحرية والتحرر للخلاص من هيمنة الغرب الاستعماري – من جهة أخرى – وصراع الوحوش هذا. وفق قانون شريعة الغاب القائمة على السلب والنهب والابتزاز ... وبهدف إعادة تقسيم العالم من جديد الى مناطق نفوذ ومصادر للطاقة وأسواق لتصريف بضائعها ولم يكن لها من سبيل لتصريف أزمتها – الخانقة – إلا بتخطيط مدروس ومسبق ، بانقلاب جوهري عاصف على كل المباديء والقيم الأخلاقية والإنسانية النبيلة التي كانت راسخة وسائدة حتى العقد الاخير من القرن العشرين – الماضي – والتي تتجسد في – حق الشعوب بتقريرمصيرها بنفسها – والتعايش السلمي بين الدول ذات الانظمة الاجتماعية المختلفة – احترام سيادة واستقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية – وبانهيارهذه المباديء والقيم الاصيلة ... كان الإختلال في توازن القوى الدولي لصالح الغرب الامبريالي وإنفلتت الرأسمالية المتوحشة بزعامة امريكا من عقالها لتنفرد بتقريرمصير الشعوب – من جديد – بعودة عالم القطب الواحد ، ولكن بأساليب جديدة – هذه المرة – وبشتى الذرائع والمبررات الجديدة ايضا وبحيث تتناسب مع المتغيرات الدولية الجديدة – وغياب القطب القطب الاعظم – المعسكر الاشتراكي السابق – وانعكاسات ذالك وتداعياته على مجمل حركة التحررالوطني العالمية واضمحلال وتلاشي دورها في قيادة نضالات شعوبها ضد الامبريالية العالمية ،وبذالك فقدت الشعوب المقهورة قدرتها على مواصلة نضالها لتحقيق تطلعاتها في حياة حرة كريمة ،وهذا ما تدركه الامبريالية بزعامة امريكا ... وباتت تسعى جاهدة – اليوم – في إستغلال حالة البؤس والشقاء التي تعيشها الشعوب المقهورة والمسلوبة الحرية والارادة – المغلوب على أمرها – والتي تجثم على صدرها أنظمة رجعية فاسدة ومتخلفة تحكمها العشيرة او العائلة الواحدة – بالوراثة – او الديكتاتوريات العسكرية الفاشية لتمارس أبشع أساليب البطش والتنكيل والقمع البوليسي بأبشع أشكاله ضد شعوبها مع الكبت المريع لابسط الحريات الاساسية العامة منها والشخصية .. فلا حرية رأي وتعبيرولا حرية فكرومعتقد ولا حرية للصحافة والنشرولا ثقافة وتنويرإضافة الى البطالة والجوع والمرض وكل هذه الانظمة هي من صنع الغرب الامبريالي – أساسا – فهي التي نصبتها ومنها تستمد قوتها في القمع ، لكن هذه الانظمة المتهرئة ما عادت تتلائم او تتوافق مع مصالح الغرب الامبريالي لانها شاخت وهرمت ولابد من تغيير الوجوه ... كما لم تعد تتوافق ايضا مع تطلعات الشعوب المتعطشة للحرية ...ولذا عمدت امريكا الى دغدغة عواطف الشعوب بشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ... وهي التي كانت الى الامس القريب من أشد أعدائها .
ومن هنا أصبحت امريكا زعيمة الامبريالية العالمية هي الراعية والحامية للديمقراطية – في عالم القطب الواحد – ومنحت نفسها حق الوصاية على الشعوب – كدركي دولي – لفرض العولمة المتوحشة باسم الديمقراطية وبصيغة الشراكة الدولية وهذه الصيغة ذاتها توضح نوايا واهداف امريكا وحلفاءها الغربيون وحلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوربي ... وهي تقسيم العالم الى مناطق نفوذ وتقسيمه الى غنائم ، وتغيروضع الغرب الرأسمالي – بزعامة امريكا – من وضع الدفاع – في القرن العشرين – الى وضع الهجوم العاصف والمتوحش على الشعوب وانتهاك حرمة وسيادة الدول بشتى الذرائع والمبررات باحتلال هذا البلد او ذاك ... لتصدير أزماتها وديمقراطيتها الليبرالية – السائبة –لهذه الدول الضعيفة مصحوبة بنشر الفوضى الخلاقة وهي في حقيقتها – ذر الرماد في العيون – لممارسة السلب والنهب والابتزاز وزيادة في تعميق الفوضى وفقدان الامن والامان تقوم بحل الجيش والشرطة إضافة الى ترك الحدود الاقليمية مفتوحة – على مصاريعها – لكل من هب ودب لتسهيل دخول الارهابيين والمرتزقة والمجرمين واللصوص للقيام بأبشع عمليات السطو والسلب والنهب والقتل ... كما قام الغزاة بفتح كل أبواب الوزارات والمؤسسات التابعة لها – والمخازن التجارية –أمام اللصوص وبعض المواطنين – من ضعاف النفوس – من العاطلين الجياع – في حالة من اللاوعي – بسرقة كل ما وقع أمام أنظارهم حتى أفرغت المخازن من محتوياتها ، والأنكى من ذالك قامت القوات المحتلة – الغازية – بفتح أبواب المعسكرات ايضا لسرقة السلاح والعتاد بل وقامت هذه القوات – بنفسها – توزيع السلاح والعتاد على المواطنين وكل محتويات المخازن العسكرية من البطانيات والإطارات والكيبلات وغيرها – وهب الامير بما لايملك – وسرقت ايضا حتى المدارس والمستشفيات من محتوياتها ،وكل هذا وغيره الكثير جرى أمام أنظار القوات المحتلة ، دون مراعاة او التزام بالقوانين والاتفاقيات الدولية التي توجب على الدولة الغازية حماية أموال البلد – المحتل - وحدوده ومواطنيه من المدنيين ، ثم الهدم الكامل للبنى التحتية للاقتصاد وتعطلت كل المصانع الانتاجية الحيوية في البلاد وتوقفت دورة الانتاج كلية ،ليتحول العراق – بلد الخيرات والثروات الهائلة – الى سوق كبيرلتصريف البضائع الاجنبية من شتى الاجناس ،هذا الذي جرى في ظل الفوضى الخلاقة وانشغال الساسة – الجدد – بالصراعات على مراكز القوى والنفوذ – وتم تنصيب الحاكم – المدني – الامريكي ليتحكم باقتصاد البلد وموارده ...فكان السلب والنهب لكل ثروات البلاد من النفط والمعادن الاخرى الثمينة والنادرة وهو اي الحاكم المدني الامريكي هو مركز القرار وباختياره تم تشكيل الحكومة الجديدة – المؤقتة – وقد وجدت هذه الازمة الاخلاقية في النظام الرأسمالي العالمي – المشار اليها اعلاه – إنعكاساتها وتداعياتها على مجمل مواقف وسياسات الساسة الجدد والمتجسدة بالصراعات والمهاترات بين القوى المتنفذة على – المال والجاه – ومراكز القوى .- بعيدا عن المصالح العليا للشعب والوطن - إذ ان لكل من هذه القوى المتنفذة أجندتها الخاصة المرتبطة بدول إقليمية وأجنبية ولا زال الصراع محتدما على بناء شكل الدولة وبفعل هذه الصراعات لم تتقدم البلاد خطوة واحدة بالاتجاه الصحيح السليم ، هذا ما جرى ويجري في بلادنا ومنذ أكثر من ثمان سنوات ونضع هذه التجربة أمام الشعوب الثائرة والمنتفظة اليوم في منطقتنا العربية بوجه الانظمة الاستبدادية المتخلفة الفاسدة ، لتستلهم منها العبر والدروس وتتجنب الوقوع او الدخول في النفق المظلم الذي – أدخل ساستنا بلادنا وشعبنا فيه – باتجاه مستقبل مجهول ولكي تعي هذه الشعوب وقواها الوطنية التقدمية حقيقة الديمقراطية الامريكية ومراميها ونواياها ، ونخص منها الثورة الليبية المنتصرة التي هي اليوم على أعتاب بناء مستقبلها الجديد .
والى حلقة قادمة .......
يتبع






حميد غني جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاستثمار الخليجي في الكرة الأوروبية.. نجاح متفاوت رغم البذ


.. رعب في مدينة الفاشر السودانية مع اشتداد الاشتباكات




.. بعد تصريح روبرت كينيدي عن دودة -أكلت جزءًا- من دماغه وماتت..


.. طائرات تهبط فوق رؤوس المصطافين على شاطئ -ماهو- الكاريبي




.. لساعات العمل تأثير كبير على صحتك | #الصباح_مع_مها