الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امرأة الكاتب

سعد محمد رحيم

2011 / 10 / 24
الادب والفن


يطوّع تحسين كرمياني مقدرته في الكتابة السردية ولغته الثرية بمفردادتها بتدبيج مقالاته المتضمنة في كتاب يعطيه عنوان ( امرأة الكاتب/ دار تموز ـ دمشق 2011 ).. فنجده في تلكم المقالات، إما يعالج قضايا وظاهرات تخص فضاءنا وزمننا الأدبيين والثقافيين، أو يستعيد ذكرياته عن أدباء راحلين. ليعرض، من ثم، كتباً عبر رؤى انطباعية. ودوماً يستغرق في بوح ذاتي عذب طارحاً أفكاراً قد نتفق معه عليها أو نختلف.
في باب الرحيل يرثي كرمياني ثلاثة من الشخصيات التي غادرت عالمنا مؤخراً، الأول هو الروائي والمسرحي الكبير محيي الدين زنكنة. حيث يبدأ مقالته عنه بالحديث عن الساعات القليلة التي قضاه مع زنكنة ( بصحبة كاتب هذه السطور ) في السليمانية، قبل ثلاثة أسابيع من وفاته.
"رفع كتاب ( هاملت )، قال: كل عام أعيد قراءته.. ثم عرض علينا تماثيل برونزية لـ ( مكسيم غوركي وغوغول وبوشكين ) قال: اقتنيتها من روسيا.. قال: أشعر بكثير من الأرق، منعني الطبيب من القراءة وحتى رؤية التلفاز، أية حياة نعيش؟".
ويكرّس الكاتب مرثيته الثانية لشاعر مغمور من مدينته ( جلولاء ) مات، كما يصفه، بجلطة شعرية، اسمه: رحمن وردة، هو الذي استلهم الكاتب شاكر نوري شخصيته في رواية ( نافذة العنكبوت ).. كان رحمن بجسده المنهك العليل يعشق الأدب بشكل غريب، يبيع السكائر في مرآب مدينته، وعلى الورق المقوى لعلبها يكتب المقالات والقصائد النثرية، ويصدر مجلة شهرية، بنسخة واحدة، يحررها وحده، بخط يده، ثم يمررها لأصدقائه ومعارفه ليقرأوها. وحين يسأله أحدهم عن مهنته يجيب بثقة عالية: أنا رئيس تحرير مجلة ثقافية. أما المرثية الثالثة فكانت للشاعر عقيل علي، الذي توارى، في موسم الفوضى، بصمت، تاركاً أثراً مؤسياً في ذاكرة الثقافة العراقية.
امرأة الكاتب هي واحدة من مقالات كرمياني في ( باب الواقع ) استهلها بمقولة لأراغون؛ "المرأة مستقبل العالم". ليتحدث بدءاً عن دوافع الكتابة، ومنها محاولة الهرب من واقع مؤلم خانق، أو بعدِّها طريقة لنزف رؤى وأفكار، أو نقل ما يؤرق الذات للآخرين، أو إشهار قلم التحدي بوجه الخوانق المتسلطة، أو إثبات الشخصية. مازجاً في هذه الفعالية الإبداعية بين الألم والمرأة!. معرِّفاً امرأة الكاتب بأنها "من ترسم للحياة تلاوين ثقافية تصب في بحر الجمال، هي من تجعل الكاتب يؤسس مكانته على رف الزمن".. لكن الكتابة في وطننا محنة لا مهنة، كما يقول. أما مثال امرأة الكاتب في ذهنه فيراه في ( ميرسيدس ) زوجة الروائي الكولومبي الأشهر غابريل غارسيا ماركيز، والتي كانت، في زمن يفاعتها، ملكة جمال بلادها، وفيما بعد، على حد تعبير كرمياني: "العاشقة التي جاعت، نامت في الشوارع، وعلى الأرصفة، داخل غرف فنادق رطبة وخانقة، تسترت بأوراق الصحف، تحت موجات طقس متبدل في كل لحظة، توسدت ذراع شاب معدم مثقوب الحذاء، كان يمارس مهنة الكتابة الصحفية". وقبل أن يغدو ذلك الصحافي نجماً روائياً تطبق شهرته الآفاق. وحين يتطرق كرمياني إلى امرأة الكاتب العراقي يستعرض أمثلة شتى عن زيجات انتهت بمصائر سيئة أو حزينة في الغالب، وبطبيعة الحال من غير ذكرٍ للأسماء.
في باب المكتبة يسعى لاقتناص سحر النص وأسراره فيترصد طقوس كبار الكتاب؛ كيف يكتبون؟. ويتحرى عن الكيفية التي بها يفضح النقد أسرار السرد، ومثاله كتاب ( أحزان صائغ الحكايات ). ثم يعرض كتاب المسرحي والناقد صباح الأنباري ( البناء الدرامي في مسرح محيي الدين زنكنة ). ويبحث في أصل الكورد بقراءة كتاب الدكتور فؤاد حمه خورشيد الذي تشغله مسألة الهوية الكردية. قبل أن يشرِّح كتاب جمال الغيطاني ( حرّاس البوابة الشرقية ) منطلقاً من سؤال حاد مفاده؛ ( هل دوّن ما رأى أم سرد ما أملي عليه؟ ). واحتوى الكتاب قراءات في أعمال إبداعية عراقية لعدنان حسين احمد وسعد محمد رحيم وأحمد خلف ومحيي الدين زنكنة وجليل القيسي. لينتهي في موضوعة شائكة عن "لغة الثقافة ولغة السلطة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-