الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عام من العزله

محمد مراجع العزومى

2011 / 10 / 24
الادب والفن


لم يعد الطعام إحتياجاً يبعث على السرور ، كان قانوناً أسود يجبرنا على البلع بأية و سيله و بأى ثمن ، لسد جوع لا يشبع بل يتزايد ، كنا نعانى من الوحشه الأبديه للصحراء ، التى علمتنا أن إستيطان روح الإنسان فى مكان ما لن تتحقق إعتماداً على الإنتقال من مكان لأخر ، بل بالتعاطف و الحب ، و لا سيما تلك العواطف التى لا تروض و التى جعلت الإنسان على ما هو عليه الأن ، مخلوق بائس ، فهو كائن مأسوى يستطيع العيش على الأرض ، و الكفاح ، و السقوط فى ميدان البطوله .



مر الوقت ـ شعرنا به ـ بدا لنا مثل حلم يمضى سريعاً و لكنه حلم طويل لا ينتهى ، الوقت شراب غريب لا طعم له ، نتجرعه لحظه بالحظه ، كنا على الرغم من إختلاف مشاربنا فى الحياة نجتمع على شئ واحد ، أمر مجهول يدفعنا إلى ممارسة كل القوى من أجل الحريه الكامله ، أو الموت / فقد تيقنا تماماً بأن الإنسان الحى عليه أن يختار كل يوم ، كيف يموت غداً ؟؟!! كنا نريد أن يكون كل فرد منا ، شامخ الحياة رائع الموت .إن هذا المزاج المعتم الحزين ، لأولئك القله ، كان شاهداً على ثقل العبء الإنفعالى للإحساس بالإذلال و قلة الحيله الذى عانيناه ، بعد أن تيقنا أننا فى ذلك المكان لأجل تلك المُسماه بالثوره ، فعقاباً لنا على ما إقترفناه ، و ما لم نقترفه ، عُزلنا لمدة عام عن العالم الخارجى ، لا نرى منه شئ ، و لا نسمع عنه شئ ، و نتكلم فيما أرادونا أن نتكلم عنه ، فقط نقول الثوره خطأ فادح .تفوهت ذات يوم ، بخزعبلات عقلاً يكافح لينفض عنه غبار الصدأ الذى أصابه ، مُذ أن أتيت إلى ذلك المكان الموحش ، بأن نادراً ما يكون الثوريون هم القادرين على هدايتنا إلى العالم الجديد ، فعند الوصول إلى بوابة هذا العالم ، نعطى المفاتيح لمن لا عقل له ، الغير قادر على نبذ الماضى بما فيه من المقدمات التى أتت بالثوره ، و عدم القدره على إستيعاب الحاضر بما فيه من رخاء و خيــر ، لنتوه فى مرحلة إنتقاليه قد تطول مدتها و ربما لا تنتهى ، فما كان لى إلا أن ذقت مرارة اللومان لمدة 15 يوماً ذقت فيها شتى أنواع الذل ، تعرفت فيها على الصديق الرائع المناضل محمد يونس ، الذى قال لى عشية فراقنا ، من الممكن أن أمنح الحياة للأنسان بأن أسرق منه موته ، ليأخذ مكانى فى الصباح وسط تلك القوات الذاهبة لحفظ السلام فى أفريقيا و من وقتها إنقطعت عنى و عن أهله أخباره .كنا نعتمد فى سجننا على العاطفه الخالصه المتحرره من قيود العقل ، فقد كنا نستغرق فى العاطفه بلا نقاش ، و كنا نتشارك فى المتعه دون محاوله لضبطها .



قال لى صديق ذات يوم ، إن القانون وضع لمنع البسطاء من الوصول لمرتبة واضعى القانون ، و ليس لحمايتهم ، و دورنا نحن الثوريون ، أن نأتى بحركات تحرريه ، لنُسقط ذلك النير عن ظهور البسطاء الذي أنا واحد منهم ثم ألحق رأيه هذا ببيت للراحل أحمد شوقى ، قف دون رأيك مجاهداً ، إن الحياة عقيدة و جهاد !!! أثناء وجودى فى السجن مدة ال 15 يوماً ، قرأت العديد من الكتب المهربة ، منها روايه لكاتبه تدعى مارتى ليمباخ إسمها الموت شاباً ،عرفت بعد ذلك أنها كاتبه أمريكيه مشهورة ، و كانت أول ما قرأته فى الأدب الأمريكى ، ثم رواية خريف إمرأه أمريكيه للأديب تينسى ويليامز ، الذى سمعت عنه أنه عاش طيلة حياته يعانى من الإكتئاب و خشية الإصابه بالجنون مثلما أصاب أخته .كنت دائماً ما أترك تذكاراً فى كل مكان أذهب إليه ، أى شئ يشير إلى الأخرين بأنى كنت متواجد فى هذا المكان فى يوم من الأيام ، كانت أغلبها كتابه على الحائط أو نحت فى صخره ، فكتبت عشية خروجى من الحبس على الحائط " كنت هنا أنكر الذات و أتواضع تواضع الفضلاء ، إلا مع أهل الكبر فإن التواضع لهم لا يزيدهم إلا خيلاء و غروراً و تجبراً على الأخرين ، و كذلك أولئك من حكموا على بعام من العزله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمر عبدالحليم: نجاح «السرب» فاق توقعاتي ورأيت الجمهور يبكي ف


.. عمر عبدالحليم: كتبت لفيلم «السرب» 23 نسخة




.. أون سيت - 7 مليون جنيه إيرادات فيلم السرب في أول 3 أيام فقط


.. لا تفوتوا متابعة حلقة الليلة من The Stage عن الممثل الكبير ا




.. بعد أن كانت ممنوعة في ليبيا.. نساء يقتحمن رياضة الفنون القتا