الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القذافي .. إعدام خارج قفص الاتهام

محمد أبوعبيد

2011 / 10 / 24
حقوق الانسان


ما إنْ أوشك سيزيف على بلوغ قمة الجبل بصخرته، حتى تدحرجت من جديد، هكذا هي الطريقة التي انتهى بها، أو لنقل أنهى الثوار بها، معمر القذافي. الفرق بينهما أن صخرة سيزيف فلتت من يده، بينما الثوار أفلتوا حسن السلوك من أياديهم. وفرق آخر هو أن سيزيف سيعيد سيرتها الأولى ويحاول مرات عدة، بينما الثوار لا محاولة ثانية أمامهم، فالميت لا يُعاد مشهد موته.
من الأخطاء الجسام التي تقع فيها أية ثورة، هو أن يتصرف بعض أبنائها بمثل ما كان يتصرف من ثاروا ضده، والنتيجة أنهم بخطئهم، أو خطيئتهم، يجعلون رهطاً يتعاطف مع القذافي، وهو الرهط الذي، أصلاً كان ينتظر نهايته ولو بحكم الإعدام. كثيراً ما وقع على الأسماع، بعد انتشار صور القذافي وهو مُدمى في قبضة الثوار، عبارة "يا حرام" دون أن يبيّضوا صفحاته السود. لذلك، حين يبدي بعض كارهي القذافي نوعاً من الشفقة عليه بسبب طريقة نهايته، فهذا إخفاق كبير يُسجّل ضد الثورة الليبية التي استطاعت أن تكسب تأييدا شعبياً سواء عند العرب وغيرهم. ويبدو أن رغبة دولية أسهمت في قتله على وجه السرعة، كي تُدفن معه أسراره التي يخشاها بعض زعماء العالم.

هذا التصرف يعيد إلى الأذهان تماماً طريقة إعدام الرئيس العراقي المُطاح صدام حسين، والتي جعلت بعضاً ممن آمنوا أنه كان ديكتاتوراً يتعاطفون معه ويعتبرونه بطلاً في موته، والحديث هنا ليس عمن اعتبروه بطلاً في موته مثلما في حياته.
وحتى لا أُفْهم على نحو خاطىء، ليس في الكلام هذا أية تبرئة لتاريخ القذافي الذي طالت يد بطشه ما بعد الجغرافيا الليبية، مثلما طالت، أيضاً، من هم ليسوا من "ديمغرافيتها".

ثمة تفهم كبير لمشاعر شعب بأكمله ذاق الويلات على مدى أربعة عقود ونيّف، ما خلا من استفادوا من بقائه طيلة تلك الفترة الكئيبة، فمن كان يشاهد القذافي عبر شاشات التلفزة، ليس كمن فقد أباه، أو أخاه، بيد البطش القذافية، لذلك سيختلف تصرف الأثنين مع القذافي لو وقع بين يديْ أحدهما. لكن حين يقع العقيد في قبضة "ثوار" يمثلون نظاماً انتقالياً يبشر الليبيين بمستقبل جديد وواعد، ويسود فيه القانون، فإن التصرف يتطلب الحنكة والحكمة، وأن يبث أمارات الغد الليبيّ، بعيداً عن الانفعالات والعواطف، حتى لو حاجج البعض أن وقوع القذافي في يد الثوار غنيمة لا تضاهيها أخرى، وأنهم مهما فعلوا به فلهم العذر في ذلك. لكن تصرفات من هذا القبيل مرفوضة، أصلاً، بين عشيرتين تقتتلان على ثأر، فلا يمكن قبولها على يد ثورة ضد البطش وانعدام القانون.

كان يمكن لمسؤولي "ليبيا الجمهورية"، لا الجماهيرية، أن يوقفوا تمدد الخطأ من خلال منع سلوكيات لا تخدم صورة الليبيين، كمنع إلقاء النظرة على جثته، وعدم السماح بالتقاط الصور إلى جانبها، ومنع كل أشكال التصرفات الإنفعالية ضد طاغية وقع قي قبضة القانون. لعل الكثيرين كانوا يتمنوْن رؤية القذافي في قفص الاتهام يُحاكم أمام قضاء عادل، فلا يحزنون، حينئذ، لو أنزل به القضاء حكم الإعدام وفق القانون، فصفعة خد غير قانونية أمر من المفترض أنه مرفوض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثوار وزوجات متعددة باموال البترول المنهوبة
الاحمد سامر ( 2011 / 10 / 24 - 21:55 )
وهل هناك ثوار يؤمنون بتعدد الزوجات؟تسميتهم بالثوار اهانة كبيرة لتاريخ الثورات الحقيقية الفرنسية والروسية

اخر الافلام

.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما


.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع




.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و


.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا




.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟