الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(فواكه ما نكدر نشتري..)يا ماري أنطوانيت!!

سالم اسماعيل نوركه

2011 / 10 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عشنا لفترة طويلة في فوضى وعدم الاستقرار لأكثر من قرون كوننا جزء من منطقة كانت تدار هكذا الابن يرث أبيه بشرعية يا جلاد خذ عنق هذا الزنديق،في الوقت الذي (الزنديق في الإسلام والهرطقي في المسيحية)كان يظهر لأسباب سياسية واقتصادية وكان يحارب لذات الأسباب،كنا نعيش بلا نظم سياسية واضحة وانتخابية وبلا دستور طالما طغاتنا فوق الدستور والقانون وبهذه الصيغة ما كان ممكن بناء دولة وصوت الشعب مصادر وبدون فتح الصناديق وفرز الأصوات كانت نتائج الاستفتاء تبرق للسلطان والملك والرئيس بنسبة 99.99% وكأن الشعب يعيش عسل في عسل في ظل توجيهات القائد!
لا يكفي أن نسن دستور بلا سن قوانين دستورية مستنبطة من الدستور ونظام سياسي للسير بالمجتمع نحو الاستقرار سياسي غير مهيمن على إرادة الجميع ويصادر إرادة الآخرين.
إلى الآن لا نعرف بالضبط النظام القائم عندنا وما يروج بأننا نظام أشبه بالليبرالي قائم على تداول سلمي للسلطة وتحقيق توزيع عادل للسلطة والثروة ،وفصل السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية.خارج نطاق الدستور هناك صراع إرادات وأمزجة لبعض الأطراف دون العودة إلى الدستور فالبعض يرهبنا من الفدرالية والآخر يرى النعيم السياسي فيها والدستور يقول بأننا دولة فدرالية اتحادية.هناك نظام برلماني ونظام شبه برلماني ونظام حكم الجمعية المنتخبة وكثير من الدول ناجحة وإن اختلفت في نظامها مثل أمريكا (الرئاسي)وبريطانيا(البرلماني)وسويسرا(حكم الجمعية).
ما يجعل الديمقراطية تختلف من دولة إلى أخرى هو نظام الانتخابات وطبيعته مثل القائمة المغلقة أو شبه المغلقة أو التصويت لأكثر من مرشح أو القائمة المفتوحة والانتخاب الحر،ففي بعض النظم قد يصل إلى تحت قبة البرلمان من لم يحظى بأصوات الناخبين كما حصل عندنا في العراق.
كنا بالأمس نقاد بالظلم وبشرعية القوة الغاشمة وكل دولة بقدر فأوصلتنا تلك(الشرعية) لتاريخ 9-4-2003 في العراق وهكذا في تونس ومصر وليبيا والقائمة ستطول في قادمات الأيام .
قال علي ع في أمره لأحد قواده (إياك والدماء وسفكها بغير حلها ...فلا يقوين سلطانك بسفك دم حرام فأن ذلك مما يضعفه ويوهنه)
والحكام عندنا لا يطلعون على شيء ولا يتعظ بعضهم من بعض فنفس النهايات تتكرر وإن اختلفت في تفاصيلها فسفك الدماء عندهم لعبة مسلية وحرمان المواطن من أبسط حرياته شيء تافه !وحتى جوعه لا يعني شيء مقابل تلذذ السلطان بالسلطة ،أتراهم مثلا لا حصرا يعرفون قصة ماري أنطوانيت(1755-1793)التي أعدمت بعد 20 سنة من توليها العرش بالمقصلة الفرنسية خلال الثورة الفرنسية (1789)كانت ماري أنطوانيت زوجة لويس السادس عشر تعيش في عالم خاص بها من الترف والبحبوحة ومنصرفة لملذاتها ،عملت على عزل وزراء فرنسا القادرين الذين هددت جهودهم لخفض النفقات الملكية ملذاتها ولم تعطي للأزمة المالية بفرنسا أي اهتمام ،يقال إنها سألت ذات مرة مسئولا رسميا عن سبب غضب الباريسيين ،فكانت إجابته :ليس لديهم خبز.فكان ردها ،إذن دعهم يأكلون كعكا.وصلت ماري أنطوانيت إلى طريق مسدود نتيجة لسوء فعلها فأقنعت أخيرا لويس بالفرار من باريس ،في 1791 القي القبض عليهما وقد أعدم لويس السادس عشر بالمقصلة 1793 وقدمت ماري أنطوانيت إلى المحاكمة بتهمة الخيانة وأعدمت بالمقصلة واليوم الحكام العرب يقدمون أنفسهم أيضا للمقصلة ولكن لمقصلة الجماهير وكل بطريقة تختلف عن الآخر ولكن بنفس النتائج.
يكاد الباحث لو أعطي الحرية للكتابة عن الأنظمة العربية وطبيعة الدولة التي تقود يدخل في متاهات ،لأننا لا نستطيع أن نقول بأنها مدنية أو حديثة(علمانية لا تنص على دين الدولة) مثل فرنسا تقوم على القانون والمؤسسات تحكم بالقوانين المدنية الوضعية بعيدة عن المرجعيات الدينية ،دولة المواطنة وعدم التمييز على أساس الدين والمعتقد واللون والنوع والعرق بعكس إيطاليا التي تنص على إن دين الدولة (في دستورها)المسيحية الكاثوليكية وإن كانت ممارساتها علمانية،ولا نستطيع أن نقول بأنها دولة دينية وإن كانت لبعض الدول مرجعيات دينية تستمد منها ما ينظم شؤون الدولة وتميز بين مواطنيها على أساس الدين بعيدا عن المواطنة وغيرها من الدول التي تتصف بصبغة دينية ،كما لا نستطيع أن نقول بأنها دول جمهورية بدليل أبن الرئيس يتحول بين ليلة وضحاها إلى الرئيس الجديد بعد موت الرئيس كما حصل في سوريا ولا نستطيع أن نقول بأنها دولة ثيوقراطية وهي الدولة القائمة على حكم رجال الدين ممن نصبوا أنفسهم وكلاء عن الله .
ينقصنا الجرأة في اختيار نظام الحكم الذي نريد أو الآخر يرغب أن يكون وينصب نفسه خليفة للمسلمين!ولكنه لا يجرئ إعلان ذالك فتراه أحيانا في خطاباته يكشف عن نفسه من خلال وعظه (وتقواه).وعلينا القول بأن العلمانية برزت كرد فعل مضاد لتسلط الكنيسة الكاثوليكية على الدولة بأوربا أبان القرون الوسطى فبدأت عملية فصل الدين عن الدولة بعكس العلمانية الشاملة المطلقة والمتطرفة وتنعي فصل كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية عن مجمل حياة الإنسان(القوي يأكل الضعيف –المادة)،ولا نستطيع القول بأننا دولة ليبرالية تقوم على أساس حرية الفرد في الرأي والمعتقد والاختيار بمعنى التعددية الدينية والسياسية وقبول الاختلاف والرأي الآخر والاقتصاد الحر(الحرية الاقتصادية والدولة مراقب ومنظم لضمان المنافسة الاقتصادية الشريفة) .
نريد من سياسيي اليوم أن يقولوا لنا أي نوع من الدول نحن بعد التغيير ؟!وهل هم يؤمنون بتلك الدولة أم إن لكل واحد من سياسيي اليوم رغبة تختلف عن الآخرين ،عليهم أن يكونوا أكثر جرأة ليستقر البلد سياسيا واقتصاديا وعليهم بصياغة قانون عصري ودولة عصرية وعليهم الاستفادة من تجارب الآخرين والاتعاظ من تجارب أخرى عليهم بسن قانون لا يتحول في الغد إلى مقصلة لنا ولأولادهم من بعدهم هذا إذا هم نجوا من تلك المقصلة ،أي سياسي أرعبه صوت تلك المرأة العراقية التي في قناة فيحاء (الميكرفون المفتوح)تكلم بكل عفوية وعبرت عن معاناة الكثير من العراقيين بلغة بسيطة وقوية وقالت من ضمن ما قالت (...فواكه ما نكدر نشتري جا هي ولية) فبماذا تجيبون عليها بالعمل أم كما أجابت ماري أنطوانيت!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم كوريا الشمالية: حان وقت الحرب! فهل يشعل صراع الكوريتين


.. لافروف: ما يهم روسيا هو عدم صدور أي تهديد غربي لأمنها| #الظه




.. الملف النووي الإيراني يستمر الشغــــل الشاغـــل لواشنطن وتل


.. أول مرة في العالم.. مسبار صيني يعود بعينات من الجانب البعيد




.. ابتكار جهاز لو كان موجودا بالجاهلية لما أصبح قيس مجنونا ولا