الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحفاة والكنغر

نزيه كوثراني

2011 / 10 / 25
الادب والفن




إذا كانت الكراسي تملك تاريخا أو بتعبير أدق تفرض تاريخا لنفسها وللآخرين فهي ما استطاعت إلى ذلك سبيلا إلا بفضل قوة الأحذية التي لا تتمع بأدنى حساسية إنسانية .إن الكراسي مشغولة بلعبة الأحذية في تحريكها وفق قواعد يجهلها الحفاة . وبسب إدمان الكراسي على هذا اللعب فإنها تصاب بالسمنة والتضخم.. مما يجعلها تنفر بحدة وشدة من أي تفكير يعكر صفو استقرارها أو يدعوها إلى الحركة وتغيير منطق اشتغالها.. الذي يفتحها على التغيير والمجهول. يستغرب أهل الفكر والعلم والفلاسفة مدى الصعوبة التي تعانيها الكراسي في مجال الحركة والتنقل . خاصة وأنها تتمتع بأربعة أرجل إلا أنها تبقى أشبه بالحفرة العميقة.. رغم ما يبدو عليها من هيبة ووقار وجاذبية مغرية في الاسترخاء والتلذذ باللعب اللانهائي بتغيير أحذيتها كل صباح .لكن الشيء الذي يغيب عن بالنا ونحن نتحدث عن الأحذية والكرسي هو وحدة المصير المشوه الذي يجمعهما في وجه الحفاة . الذين وضعوا في هامش المنسي والمسكوت عنه .يتصور الكرسي أن الشر كل الشر كامن في الحفاة الذين لايخفون في سرهم حقدهم الدفين نحو الأحذية.. التي تسلطت عليهم وجعلتهم يغالبون الزمن لامتلاك الأحذية كشر لابد منه لينالوا حظوة الكرسي حتى ولو على الأقل التمتع بمنظره إن لم يحالفهم حظ الجلوس عليه . لكن الحقيقة تخالف هذا الذي يدور في خلد الكرسي إزاء الحفاة . صحيح أنهم يستغربون هذا التحالف الغامض بين الأحذية والكرسي . وأحيانا يفسرون ذلك بجهلهم لمصدر ومبدع هؤلاء الشياطين- الأحذية - الذين يتلبسون جثثا ضخمة لا تقوى على الحركة.. ومع ذلك لا تكف عن التهام كل شيء تطاله يدها وكأنها حفرة تسعي نحو حفرة عميقة . إن حلم الحفاة البعيد في الذاكرة هو أن تتخلص من الكرسي في اقرب جحر أو حفرة حتى تهدأ حركة الأحذية وتطمئن قلوب الحفاة من سطوتها وجنونها في خلق حالة من الرعب والخوف .ربما فكر بعضهم بخيال غريب في التحرر نهائيا من لعنة الأحذية بحرقها أو رميها في البيداء. لكن الأمر الخطير الذي يتهدد الحفاة هو ذلك التاريخ الطويل من قهر الأحذية لأقدامهم إلى درجة جعلتهم في حالة من التماهي بسلوكاتها ومنطق تفكيرها في التسلط والتدمير الجنوني لكل ما يطاله الحفاة في لحظة الغضب . لذلك لايخفون في تلك اللحظات الرغبة العميقة للانتقام من وطأة الكرسي حين تطاله الأقدام العارية بالتمزيق والتنكيل عوض وضعه في متحف الذاكرة مما يساعد على النسيان ورد الاعتبار. قيل أن مصدر فكرة الكرسي التقليد وليس الإبداع . والطرافة المقرفة في هذا الأمر أن الإنسان قلد الحيوان المسمى كنغرkangourou الذي أبدع فكرة الكرسي حتى يناسب جلسته هو وصغيره الموجود في جيبه أي داخل الحفرة .ولذلك فلا غرابة أن يكون مصير الكرسي حفرة كالجرذ ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع