الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحذية

نزيه كوثراني

2011 / 10 / 25
الادب والفن


الأحذية ...
هل يمكن القول بان الأحذية شاهدة قبر مجهول أو ذاكرة للجسد أم هي الرعب والحيرة والسؤال حول حجم الهمجية التي خلفتها الحرب العمياء بشكل ينتقم التنوير من نفسه بصورة جنونية دموية مخيفة لاتبقي ولا تذر. أو قل ببساطة بان الأحذية ليست أكثر من قناع للشخصية المجتمعية التي نرغب في تقديمها للآخرين . إنها الستر للفراغ والتبخيس والنقص وانعدام القيمة لذلك نصر على تلميعها والمواظبة على ضبط مساحيقها كاعتناء بالذات أو انهمام بها لان أية تجاعيد أو ترهل فيها يفضح ما نحاول بإصرار عدم كشفه للناس . تلك الحقيقة البئيسة التي يتنازعها التيه والعذاب وشقوق الزمن والصمت المريب.. صمت المقابرالمهجورة . بقدر ما نعشقها ونتباهىفي انتقاء الأجود منها فهي نذير شؤم في بعض الثقافات خصوصا إذا قلبت إحداها فالأسفل فيها موطن الأرواح الشريرة والشياطين لهذا ينبغي الإسراع في إعادتها للوضع السليم . أما إذا قلبت معا فتلك لعنة شاذة تعبر بها المرأة في وجه القاضي دلالة على أن بعلها أو بغلها يغتصبها من الخلف . إنها الصمت القاسي للتنكيل والرفس والسحل للاستبداد والقهر الدموي كما يمارس اليوم في ليبيا و سوريا واليمن …والأحذية أيضا لغة أخلاقية تسبح في عالم الاهانة والمس بالشرف وفقدان الاعتبار . هي كاللغة ليست تقدمية ولارجعية وإنما هي فاشية لأنها لا تمنعنا من عدم شرائها بل تفرض ذلك غصبا عنا . فنحن عندما نرغب في شراء حذاء ما نعتقد أننا نختار ونشتري بمحض إرادتنا لكن الحقيقة أن الأحذية هي التي اشترتنا وتلبسنا كما تشاء لكن من يصدق انه مجرد عبد أمام سيده الحذاء .وإذا كنا منجذبين إلى لون و شكل الأحذية والى جمالها الساحر فتلك لعبة قذرة في أن تغيب الأحذية مجهود العامل فلا ننتبه بغباء إلى ذلك بعد أن تحولنا إلى مجرد سلع في السوق . غالبا ما يحاور الفقراء الأحذية على رصيف الطرقات أو في المقاهي وهم يتأبطون صندوقا خشبيا يحتوي لوازم العمل كماسح للأحذية . وفقراء آخرون يفضلون الشوارع المزدحمة بالناس يفترشون الأرض ويبسطون اكفهم نحو الأحذية وهي تركض يمينا ويسارا وناذرا ما تقف لتلقي نظرة على المنبطحين أرضا . وإذا كنا لاننتبه إلى مجهود العامل في صناعة الأحذية فإننا أيضا انشغلنا بها وتركنا مجهود الفنان فان خوخ مغيبا في شقوق اللوحة . وفي الأخير يمكن القول إن الأحذية كاللغة والكتابة والأحلام وكفلتات اللسان التي يسلكها اللاوعي لتفجير المكبوت هكذا غفل فرويد ومعه علم النفس عن قوة الأحذية كمسارب ومنافذ لذاكرة الجسد تُهرب الممنوع والمحرم …وعندما يضيق العقل و يتلصب الذهن وتنتفخ الأوداج فان الأحذية تتسع لكل الحركات وفي اتجاهات مختلفة . ورغم كل ما قيل من بسالة ووقاحة وصمت مريب ودموية بدائية …في حق الأحذية فإنها تقف بخشوع وخنوع اقرب إلى التوسل والعبودية إزاء الكرسي أو العروش فتبدو ضعيفة جبانة مستعدة لكل التعليمات حتى في قتل اقرب الناس إليها . نقطة ضعفها الوحيدة هي تسلط الكرسي في حقها . حاول الكثير من العلماء والفلاسفة ورجال السياسة إدراك السر لكن إلى اليوم يبدو الأمر غامضا وقابلا لكل القراءات والتأويلات في انتظار أن تكتب الأحذية سيرتها وهو ما تتمنع في الشروع فيه أو إعطاء رؤوس أقلام تنهي الجدل الدائر. وإذا كان الكثير من الكتاب و الفلاسفة قوسوا قامتهم أمام كراسي الفاشية والاستبداد فكيف نستغرب الرعب الذي يتلبس الأحذية أمام الكرسي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض