الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعلان تحرير سبارتاكوس أمريكا

نورالدين الوردي

2011 / 10 / 25
حقوق الانسان


احث في السوسيولوجيا
فاس - المغرب

قبل التناول لما قام به أبراهام لينكولن قبل إصداره "إعلان التحرير" في 22 شتنبر من عام 1863، أرى أنه من الواجب تقديم نبذة عن أول ثائر في التاريخ الإنساني ضد العبودية؛ والذي ما هو إلا عبد روماني قديم إسمه سبارتاكوس Spartacus (توفي عام 71 ق.م) هو العبد الذي خاض الثورة المسماة "ثورة العبيد الثالثة" ضد الرومان.
سبارتاكوس تم أسره وبيعه كعبد لأحد الرومان النبلاء الذي كان يتوفر على مدرسة لتدريب العبيد واستخدامهم مبارزين ومصارعين في حلبات خاصة تقام لأجل التسلية والمتعة.
سبارتاكوس ثار إلى جانب العبيد الآخرين الذين كانوا معه في وجه الجيش الروماني، وألحقوا به عدة هزائم إلى أن قتل في أخر معركة، وبموته انتهت الثورة وصلب العبيد في الساحات العامة.
سبارتاكوس تأثر بشكل بالغ الأهمية لزوجته الجارية التي اشتراها وقتلتها والي سبارتاكوس وهي في طريقها من سوريا لكي يشغل سبارتاكوس فقط بالقتال وجلب الأموال للوالي الذي يرأس مدرسة تدريب العبيد.


سقوط سبارتاكوس

في يوم 22 شتنبر 1862تم صدور "إعلان التحرير" لأبراهام لينكولن الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية في الفترة من 1861 إلى 1865؛ ولد في 12 فبراير 1809 في ولاية كنتاكي الأمريكية في أسرة فقيرة لأبوين مزارعين ومات مغتالا في 15 أبريل 1865 عل يد أحد المتعاطفين مع قضية الانفصال يدعى جون ويلكس بوث بإخراج مسدسه وإطلاق النار على رأس لينكولن فأرداه قتيلاً؛ وأدى اغتياله إلى حدوث تطرف في سياسات إعادة إعمار الجمهورية والتي هدفت إلى إعادة دمج وبناء الولايات الجنوبية مع ضمان حقوق العبيد المحررين حديثاً. كما أنهى النزاع حول الانتخابات الرئاسية عام 1876 من خلال تسوية عام 1877 إعادة الإعمار؛ كما جردت قوانين جيم كرو الأميركيين الأفارقة من حقوقهم خاصة حقهم في التصويت.
ولينكولن لم يسبق له أن حصل على تعليم رسمي إلا أنه تمكن من تكوين ثقافة عالية من جراء قراءاته الكثيفة لأمهات الكتب الغربية.
في عام 1837، بعد أن علّم نفسه مبادئ القانون الإنجليزي والأمريكي، دخل أبراهام لينكولن نقابة المحامين وافتتح مكتباً للمحاماة مع أحد معارفه، فأصبح بعد ذلك محامياً ناجحاً على مستوى إيلينوي؛ التحق شبابه بحزب الويك (Whig Party)، الحزب الثاني آنذاك في أمريكا قبل انقراضه على يد المجلس التشريعي الأمريكي (الكونغرس)؛ وانسحب من انتخابات المجلس التشريعي لعام 1848، وعاد إلى ممارسة مهنة المحاماة.
يعد أبراهام لينكولن من أهم رؤسائها، إذ قامت في عهده الحرب الأهلية الأمريكية بعد انفصال إحدى عشرة ولاية حين أعلنت عن ذلك سبع ولايات أولاها ساوث كارولينا وتبعتها في ذلك ست ولايات أخرى في أقصى الجنوب هي فلوريدا وجورجا وألاباما وميسيسيبي وتكساس، وهو ما اعتبرته الحكومة الاتحادية أمراً غير مشروع؛ أثناء هذه الفترة اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية وانضمت إلى الكونفدرالية أربع ولايات مؤيدة للعبودية معلنة عن تكوين دولة مستقلة سمّيت الولايات الكونفدرالية الأمريكية، فتمكن لينكولن من الانتصار وإعادة الولايات المنفصلة إلى الحكم المركزي، كما كان صاحب قرار إلغاء الرق في أمريكا.
واشتهر لينكون في هذه الفترة بمعارضته الشديدة للحرب الأمريكية المكسيكية التي اعتبرها اعتداء صارخاً من أمريكا على دولة أخرى؛ إذ النظام السياسي الأمريكي كان قائماً قبل الحرب على توازن القوى بين "الولايات الحرة" و"ولايات الرقيق"، فاتفق الطرفان على إبقاء التمثيلية متساوية بين الفئتين في مجلس الشيوخ (المجلس الأعلى في الكونغرس)؛ غير أن احتلال الأراضي الجديدة بعد انتهاء حرب المكسيك عام 1848 هدّد ذلك التوازن، فيما أصرت الولايات الجنوبية على السماح بالعبودية في بعض ولايات الأراضي الجديدة حفاظا على توازنها نظرا لارتكاز اقتصادها على الزراعة المكثفة، الذي كان يعتمد على عدد كبير من العمالة المستعبدة ذات الأصول الإفريقية لذلك حرص سكانها البيض على إبقاء ذرية عبيدهم في الرق بشكل أبدي، رغم أن الولايات المتحدة كانت قد منعت استيراد العبيد الجدد منذ عام 1808؛ بينما وقعت النخب السياسية في ولايات الشمال التي منعت الرق منذ أوائل القرن التاسع عشر تحت ضغط كبير من ناخبيهم الصناعيين ومن الحركة المناهضة للعبودية التي ازدهر نشاطها في ذلك الزمن لمنع العبودية في جميع الأراضي الجديدة.
في هذه الأثناء استأنف لينكولن حياته السياسة وانضم إلى الحزب الجمهوري عام 1854. في نفس الوقت الذي كان حزبه القديم يلفظ أنفاسه الأخيرة، وانضمام أعضائه إلى أحزاب أخرى أبرزها الحزب الجديد "الحزب الجمهوري" الذي استقطب الكثير من مناوئي العبودية في البلاد،
وفي عام 1858 حصل لينكون على ترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات مجلس الشيوخ لتمثيل ولاية إيلينوي، واشتهر لينكون في تلك الأثناء بالخطب النارية ضد مؤسسة الرقيق، وندد بما أسماه "بقوة العبودية" التي كان يعني بها سطوة الطبقة المالكة للعبيد في البلاد وتهديدها للوحدة الوطنية من وجهة نظره؛ واتهم لينكون من قبل خصومه على إثر ذلك بمحاباة "الزنوج" والإيمان بالمساواة بين السود والبيض إلا أنه أنكر ذلك وأصر أنه لا يسعى إلى المساواة وإنما إلى إلغاء الرق فقط.
وجاء فوزه بالانتخابات الرئاسية لعام 1860 -على الرغم من عدم حصوله على أكثر من 40% من أصوات الناخبين، إلا أنه نال منصب الرئاسة بسبب انقسام الأصوات الأخرى بين اثنين من مرشحين آخرين، فصار بذلك أول رئيس للولايات المتحدة من الحزب الجمهوري، الذي لا يزال يلقب بـ"حزب لينكون" إلى اليوم- اشتدت حدة الخلاف والتوتر بين ولايات الشمال (الولايات الحرة) وولايات الجنوب (ولايات العبيد)، وبين مناهضي الرق ومؤيديه، وتصاعدت المواقف مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 1860. وكثر الحديث في الجنوب قبيل الانتخابات حول ضرورة الانفصال عن الولايات المتحدة إذا أرادت الولايات الجنوبية الحفاظ على مصالحها. وفي الجانب الآخر أدت شهرة لينكون إلى ترشيحه لخوض الانتخابات الرئاسية كمرشح للحزب الجمهوري، الذي اعتبره مرشحاً معتدلاً في مناهضته للعبودية وفي نفس الوقت مستعداً للوصول إلى تفاهم مع ولايات الجنوب.
في 22 شتنبر من عام 1863، أصدر لينكون "إعلان التحرير" الذي قضى بمنع الرق في الولايات "الثائرة"، مستهدفا بذلك ضرب الاقتصاد الجنوبي وإغراء العبيد بالانفلات من ملاكهم. والجدير بالذكر أن القرار لم يشمل الولايات الجنوبية الأربع التي بقيت ضمن الوحدة
اعتمد لينكولن استراتيجية على استغلال الثروة البشرية والاقتصادية للشمال من أجل إنهاك الجنوب الأقل ثروة وإن تطلب ذلك معارك دامية وآلاف الخسائر البشرية. وقد استمرت الحرب على هذا المنوال، إلى أن اجتمعت القوى المناهضة لها حول الحزب الديمقراطي؛ وكان "إعلان التحرير" الذي أوحى للرأي العام الشمالي أنهم باتوا يخوضون حرباً من أجل "الزنوج" بدلاً من حرب لتوحيد البلد، قد زاد من المشاعر المضادة للحرب، فازدادت المظاهرات وأعمال الشغب، إلا أن لينكون واصل القتال، كما سخر في مواجهة المعارضة أمره بإقفال العديد من الصحف والمجلات وسجن عدد من المعارضين، وأمر قواته بسجن أعضاء المجلس التشريعي لولاية ماريلاند عندما علم بنيتهم التصويت للانفصال عن الاتحاد.
ما بعد الحرب كان لينكولن يميل إلى اتخاذ سياسة مرنة ومتسامحة نسبياً مع الولايات المهزومة، بخلاف الكثير من أعضاء حزبه الذين كانوا أكثر تطرفاً؛ وبخصوص العبيد، فعلى الرغم من معارضته للعبودية وقضائه عليها بشكل كبير، إلا أنه لم يكن مؤمناً بالمساواة بين الأعراق، وكان يميل إلى الرأي القائل بإرسال السود المعتوقين إلى جزر الكاريبي أو سواحل إفريقيا حفاظاً على السلم الأهلي من وجهة نظره، وإن لم يقم عملياً بشيء في ذلك الصدد.
وعرفانا له يقام تمثال أبراهام لينكون بالعاصمة الأمريكية واشنطن في واجهة مقر الكونغرس بسبب إخماده ثورة الجنوب، وما نتج عن ذلك من القضاء على العبودية، يعد لينكون في أمريكا المعاصرة أحد أعظم الذين تولوا رئاسة البلاد، حيث يعتبر بمثابة المؤسس الثاني للولايات المتحدة. ويكاد يجمع على ذلك كل من الديمقراطيين والجمهوريين. ويوجد له في واشنطن نصب ضخم بتمثال كبير له منقوش في أسفله كلمات من خطاباته وقراراته، ويقع بمواجهة مقر الكونغرس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقالات وإعفاءات في تونس بسبب العلم التونسي


.. تونس– اعتقالات وتوقيف بحق محامين وإعلاميين




.. العالم الليلة | قصف إسرائيلي على شمال غزة.. وترمب يتعهد بطرد


.. ترمب يواصل تصريحاته الصادمة بشأن المهاجرين غير الشرعيين




.. تصريحات ترمب السلبية ضد المهاجرين غير الشرعيين تجذب أصواتا ا