الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضربة حظ

ثامر إبراهيم الجهماني

2011 / 10 / 25
الادب والفن


" السماء لا تمطر ذهباً
والحلم خبز الفقراء ..
وترياق البقاء "

كان صاحبنا شاهر يطيل الجلوس قرب نافذة الغرفة ، تراوده رغبة عارمة بالتحليق في الليالي الموحشة .
في تلك الليلة ابتسامة شاحبة اعتلت وجهه الحزين .تلمس جدران قلبه بيدين مرتجفتين ، تهادى على السرير الممتلئ بالفقر والفاقة كأنه مسلّات تقض مضجعه ، وراح يسوح بين البلاد ويدلف الأزقة الصغيرة ، يؤم ّ الحدائق العامة ، والفكرة تراود ه أينما كان بحله و ترحاله . هل يحالفه الحظ ولو لمرة واحدة فقط كيفما اتفق ، داخله شعور دافئ فأغفى .
في الصباح الغر ، مضى صاحبنا شاهر إلى ذاته للولوج داخل الفكرة ..... هذا فضاؤك يا شاهر انسى الدنيا بشعاعاتها السكرى . تخضّب الصباح ، اخرج ورقة اليانصيب من جيبه يلفه الألم والإحباط ، هو يعلم انه لن يفوز حتى بثمن البطاقة .لكن قرارة نفسه وفي حمأة الفقر يقول ربما !!
مد يده التي تحمل الورقة إلى بائع اليانصيب .. ووجم كالصنم ... عيناه رقاص ساعة يتبع إصبع الرجل الذي يمرّ على الأرقام بسرعة ..... قلبه مضخة ضخمة .... ورأسه أتون مشتعل .
نظر إليه باستخفاف وحركات خرقاء تقمصت روحه حين سمعه يتلفظ بتلك الكلمات الذهبية اللطيفة :
- " مبروك الجائزة الكبرى ولا تنسني من الحلوان والبشارة " .
يا لصحبنا ..... وحاله كيف توصف مشاعره تلك ، فلا الأرض تسعه ولا السماء تطاله .... قهقه َ عالية !! ماذا ستفعل بكل هذه الملايين يا شاهر ؟ .
آه سأفعل الكثير الكثير .... سأتزوج أولا ً فتاة مترعة بالجمال .. عذبة البوح .. في وجهها ألف ضياء ، خصرها تام النحول ، تقول للقمر انزل لأجلس مكانك . سأقتني منزلاً ولا قصر السلطان بزمانه ... تلفّه الحدائق الغناء والدوالي والنخيل .
ساغدوا طليقاً .... سأحلق هذه المرة حقيقةً ، واشفي تباريح شجوني وانكسارات جنوني ، وأحقق ابتهالات فؤادي المذبوحة الكسلى ، واقتني آلاف الجواري وزورقاً يتهادى بي بين الأمواج .
ها.. ها.. ها ، ضحك صاحبنا من شغاف قلبه وقال لنفسه ...... إن الله عادل ٌ حقيقةً . وما حزن الطبيعة بين الفينة والفينة إلا مداعبة للقلب المتخم بالحرية والمطرز بالبهاء .
ملايين ... ملايين .... راح شاهر في حمأة الفرح يتقلب على أفاريز الطرق وتتورد له الوجنات ... استطال الشارع أمامه نحو إنعتاق الفضاء ، وشهق شهقة عالية حين سقط بالصدع القائمة بين الواقع والانعتاق المؤجل إلى حين .... زكمت أنفه رائحة نتنة هي بقايا الماء الآسن في غرفته الوحيدة .
نهض فأدرك الحقيقة .
بحث عن شمعة يوقدها ..... وزفر من شاهق البلوة ........وبقي ساهما ً حتى استيقظ الصباح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة