الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفقة شاليط ورد وشوك

بدرالدين حسن قربي

2011 / 10 / 26
القضية الفلسطينية


صفقة شــــــــــــاليط ورد وشوك
بدرالدين حسن قربي
تُعتبر صفقة إطلاق سراح الأسير جلعاد شاليط مقابل أكثر من ألف أسير فلسطيني بينهم سوري واحد، من أبرز العمليات الثلاثين في تاريخ تبادل الأسرى بين العرب وإسرائيل، التي قيل في وصفها الكثير باعتبارها إنجازاً وطنياً وفاءً للأحرار والمناضلين. وسواء كان الكلام تجييراً لمكاسب سياسية مشروعة أو غير مشروعة في هذه القضية الإنسانية في أكبر عناوينها، فإن الفرح والبهجة يبقى العنوان الغالب عليها باعتباره فرحاً فلسطينياً عربياً على امتداد أرض العرب.
ولئن تحدثت أطراف عمليات التبادل كل من زاويتها عن الصعوبات التي رافقت هذه المباحثات وسنواتها الطويلة من المعاناة والمشاقّ التي صاحبتها حتى يوم الثلاثاء 18 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، فإن هناك جانباً نشير إليه ليس تقليلاً من الفرح أو نيلاً من ذمة المقاومين والممانعين أو إضعاف هيبتهم لاسمح الله بل تذكيراً بالمسكوت عنه بحسن نية، أو سوء طوية.
أوله: تجاهل المقاومين والممانعين المعيب بدولهم وأحزابهم وفصائلهم وفضائياتهم للأسير السوري الوحيد ابن الثلاثين عاماً وئام محمود عماشة ابن الجولان المحتل في مقابل ابن شاليط الإسرائيلي الوحيد الذي وجد في استقباله دولةً بحالها ومجتمعاً بأكمله، ورئيس حكومة بشخصه وبعض وزرائه في استقباله، وناطقاً رسمياً على الفضائيات يلعلع: التزامنا مع ناسنا من آل شاليط وغير شاليط، أننا لا نتركهم مهما طال الزمن ولا نتخلّى عنهم مهما بلغ الثمن. ومن ثم فقد بدت عودة وئام عماشة من أسره على المستوى الرسمي وكأنه عائد من سجنٍ دخله بقضية جنائية مخجلة وليس مناضلاً يذود عن قضية وطنية ضحّى من أجلها.
ثانيه: نزعم أن هناك مشكلة حقيقية مخجلة اسمها أسرى العرب في سجون العرب، فماذا عنهم، ولماذا السكوت عن هذه القضية ببعدها الإنساني ابتداءً، وبعيداً عن التجارة والسياسة وقلة الحياء تالياً؟ لقد سمعنا كلاماً كثيراً عن الجهود المضنية مع اليهود التي استوجبتها صفقة شاليط، ولكننا لم نسمع ولا نسمع عن جهود نفترض فيها أن تكون سلسة وسهلة مع العرب وخصوصاً الصنف المقاوم منهم والممانع. ومن ثم ألا يعيبهم بكل المقاييس أن يُحدّثونا عن إنجازاتٍ مع كل مراراتها وعقباتها على صعيد مبادلة الأسرى والمعتقلين عند اليهود ويظهروا لنا عاجزين أو معجّزين عن إنجاز ولو جزء منها يسير عند الحلفاء والأصدقاء؟
ثالثها أيضاً، تجاهل قضية المعتقلين في سجون الإخوة الأعداء ممن هم في معتقلات حماس في غزة أو في سجون السلطة في رام الله كيداً بين الأطراف، مما يفترض يسر معالجتها، فطرفاها فلسطينييون، مايجمعهم أكثر بكثير مما يفرّقهم، وليس فيها يهود معرقلون ومشاكسون، ومن ثم فلن يغرّنا فرح عارم يتظاهر فيه الطرفان بعودة الأسرى من سجون الصهاينة، في وقت يسكتان عمن هو في سجونهم وكأنها منتجعات، أما الأسر وأوجاعه فهو فيما عند المحتل من معتقلات.
إننا نتفهم بأنه قد يكون لسلطة ما مبرراتها في الاعتقال والاحتجاز، كما نتفهم أن يكون للمقاومين والممانعين أحكامهم الثورية وضروراتهم النضالية، ولكن ما لايمكن تفهمه البتة الإخفاء المخجل والتعتيم الكامل في التعامل مع هذه المسألة بعيداً عن القوانين المدنية والقيم الإنسانية بشكل يظهر لنا معه أن التعاطي في مسألة السجناء والأسرى عند الصهاينة أسهل تناولاً منه بكثير مما عند الصامدين والمقاومين والمناضلين.
إن تحرير أكثر من ألف أسير يشكل مساحة كبيرة من الفرح والورد الجميل، تتصدّر المشهد في عمل وطني وأخلاقي وإنساني بامتياز، وإنما تشوّهه مساحات واسعة من الآلام والأشواك القبيحة أيضاً لأفعال ناقضة لطهارة المقاومة يرتكبها الممانعون. منها التجاهل التامّ لمناضلٍ أبيٍّ كريم لمجرد أنه صاحب رأي مخالف، ومنها أسرى لنا في سجون العرب يصيبهم من الذل والهوان مما لا يقارن بما عند العدو، بل بما هو أشد وقاحة أيضاً وذلك بأسر الفلسطيني للفلسطيني في دكاكين الوطن المزعومة.
وعليه، فإذا كانت المسؤولية الوطنية والنخوة والشهامة والمروءة العربية تقتضي العمل على تخليص أسرانا وسجنائنا ممن هم عند العدو، فإن الأمر يصبح أوجب لمن هو عند الأخ والحليف، إلا إذا كان منطق الساكتين عنهم أنهم في بيوت أهلهم وأحبابهم ولن يقصروا في ضيافتهم والاعتناء بهم ولو لعشرات السنين ولا داعي لضياع الوقت والجهد عليهم لأنهم في سجون العرب الكرام، وليسوا عند اليهود اللئام، ومن ثم لاداعي لذويهم أن يشغلوا بالهم فيهم أو يعرفوا عن أحوالهم ومصائرهم شيئاً طالما أنهم في ذمة من لايصح أن يُسألوا عمّا يفعلون فيكفيهم أنهم مقاومون وممانعون، وإن كانوا يريدون لنا أن نتعاطى أفيونهم وحشيشهم لنبقى عبيد استذلالهم وبساطيرهم.

http://www.youtube.com/watch?v=wXadOpiVYXk&feature=player_detailpage
http://www.youtube.com/watch?v=DCkvjGf1ry8&feature=player_detailpage
http://www.youtube.com/watch?v=wYs-aOIoVPE&feature=player_detailpage
http://www.youtube.com/watch?v=TTzCwkcvRf8&feature=player_detailpage








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة