الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أولها كذبة ، و أوسطها مهزلة ، و نهايتها فضيحة

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 10 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لم يكن نظام طنطاوي عند مستوى التحدي الذي فرضه عليه حزب كل مصر بشأن ذلك المواطن الإسرائيلي - الأمريكي الذي إتهمه النظام الحاكم بتهمة السعي للوقيعة بين الشعب و الجيش .
صفقة التبادل التي ستجرى اليوم ، الخميس السابع و العشرين من أكتوبر 2011 - إن لم تكن قد تمت بالفعل - هي الدليل على إخفاق المجلس العسكري في أن يكون على قدر التحدي الذي فرضناه عليه في مقال : في قضية التدخل الإسرائيلي ننتظر حكم القضاء المدني النزيه ، و كُتب و نشر في الخامس عشر من يونيو 2011 .
في ذلك المقال ، و في مقال أخر كتب و نشر في الثالث من سبتمبر 2011 ، طالبت السلطة بتقديم المتهم المشار إليه أعلاه للقضاء المدني النزيه ، و طالبت بأن تكون محاكمته علنية كإستكمال لشروط العدالة ، و أضفت إلى كل ذلك أن يكون القانون الذي يجب أن يُحاكم به قانون مدني عادل ، و كل ذلك لإنني - أولاً و قبل أي شيء - مع تطبيق العدالة على الجميع ، بلا إستثناء ، و بدون أي تمييز ، و أيضاً لأنني رأيت في تطبيق العدالة فرصة لكشف كذب السلطة .
لكن نظام طنطاوي لم يستطع أن يُقدم على تلك الخطوة ، أو أن ينزل لحلبة التحدي ، فأثبت لنا واحد من إثنين :
إما إنه كان يكذب على الشعب المصري ، من أجل تحقيق هدفين في وقت واحد ، و هما : أولاً ، تشويه الثورة و إظهارها بإنها مؤامرة إسرائيلية ، في ظل عشق الأنظمة الإستبدادية لنظرية المؤامرة ، للهروب من فشلها ، و ثانياً ، إسكات الأصوات المنتقدة له ، باللعب بالورقة الإسرائيلية المعتادة منذ أيام مبارك ، أوفى أصدقاء إسرائيل في مصر .
و إما إن التهمة كانت صحيحة و لكنه - أي النظام - خضع للضغوط الإسرائيلية ، فأثبت لنا ، و لمرة أخرى - إنه تابع ذليل لإسرائيل ، و إنه مستمر على سياسة سيده مبارك في تقبيل الأحذية .
لكن إحتمال أن تكون التهمة صحيحة من الواضح إنه إحتمال غير حقيقي ، ليس فقط لأن المنطق يقول إنه لا يعقل أن تتآمر حكومة نتنياهو - ليبرمان على أصدقائها المخلصين في مصر ، بل و أيضاً لأن في سلوكيات السلطة تجاه الحكومة الإسرائيلية تتجلى العلاقات الطيبة التي تربط نظام طنطاوي بحكومة نتنياهو - ليبرمان ، فمن ردة الفعل الرسمية الباهتة على مقتل جنود مصريين بنيران إسرائيلية في أغسطس من هذا العام 2011 ، و إكتفاء النظام الحاكم - بعد إلحاح شعبي سلمي على ضرورة إتخاذ إجراء حاسم تجاه الحكومة الإسرائيلية - بإعتذار إسرائيلي رسمي ليغلق ملف القضية ، و عدم إنتهاز فرصة الحادثة من أجل تعديل الإتفاقيات المصرية - الإسرائيلية ، لإسترجاع السيادة المصرية الكاملة على شبه جزيرة سيناء ، و أخيراً - حتى الآن - في سجل خضوع نظام طنطاوي لحكومة نتنياهو - ليبرمان صفقة مقايضة ذلك المتهم الإسرائيلي - الأمريكي بحفنة من المجرمين .
إنه لأمر مخزي لأي مواطن مصري ، أن يقرأ أن متهم بتهمة خطيرة - تهمة محاولة إشعال حرب أهلية مصرية - سيتم إستبداله اليوم - إن لم يكن الإستبدال قد تم بالفعل أثناء كتابة هذا المقال ، أو أثناء النشر - بحفنة من المجرمين .
على العموم قد توقعت أن يحدث شيء كهذا ، و ذلك في مقال : في قضية التدخل الإسرائيلي ننتظر حكم القضاء المدني النزيه ، كأن يتم إطلاق سراح المتهم في تمثيلية هزلية كالتي جرت من أجل إطلاق سراح عزام عزام ، و يمكن العودة للمقال المذكور لمن يرغب من القراء الكرام منعاً للإطالة هنا .
لكني لم أكتب في هذا الموضوع من بعد مقال : هل يعقل أن نتنياهو و ليبرمان يتآمران على طنطاوي و سليمان و مجلسهما ، و كتب و نشر في الثالث من سبتمبر 2011 ، لأنه كان من الواضح إصرار السلطة على الإفراج على ذلك المتهم بدون الإقدام على تقديمه إلى محاكمة مدنية عادلة علنية ، و هذا واضح من محاولتها في الفترة الماضية الإفراج عنه لأسباب صحية ، بالإدعاء إنه مريض بمرض وراثي ، و أن السيدة والدته تحمل نفس المرض ، بدون أن تذكر لنا السلطة إسم ذلك المرض سواء بالعربية أو بالإنجليزية أو إسمه العلمي ، مستخفتة بعقولنا خاصة إنها سبق أن قالت أن المتهم شارك في حرب لبنان في 2006 ، ثم هل يُعقل أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أرسلت شخص مريض بمرض وراثي خطير ، ليقوم بمهمة إشعال حرب أهلية مصرية ؟؟؟
لم أكتب بعد الثالث من سبتمبر 2011 في هذا الموضوع كذلك لأنه كان من الواضح أن التمثيلية إنكشفت للشعب ، و أن السلطة إنسحبت من ، و بالتالي هُزمت في ، المبارزة العدالية التي فرضناها عليها في يونيو الماضي ، و أن الكتابة لن تمنع الإفراج عن المتهم قبل مثوله أمام محاكمة مدنية عادلة علنية ، فالسلطة كانت مصممة على أن تخرج من الورطة التي وضعت نفسها فيها بأي شكل وفي أسرع وقت ، و بدون الإهتمام برأي الشعب ، و بدون الإلتفات لغضب جهاز الشرطة الذي يعمل لمصلحتها و الذي أستشهد منه ستة أفراد في سيناء في أغسطس الماضي بنيران إسرائيلية رسمية .
القصة من أولها كذبة ، و أوسطها عبارة عن مهزلة ، و نهايتها فضيحة لمصر .
فضيحة لمصر الدولة التي إستبدلت متهم بتهمة خطيرة بحفنة من عتاة الإجرام ، و بعض القصر .
لست ضد الإفراج عن القصر بالطبع ، و لكن وجود مصريين قصر في السجون الإسرائيلية أمر مشين لمصر ، و يفجر فضيحة أخرى ، و يطرح بالتالي أسئلة عاجلة :
ما هي ملابسات دخولهم السجون الإسرائيلية ، و ما هي المدة التي قضوها في السجون الإسرائيلية ؟
لماذا لم تتحرك وزارة الخارجية المصرية كل هذه المدة ؟؟؟
لماذا لم تتحرك المخابرات السليمانية كل هذه المدة أيضاً ؟؟؟
هل يوجد مصريين قصر أخرين في السجون الإسرائيلية أو في قبضة أي سلطة أجنبية ؟؟؟
أسئلة نطرحها ، و لكن لن نحصل بالتأكيد على إجابة عليها ، لأنها تفجر فضيحة أخرى ، و تدين نظام مبارك ، و نظام طنطاوي ، و عمر سليمان ، و المخابرات السليمانية ، و وزارة الخارجية المصرية في العهدين الأغبرين المذكورين .
سؤال أخير : هل عتاة الإجرام الذين سيتم - أو تم بالفعل - إستبدالهم ، سيكملون أحكامهم في السجون المصرية ، أم سيتعامل معهم نظام طنطاوي كأبطال ، فيمنح من يريد التقاعد منهم معاشات تقاعدية و يلحق من فيه قوة منهم بقطاع البلطجة في وزارة الداخلية ؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون في تشاد يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد


.. مقتل 4 جنود إسرائيليين بقصف لحماس والجيش الإسرائيلي يبدأ قصف




.. الانتخابات الأوروبية: أكثر من نصف الفرنسيين غير مهتمين بها!!


.. تمهيدا لاجتياحها،الجيش الإسرائيلي يقصف رفح.. تفاصيل -عملية ا




.. تهديد الحوثي يطول «المتوسط».. خبراء يشرحون آلية التنفيذ والت