الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام السوري أو حين تكون الممانعة ضد الشعب

ياسين الورزادي

2011 / 10 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


كم نحن عاطفيون جدا ،نحن الشعوب العربية، حين تتغنى لنا بعض الانظمة العربية بمقولات المقاومة والممانعة ، فبمجرد أن يقوم هذا النظام العربي أو ذاك بسب أمريكا أوشتم إسرائيل وإعلان دعم المقاومة الفلسطينية او اللبنانية ، نقف إلى جانبه ونسانده ونتعاطف معه ، دون ان نفكر أو نحلل أو نتسائل ،لقد عرفوا كيف يعزفون على هذا الوتر عرفوا كيف يستغلون مشاعرنا الحاقدة على دول الاستكبار العالمي وعلى كيان الاحتلال الصهيوني، ليعملوا على إستغلالها أبشع إستغلال، حتى صارت الممانعة عندنا رديفة للاستبداد (المحمود) وصار الحديث عن الديموقراطية، حديثا عن المؤامرة، حتى صرنا بين أمرين أحلاهما مر ، فإما أن نتقبل أنظمتنا العربية المستبدة لأنها تدعي المقاومة والممانعة وإما أن نختار طريق الديموقراطية الذي أصبح يعني التحالف مع أمريكا والانسياق وراء الغرب، وبالتالي إختيار مسار التفاوض بدل المقاومة، والحقيقة أن هذه العواطف التي تقف إلى جانب الأنظمة المستبدة لمجرد أن تقف ضد أمريكا دون ان نقف ولو لحظة لنفكر في حالها وفي حقيقتها وفي إدعاءاتها، نجد أن السبب في ذلك راجع بالدرجة الأساس إلى هذا الضمير العربي المجروح بسبب السياسات الأمريكية في المنطقة العربية وبسبب الاحتلال الصهيوني لفلسطين، هذا الضمير المكلوم تجده يقف إلى جانب أي نظام مهما كان مستبدا وقامعا لشعبه كما كان عليه الأمر في الأنظمة العربية السابقة في العراق ومصر وليبيا وسوريا، فصدام كان مستبدا ولا أحد ينكر ذلك لكن بالرغم من ذلك وقفت الشعوب العربية كلها إلى جانبه وفي كل الحروب التي خاضها من قبل، وكذلك الأمر بالنسبة إلى جمال عبد الناصر.
إن الشعوب العربية مجروحة في كرامتها تريد من يرد لها الاعتبار حتى ولو كان مستبدا وقامعا بمعنى حتى ولوكان ذلك على حساب حريتها وعلى حساب الديموقراطية.
لكن الأوضاع ما كانت لتستمر على ما هي عليه، فقد أشرق فجر الحرية والديموقراطية وآن للشعوب أن تتخلص من احتلالها الداخلي أولا إذا أرادت أن لا تصير لعبة في يد الأنظمة المستبدة وآنذاك فإنها ستقاوم وستسترجع حريتها وكرامتها ، لأن الديموقراطية شرط الحرية ولايمكن بأي حال من الأحوال أن تستمر الشعوب في دعم انظمة تدعي المقاومة والممانعة بينما تستمر في قمع شعوبها والتنكيل بهم وإحتقارهم وإستغبائهم أيما إستغباء.
لقد كان النظام السوري يتعيش على مقولة الممانعة والمقاومة بلا مقاومة ولا هم يحزنون، لقد إكتشف العالم أجمع إداعائته ، وإنفضح امام الرأي العام العربي، ولم يعد بإمكانه الاستمرار في لعبته المميتة التي قتل لأجلها الآلاف من المواطنين السوريين الأحرار، من أجل ان يكرس نظريته في المزج بين الاستبداد ودعوى المقاومة.
لقد إكتشفنا ان مقاومته الحقيقية هي في مقاومة كل تغيير ديموقراطي وان ممانعته هي في إمتناع تحقيق إرادة الشعب السوري في التغيير، ويالها من مقاومة ويالها من ممانعة لم يظهر مثل لها في شراستها وجبروتها وتعنتها في تحرير الجولان، بل لقد إكتشفنا ان هذا النظام في حاجة إلى بقاء الجولان محتلة ليستمر في المقاومة (مقاومة التغيير طبعا)
منذ أن انطلقت شرارة الثورة في سوريا ووجهت أول مظاهرة للشعب السوري بالرصاص الحي، وبعدها أخرج جيشه الجبار ليبدأ بتقطيع المدن والمحافظات إلى مقاطعات أمنية في حالة مشابهة لسياسة العدو الصهيوني، فالدكتور الفاهم و المثقف طلع دكتورا بدون دك (ثور يعني) فهو لم يواجه شعبه بخراطيم المياه ولا بالعصي والهراوات كما هو الحال في بعض البلاد العربية بل إنه إستعمل الدبابات مجسدا بذلك نظرية المقاومة والممانعة في أجلى صورها.
كيف يمكن أن نفهم أن نظام يدعي المقاومة والممانعة يفتك بشعبه ويقتل الأطفال والشيوخ ويعذب النساء والرجال، أما قتل الشباب فحدث ولا حرج ، فنزيف الدم لا يتوقف وسياسة الإرهاب لا حد لها، أين الضمير العربي وأين الجيش العربي المقاوم، أهذا هو الجيش المقاوم يخرج بدبابته وآلياته ضد شعب أعزل، وتقوم عناصره بتعذيب العزل وترهيبهم والرقص على أجسادهم والتنكيل بهم ، أي شجاعة هذه وأي شهامة هذه ، لهذا الجيش الجبان الذي يقتل شعبه.
كم كنا نتمنى أن لا تأتي علينا مثل هذه اللحظات التي نرى فيها جيشا يقتل شعبه ويحتل مدنه، حقا إنها لحظات صعبة ومؤلمة سيسجلها التاريخ وستظل راسخة في أذهان الأجيال اللاحقة، ولكننا هذه المرة لن نسمح للتاريخ ان يسجل علينا ، لأننا نحن من سيصنع احداثه ووقائعه ونحن من سيغير مجراه ومساره، فليس أمام الشعب السوري من خيار إلا الاستمرار في صموده والثبات على طريقه، بالرغم من شراسة القمع والتنكيل والتعذيب، لكن ليس هنالك من خيار إلا هذا الخيار، فهذا النظام مجرم ينتظر فرصة خمود الثورة وضعف جذوتها لينقض على عليها من جديد منكلا بها وبأهلها وحينها سيكون الشعب تحت نيران أقوى وأعتى فلنحذر انتقام النظام وغدره.
آه ما أجملك ايها الشعب وانت تصدح بدعاء الله مستغيثا به مؤمنا واثقا من نصره وتأييده غير آبه بالمصائب والملمات ولا عابئ بالموت في ساحات النضال، فلتستمر على هذا الطريق طريق الحق وطريق العزة، فإما ان تكون أو لا تكون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله