الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معراج الحريّة

فواز قادري

2011 / 10 / 29
الادب والفن


(إلى فتاة مقطعة الأوصال
أسماها الجزّار"زينب الحصني" وأسميتهُا زهرة الحرية)

هذه الليلة
أجلسُ صامتاً كي أحكي
أعتذر من صداعي الخاسر أوّلاً
وأدعوه إلى طاولة
مليئة بالفواكه والطعام
أقول: تسلَّ يا رفيقي
فقط لا تقرب من لعبة طفلي
تسلَّ ودعني وحيداً
على شرفة العالم
من هنا أُشرف على بلادي
كشبوط يتقافز في غدير ناشف
في رأسي لا شيء مسلّ
لاشيء مسلّ بتاتاً
يا رفيق لياليَّ الطويلة
الشبّاك مغلق
والنجيمات تسبح بعيدة عن متناولي
غيمة وراء غيمة
تجتمع السحب
والمطر خجولاً
يقرع زجاج النافذة.
دعني بمحنتي وتسلَّ
نحن في منتصف الشهر العاشر
ومع ذلك
لا قمر في السماء
حتى لوسمحتْ الغيوم
الشبّاك مغلق والليل يتلفّع
بأوراق الأشجار القريبة
والأضواء محايدة
تنتظر أثر حركة ضائعة في المكان.
**
خارطة العالم أمامي
هنا الفرات صاحبي
يخفي أنينه عن الغرباء
أقول: كيفك ؟
كيفك يا صاحب الضفاف؟
يا خلّ البساتين والثمار كيفك؟
وكيف هم "الربع"
كيف الحارات بلا أولادها
و" النشامى" على أيّ دروبك يهبّون
يا عزوتي ومغيثي
كن منصفاً
بيني وبين "الجبيلة" عتاب طويل
أنا طوال طفولتي
لم أملك "نشّابة"
لم أجرح خاطر عصفور
ولم أُفزعْ حمامة على فراخها
أعْذرني ودعنا الآن من العتاب
لن أسألك عن غرقاك
ولا أيّ النياشين قلدتك الفصول
لا عن مجدك التليد
ولا عن أسراب طيرك
لا عن الزيغان والزرازير
ولاعن لوعة السمك
عن الشهداء أسألك عن الشهداء.
فلا تشحْ بشهدائك عني
إن كنت تخاف عليّ من البكاء؟
صدقني واسع قلبي العجوز
ويحتمل أكثر من موت موزع بين مدينتين
ويحتمل أكثر من جحيم
لأجلها تلك التي من أشهر
لم تترجّل عن شفاه الهاتفين
حلم الشعوب كانت
وزقزقة العصافير في الصباح
وخاتمة الأغاني
لأجلها
يتّسع للرثاء الجماعيّ قلبي
مثلما أتّسعُ للغناء والهتاف والغضب
يمرّ على كلّ شاهدة
ليكتب أسماء من ضاعت أسماؤهم
فكلّ أسماء الشهداء ستفوح من القصيدة
هناك يكتب: "محمد الحصني"
وهنا "هدى المحمد"
واسم شهيد مجهول
هناك اسم صبيّة مقطّعة الأوصال
سُمّيتْ ذات لعبة قاتلة "زينب الحصني"
صبيّة نَسيتْ في ثلّاجة المشفى
حليبَ أُمّها
نسيتْ اسمها من سطوة الساطور
خبّأتْ عطر ضفائرها
عن هواء الموتى
وعن بشاعة الجلاد
خبّأتْهُ في قبر بلا شاهدة
ضمّ يدين غير صالحتين
للاتّكاء على القدر
ورأساً غير قادر على الجهر بالدعاء
إلى سماء تصغي.
يمرّ على كلّ وردة ذبلت
وعلى كلّ تراب شهيد
تبخّر ماؤه
في كلّ يد غيمة
وفي العينين عناقيد من الدموع
يقفز من الرستن إلى الدير
ومن الدير إلى حمص وأهوالها
بخفّة حجر في مقلاع.
**
لا تغرّك الدموع
أنا لستُ حزيناً تماماً
صرخة طفل في الشارع
هلهولة امراة في جنازة
كافية لتعيد الحياة إلى الحجر.
**
أتخاف على قلبي يا فرات؟
من حمص وجراحها
حارة حارة
بيتاً بيتاً
عند كلّ زاوية
سمّيتُ كلّ شهيد باسم جرحه
وكلّ أمّ باسم لوعتها
وشاركتها خبز حزنها
وكنتَ تشاركني كدري
يا لصفائك
تفرش لغيمتي الغريبة السرير
وتهدهدها
لكي لايستيقظ الطفل فيّ
فابكي وأبكي
إلى أن يطلع النهار.
**








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حريق في شقة الفنانة سمية الا?لفي بـ الجيزة وتعرضها للاختناق


.. منصة بحرينية عالمية لتعليم تلاوة القرآن الكريم واللغة العربي




.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات


.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة




.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها