الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يحدث في مصر؟!

محمد عليم

2011 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


منذ قيام ما اعتقدناه ثورة 25 يناير في مصر، والمصريون يعيشون إيقاعا استثنائيا، كلٌّ على طريقته، ولأن مصريي اليوم ليسوا مصريي الأمس، أعني أمس ما قبل حقبة البليد مبارك، فإن التداعيات التي تلت ثورة يناير كانت مدهشة بحق، فبعد أن انصهر المصريون معا في الحالة الثورية منذ اندلاعها وحتى رحيل الرجل، سرعان ما تكشف الواقع عن حجم تراكمات الرداءة التي أفرزها عصره في الشخصية المصرية على مدار ثلاثين عاما مضت، ولأن الثورة المصرية ولدت منقوصة منذ تولى أمر البلاد المجلس العسكري، جاءت النتائج مدهشة في سرعة انحدارها بنفس المستوى الذي بدأت به.
لقد هيئ لكل شيء متطلبه منذ البداية، انحنى الجيش للموجة العاتية للشعب الثائر، وبالغ في تأييد الثورة التي لا يعترف بها أصلا، بل أعلن حمايته لها، ولكنه لم ينس أن يعد لكل شيء عدته، نجح في إشغال الناس بسفاسف الأمور عن صحة مبارك وأخبار أبنائه وطغمته الفاسدة، بل أكثر من ذلك أدخلهم السجن لاستيعاب غضب المنكوبين من أهالي الشهداء، ولكنه وهو يفعل ذلك احتفظ بأركان النظام القديم كاملا في مواقعه، وبدأ في إشعال حرائقه المحسوبة، فسلط العملاء والسفهاء بإشعال المطالب الفئوية، وأمعن في تجاهل بلطجية النظام السابق فعاثوا في البلاد فسادا، ونجح في تحقيق الغاية الجوهر بأن قسم المجتمع إلى فسيفساءات متناهية الصغر، ولم يعد أمامه بعد أن شل الحركة المصرية اجتماعيا واقتصاديا وأمنيا إلا الضربة القاضية في الوقت المناسب.
أـفهم محاولات المجلس العسكري في تجميد الحالة الثورية والعودة بمصر إلى نقطة الصفر التي أوصلنا إليها مبارك بتأن شديد، وأتفهم أيضا استثمار حرافيش مصر وابتزازها لإجهاض الثورة، ولكن ما لا أستطيع تفهمه هو أن تكون النخب السياسية المصرية على هذا النحو من الضحالة وضيق الأفق، كيف تركوا العسكر يلعبون بالبلاد على هذا النحو الخطر واتخذوا موقف المتفرج أو غير المعني بما يحدث؟ كيف لم يقدموا مصلحة الوطن على مصالحهم الحزبية الضيقة البالغة الضيق أمام رحابة بلد بحجم مصر؟ على الطرف الآخر من المشهد؛ اختفت الرموز الثورية تماما كما لو كانت كائنات فضائية حطت علينا بضعة أيام ثم غادرت بعد أن أحدثت دويها؟ أين هم؟ وما الذي يحدث في مصر حقا؟؟ وهل قمنا بالفعل بثورة في مصر أم أنها كانت أضغاث أحلام؟
كنت أعلم منذ البداية أن الثورة المضادة لن تكون إلا من الشعب نفسه، الشعب الذي أمعن مبارك وعصبته الشيطانية في تجويعه وتهميشه وتجريفه ثقافيا وأخلاقيا إلى أقصى حد، هذا الشعب نفسه هو طوق النجاة لأركان نظامه الفاسد، وحتى النخب السياسية لم تسلم من شره هذا الفساد وإن بطريقة مغايرة، فلم تتصد هذه النخب تصديا حقيقيا لمهزلة المحاكمات والعبث بالأدلة الثبوتية على النحو الفج الذي وقعت به، ولم تكن على الوعي الكافي بمخاطر التفتيت والتقسيم التي خطط لها ونجح فيها العسكر، ولم يتفقوا على خطة إنقاذ واحدة للوطن بالإصرار على تفعيل قانون الغدر، لم يحركوا ساكنا واحدا جديا أمام عبث العسكر بالمجتمع المصري بتجاهل قطاع الطرق وتواتر الجرائم البشعة التي ارتكبت من أقصى مصر إلى أقصاها، لذلك أنا لا أبرئهم من سنوات سوداء قادمة سيعيشها المصريون في ظل تجارب المغامرين الجدد الذين يريدون العودة بمصر إلى الوراء واختزال عظمة الدين في جلاليب قصيرة ولحى قبيحة شائهة في زمن الآي باد والجلاكسي في عالم يلتحم.
لم يعد بإمكاني كمصري تحمل المزيد من الشعور بالامتهان أكثر من ذلك، فلم يكن الهدف من ثورة يناير تحريك الحالة المصرية المشوهة منذ عقود وحسب، بل كان الهدف هو كنس كل هذا العفن ووضع البلاد على أول الطريق الصحيح الذي جمده البليد مبارك ثلاثين عاما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة