الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة إسرائيل ليست الأنفاق، وإنما الانغلاق

فايز صلاح أبو شمالة

2004 / 12 / 15
القضية الفلسطينية


مشكلة إسرائيل ليست الأنفاق، وإنما الانغلاق!!
د. فايز صلاح أبو شمالة
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
مشكلة إسرائيل الحقيقية في قطاع غزة هي الأنفاق التي يحفرها المقاومون العرب الفلسطينيون تحت الأرض بهدف الوصول إلى المواقع العسكرية الإسرائيلية، ومن ثم تفجيرها، هكذا شخص عاموس هارئيل في مقاله التحليلي لصحيفة هآرتس 13/12/2004، ولم ينكر الكاتب وغيره من الكتاب الإسرائيليين بأن حماس نجحت في ضرب إسرائيل تحت الحزام، في المنطقة الطرية من بطنها، بل ذهبت بعض الصحف العبرية إلى وصف موقع الجيش ب (مصيدة الموت) وهذا تطور غير مسبوق في العسكرية الإسرائيلية التي تعودت الهجوم، وتعودت المبادرة بالرد، وتعودت الانتصار، فلم يحدث قبل هذه الفترة أن أطلقت الصحف الإسرائيلية على مواقع الجيش الإسرائيلي الأكثر تحصيناً في العالم، مثل هذه الأوصاف، فإذا كان الموقع المكلف بالحراسة مصيدة موت، فكيف حال غيره من المواقع المحفوفة بالموت؟ لقد أوجد الإسرائيليون المشابهة بين العمل الذي تم في الموقع العسكري عند معبر رفح، وبين ما نفذه حزب الله من ضربات على المواقع الإسرائيلية؛ أجبرت إسرائيل على الانسحاب من الجنوب اللبناني
لقد نجح المقاومون العرب الفلسطينيون في الوصول إلى المواقع الإسرائيلية من تحت الأرض بعد أن استعصى عليهم الوصول إليه من فوق الأرض، أكثر من أربعة أشهر من الحفر تحت الأرض بسرية تامة وتقنية عالية وإرادة تفل الصخر، حوالي كيلو متر من الحفر الدقيق من تحت الأرض هو أقرب إلى المعجزة منه إلى الحقيقة، وهذه ليست المرة الأولى التي يتمكن فيها المقاومون من الوصول عبر الأنفاق إلى مواقع الجيش الإسرائيلي المحصنة، قبل عدة شهور في منطقة (الشجاعية) في مدينة غزة، وقبله في موقع عسكري يقطع الطريق بين مدينة خان يونس وغزة، تم تفجيره عن بكرة أبيه على رؤوس من فيه، لتصح التسمية التي أطلقتها الصحف الإسرائيلية على كل المواقع العسكرية؛ مصيدة الموت!!!.
ولكن ماذا بإمكانية الجيش الإسرائيلي أن يفعل؟ وكيف سيرد على هذه العملية الفدائية الخارقة لقواعد العمل العسكري المعروف على مستوى الهجوم والمقاومة؟
قبل أن يؤكد مصدر عسكري إسرائيلي بشكل رسمي "أن لا ردة فعل عسكرية خارجة عن المألوف" ويؤكد قائد المنطقة الجنوبية بأن "ليس لنا جواب شافي للرد على مثل هذه الأعمال" كان يعرف الشعب العربي الفلسطيني في كل المناطق المحاذية للمستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية هذه الحقيقة؛ الشعب الفلسطيني يعرف أن إسرائيل لا تملك أية ردة فعل عسكرية أخرى، خلافاً لما تمارسه يومياً من إطلاق القذائف المسمارية، وقذائف الدبابات، والرصاص الثقيل، فقد أطلق المقاومون من جهة خان يونس قبل يوم واحد من عملية (بركان الغضب) عدة قذائف مصنعة محلياً على المستوطنة الإسرائيلية غوش قطيف، أصابت القذائف خمسة مستوطنين بجراح، بعضهم خطيرة، وقامت إسرائيل بحشد الدبابات على أطراف مخيم خان يونس، واستعرض الرشاش كفاءته وسرعته في قذف الرصاص، وحامت المروحيات في سماء خان يونس، ولكن المفاجأة كانت من تصرف المواطنين العرب الفلسطينيين في خان يونس، وردة فعلهم، فقد واصلوا حياتهم بشكل طبيعي وكأن الطائرات والدبابات تحشد على منطقة في جنوب اليمن، أو كأن الرشاش الإسرائيلي الذي تلعلع رصاصاته، وتحمحم من فوق رؤوس المواطنين، كأنه على أطراف المغرب العربي، بالقرب من صحراء البوليساريو، فقط تساءل المواطنون: كم عدد الإصابات لدى اليهود؟
وهذه هي مشكلة إسرائيل الأولى التي يغمضون عنها العين، ويتهمون الأنفاق بأنها أكبر مشكلة تواجه إسرائيل، دون التنبه إلى أن الأنفاق نتيجة، والاحتلال سبب للبحث عن وسائل المقاومة، إن التفكير بالأنفاق وتنفيذ عملها يعكس إرادة شعب، وتصميم على القتال برغم تدني إمكانيات ووسائل المقاومة الموجعة إلى الصفر، وإسرائيل تعرف أن ما في يد الفلسطينيين في وسائل قتال لا يتعدى البنادق والمسدسات، وما يقوم الشباب بتصنيعه من مواد تفجيرية بدائية جداً، فإن يبتدع العقل المقاوم هذه الطريقة فهي الدليل على غباء التقدير عند الإسرائيليين لعواقب تنامي جبروت القوة العسكرية بين أيديهم، وبات من المعروف أن الكراهية والقوة المتغطرسة قابلة للعدوى وعابرة للقارات.
أما المشكلة الثانية التي تواجه إسرائيل فتتمثل بعدم وجود أي موقع عسكري فلسطيني، أو أي هدف يمكن أن تتوجه إليه الطائرات الإسرائيلية القادرة على تدمير مدينة في طلعة واحدة، فلم يبق الإسرائيليون في قطاع غزة، مصنعاً ولا ورشة حدادة، ولا بيارة برتقال، ولا تله رمل، ولا حجر إلا وحركته وقلبته آلات الحفر والقلع والهدم والتدمير التي تمتلكها إسرائيل، ولم يبق في قطاع غزة ما يستوجب أن تتوجه إليه الصواريخ الإسرائيلية، لاسيما بعد أن أفرغت هذه الطائرات طاقتها المدمرة على جسد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، ومرافقيه، وعلى عجلة الشيخ أحمد ياسين، وعلى عمرو أبو سته، وكل نشيط معروف من المقاومة، وعلى كل راكب دراجة نارية، لم يبق في قطاع غزة بفضل الاحتلال غير مواطنين بلا عمل، وإرادة على البقاء، وأمنية الموت البطل التي زرعت إسرائيل شجرته في قلوب عشرات ألاف الشباب، وترعرعت أغصانه كلما توفرت وسائل التنفيذ؟
مشكلة إسرائيل أنها تضل الحقيقة ثانية؛ عندما يعلن (رعنان جيسن) مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن هذه الأعمال هي ضد السلطة الفلسطينية قبل أن تكون ضد إسرائيل، في محاولة منه لدق وتد الوقيعة بين السلطة والمقاومة، وعندما يطالب قائد المنطقة الجنوبية في لقاء له صباح الاثنين مع القناة الثانية باللغة العبرية؛ بأن تقوم السلطة الفلسطينية بوقف مثل هكذا أعمال، على الرغم أن هذا اعتراف صريح بعجز القوة العسكرية عن حسم المعركة الدائرة لصالح إسرائيل، إلا أن ذلك أيضاً؛ تجاهل إسرائيلي مقصود لطرق الحل السياسي التي يتهرب منها السياسيون، وهم ينغلقون على أحلامهم التاريخية، وتطلعاتهم الحزبية، ويفتحون جرح الدم للنزيف والألم.














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أهمية معبر رفح لسكان قطاع غزة؟ I الأخبار


.. الالاف من الفلسطينيين يفرون من رفح مع تقدم الجيش الإسرائيلي




.. الشعلة الأولمبية تصل إلى مرسيليا • فرانس 24 / FRANCE 24


.. لماذا علقت واشنطن شحنة ذخائر إلى إسرائيل؟ • فرانس 24




.. الحوثيون يتوعدون بالهجوم على بقية المحافظات الخاضعة لسيطرة ا