الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهذه الأسباب سيفوز الخليفة على عصيد

مصطفى ملو

2011 / 10 / 30
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن


رفع امحمد الخليفة عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال تحديا في وجه الأستاذ أحمد عصيد,عبر من خلاله عن استعداده الترشح ضده في الدائرة الانتخابية التي يختارها,و الخليفة برفعه لهذا التحدي يعتقد أنه سيخرس عصيد و من خلاله نشطاء الحركة الأمازيغية,الذين أخذوا على عاتقهم مهمة فضح السياسة العنصرية لحزب الاستقلال تجاه الأمازيغية,ولنا قبل البدء بالخوض في تفاصيل هذا التحدي,أن نسأل الخليفة ما الفائدة إذن من إجراء انتخابات أنت متأكد مسبقا من أنك فائز بها,أينما وكيفما كانت الدائرة التي تترشح بها؟
قد يستغرب بعض القراء إذا قلنا أن الخليفة سينتصر على عصيد أينما حل وسينال هذا الأخير هزيمة نكراء,لكن الاستغراب و العجب يزولان عندما نعرف أسس و قواعد اللعبة التي ينبني عليها هذا الفوز,فكيف لحزب استحوذ على الإعلام وفرض برامجه في التعليم و خاصة في برامج التاريخ,التي جعلها في خدمة أجندته و إيديولوجيته و سيطر على الاقتصاد و السلطة والثروة وكل مقدرات الشعب المغربي و استعمل جميع الأساطير و الوسائل ليبقى هو الحزب الوحيد المتحكم في مصير البلاد و العباد لعقود من الزمن,ألا ينتصرعلى مواطن بسيط كعصيد؟وهل سيعتبر انتصار حزب بهذه المواصفات وفي ظل كل هذه الإمكانيات المتوفرة له و في ظل "ما حابه الله به من خيرات ونعم" مفاجأة؟
تلكم إذن أول الأسباب التي تجعل الخليفة واثقا من الفوز على عصيد.أتذكر أنه في أحد الأعوام كنت في بلدة عين بني مطهر على الحدود الشرقية مع الجزائر و قد صادف تواجدي هناك إجراء الانتخابات القروية,أتذكر أن أغلب سكان تلك البلدة كانوا ينوون التصويت لحزب الاستقلال وعندما تسألهم لماذا؟
يجيبونك و هل يعقل أن نصوت لحزب غير حزب الاستقلال الذي حقق لنا التحرير و أرجع لنا محمد الخامس إلى أرض الوطن,نحن نكن كل الحب لحزب الاستقلال و لا يمكن أن نصوت لغيره.
خيل لي حينذاك أن الانتخابات كأنها تجرى على فرق لكرة القدم و أن المصوتين كأنهم مشجعين معجبين بهذا الفريق أو ذاك و لا يهمهم شيء من برنامج و إيديولوجية هذا الحزب أو ذاك,إنها مسألة إعجاب و فقط,إعجاب كسب بفضل الأكاذيب و تزوير التاريخ و الحقائق و نسبة البطولات التي تحققت لهذا الوطن لغير أهلها,في ظل هذه الأجواء السياسية المتعفنة إذن,كيف يعقل لمفكر كعصيد جاء لهدم الأصنام التي أصبحت مسلمات لدى الناس البسطاء بفضل "نضالات" حزب الاستقلال,أن يفوز على الخليفة أو شباط صاحب "حديث المدينة الفاضلة" الذي يعرفه القاصي و الداني؟
ما قيل عن بني مطهر يصح أن يقال عن باقي المناطق المغربية,التي يقول الخليفة أنه مستعد للترشح فيها,حيث الناس البسطاء ميالون إلى تصديق أكاذيب حزب الاستقلال,فلا عجب إذن,إذا قلنا أن جيلا بأكمله مازال يصدق مجموعة من الأساطير,التي كان حزب الاستقلال خريج ما يسمى بالحركة الوطنية هو مخترعها,بل إن حزب الاستقلال في حد ذاته يعد أسطورة من هذه الأساطير,فقد تساءلنا في مقال سابق,كيف بقي هذا الحزب محتفظا بهذا الاسم كأن الاستقلال لم يتحقق بعد أو كأنه يسعى لتحقيق استقلال آخر,ألا يعتبر ذلك استغلالا و ركوبا على تضحيات المقاومين المغاربة الذين طردوا المستعمر شر طردة,فإذا كان هناك من يستحق أن يحمل صفة حزب الاستقلال,فهم أعضاء المقاومة و جيش التحرير الذين قاوموا بالجبال و أعطوا دماءهم من أجل هذا الوطن و نحن نعرف قصة حزب الاستقلال مع جيش التحرير و المقاومة؟
إن الأنكى من ذلك,هو وجود مجموعة من المثقفين أو أشباه المثقفين,الذين لا يكلفون أنفسهم عناء إعادة قراءة التاريخ المغربي المعاصر,وعوض ذلك يميلون إلى أسهل الحلول وهي تصديق أكاذيب و أساطير اخترعتها"الحركة الوطنية",التي يعتبر حزب الاستقلال وريث سرها,ومن أمثلة تلك الأساطير ما يسمى بالظهير البربري,الذي لا وجود له إلى في مخيلة حزب الاستقلال,الذي ينصب نفسه غيورا على وحدة الوطن و المواطنين,ووطنيته أرفع و أصفى من وطنية بقية الناس,فلو حصل أن تقدم عصيد للترشح في دائرة انتخابية للتنافس مع الخليفة,فإن أول شيء سيواجه به,هو أنه جاء لإحياء الظهير البربري,وأنه يسعى لزرع بذور الفتنة و التفرقة والانفصال وغيرها من التهم التي ظلت لصيقة بالحركة الأمازيغية و مناضليها,والتي يحاول الترويج لها أعداؤها و حزب الاستقلال أكبرهم,فالخليفة لن يحاول إقناع الناخبين ببرنامجه الانتخابي بعيدا عن تبخيس عصيد و النيل منه في عيون المواطنين,لأن لا برنامج له أصلا,بل سينال أصواته من خلال اللعب على المشاعر و الظهور بمظهر الغيرة على الوطن و سيقول كما قال أحدهم"كلنا شلوح", ثم يضيف "هؤلاء هم ضد الدين و ضد وحدة الوطن,فكيف تصوتون على هذا الزنديق,وتتركون حزبنا الوطني,التقي,الورع,المؤمن,الطيب,الغيور على الوطن,المتشبث بوحدته,والذي حقق للمغاربة الانتصارات تلو الانتصارات"؟
عبر التاريخ يسجل أن كل فكر جديد و متجدد يقبل بالرفض و الاضطهاد,فالرسل عليهم السلام اضطهدوا أيما اضطهاد و هجروا و فلاسفة الأنوار زندقوا و كفروا,إذن لا غرابة إن قوبلت أفكار عصيد و شخصه بالرفض وحظي الخليفة بالقبول و الرضى,في مجتمع مازالت الأمية تضرب فيه أطنابها,حتى في صفوف من يسمون أنفسهم مثقفين وفي مجتمع مازالت فيه أصنام حزب الاستقلال تعبد و تستعصي على الهدم,مغرب أعده و برمجه و أنتجه وخطط له هذا الحزب منذ عقود من الزمن,بتزوير و تحريف التاريخ واستغلال المساجد و التلفزة و التحكم في التعليم و توجيهه لخدمة مصالحه,حتى أصبح من الصعب على مواطني هذا المغرب أو على الأقل على بعضهم تقبل كل ما هو مناف لما جاء به حزب الاستقلال,فأن تقول لأحدهم مثلا إن الظهير البربري لا وجود,سيتهمك بالكذب و البهتان,وعندما تقول له إن ما يسمى اليوم بالعلم الوطني ليس في الحقيقة إلا علما من صنع ليوطي ستتهم بالخيانة, وأن مفاوضات إيكس ليبان ليست هي التي أتت بالاستقلال ستتهم بأنك ضد الوطنيين,إنه المغرب الذي نصر على تسميته بمغرب كل شيء مقلوب,فأكاذيب حزب الاستقلال أصبحت مع مر الزمن حقيقة لا تقبل النقض,في حين أصبحت الحقيقة نسجا من الخيال وأصبحت الأصنام آلهة تعبد,مغرب مازال فيه الشعبويون يخدرون عقول الناس بأحاديث و خرافات ما أنزل الله بها من سلطان و شباط الذي أفضل مشاهدة عروض الفكاهي الأمازيغي Fellag,عوض الاستماع إلى أحاديثه المقززة,من أبرز هؤلاء,فمتى ينجح المغاربة في هدم هذه الأصنام و تكسير هذه الكراكيز التي تفوز قبل الانتخابات؟وماذا بقي لعصيد إذا عرفنا أن حزب الخليفة و صحبه قد سيطروا على أهم القنوات التي يمكن أن يمرروا عبرها إيديولوجيتهم وهي المدرسة و المسجد و التلفزة؟
ما قيل عن حزب الاستقلال يقال عن الاسلامويين المستغلين لدين لله,إذا لا غرابة أن يصوت المغاربة -و هم في الغالب مسلمون اعتنقوا الإسلام قبل أزيد من 1400سنة-,على من يخاطبهم و كأنه يقول"يا معشر المغاربة أنتم مسلمون و من أراد الإسلام و أحبه فليصوت علينا,ومن لم يفعل فليس من الإسلام في شيء",فأي أمل و أي حظ بقي لعصيد لأن يفوز على هؤلاء المستغلين للدين أو أولئك المرتبط ماضيهم و حاضرهم و مستقبلهم بالأساطير و تزوير الحقائق التاريخية,فهم حريصون كل الحرص على أن يبقى الشعب المغربي مصدقا لما بين يديهم من التاريخ المزور و الأساطير و الخرافات و خلط المفاهيم,حتى صارت العلمانية إلحادا و العقلانية كفرا و الأكذوبة حقيقة و الحقيقة أكذوبة...؟
مخطيء و مغامر عصيد إن هو قبل التحدي,على الأقل في المدى القريب,أما حين يبلغ الشعب المغربي مرحلة الأنوار,حينها لن يفوز إلا هو و أمثاله من المتنورين,كما فاز فكر ج ج روسو وكانط و ديكارت,باختصار عندما ينتصر العقل على الخرافة وينتصر التاريخ الحقيقي على التاريخ المزور والصدق على الكذب,فمتى يتحقق ذلك؟ومتى تجرى انتخابات عقلية و عقلانية,لأن الشفافية لا تكون بمرور الانتخابات في جو سليم وفقط,ولكن الشفافية تتحقق بإقناع المصوتين بلغة العقل لا بلغة العواطف و الأكاذيب,التي لا تساهم إلا في تدمرهم و يأسهم بعد الانتخابات مباشرة,فهل نجح الخليفة أو شباط يوما في إقناع الناخبين بعيدا عن الشعبوية و الديماغوجية والحربائية و البسملة و الأحاديث الموضوعة ومهاجمة الخصوم و التفنن في تلفيق التهم,حتى يبقيا هما و حزبهما في أعلى عليين؟
و أعتقد أن بصيص الأمل بدأ يظهر و أن الشعب المغربي بدأ يتجه نحو الأنوار بخروج حركة 20 فبراير التي صم حزب الاستقلال و من معه آذانهم عنها,بل و عملوا على محاربتها و التضييق عليها بنفس الأساليب التي يضيقون بها على عصيد من اتهام بالخيانة و السعي لزرع الفتنة والعمل على نشر الفوضى, والصحيح أن التهمة الخطيرة التي يمكن توجيهها لهذه الحركة الفتية,هي كونها-وباختصار-, رفعت في وجهوهم جميعا شعار ارحلوا.
لم أتحدث في تحليلي للأسباب التي تجعل الخليفة ومن معه مرشحون فوق العادة,لاستعمال السلطة و الجاه و المال و الأعيان واستغلال الفقر المادي للمواطنين في الانتخابات,وإنما اقتصرت على الجانب الأسطوري و الأكاذيبي الذي على أساسه يتم دخول غمار هذه الانتخابات,وهذا الجانب مرتبط أساسا بفقر معرفي و علمي وفكري وبالحب الوحشي للوطن وعمق الإيمان وهو ما يعمل الخليفة على استغلاله ليجد له موقع قدم في المناطق التي يسميها أمازيغية,و هو في ذلك يستفيد من "الإرث النضالي" و"العمل الوطني" الجبار الذي قام به حزبه و القائم على تدريس مجموعة من الخرافات و الأساطير لأجيال من المغاربة,إلى أن أصبحت بمثابة مسلمات يستحيل التشكيك في صحتها,و الركوب على وطنية البسطاء الميالين إلى تصديق المنافقين المتفنين في زركشة الأكاذيب,التي تمرر تارة باسم الذود عن الدين و تارة باسم الغيرة على الوطن أو باسم الدفاع و التضحية من أجل المصلحة العامة و نكران الذات و تغييب المصلحة الخاصة و تلك هي قمة الديماغوجية.
بالنسبة للبقالي المتحدث الرسمي باسم حزب الاستقلال فيكفي للإجابة عليه أن نقول,بأن جريدته"العلم",رغم استفادتها من أموال الشعب المغربي أو ما يسمى بدعم الدولة للصحافة لسنوات طوال و رغم أقدميتها,فهي لا تحتل المرتبة الأولى من حيث المبيعات و لا حتى المرتبة الثانية و لا الثالثة ولا حتى الرابعة,وما يوزع على "مناضلي"حزب الاستقلال من نسخ كهدايا أكثر مما يباع,فهل بعد هذا الدليل,دليل على فشل هذه الجريدة مقارنة مع جرائد مستقلة ليس لها من التمويل نصف ما هو متوفر للعلم؟
في الختام نقول, ليس غريبا إذن في ظل كل الظروف التي أوردناها سابقا,أن يفوز الخليفة ومن معه وليس غريبا أن يكون متيقنا مئة بالمئة أن الفوز سيكون حليفه في الدائرة التي يريدها حتى قبل إجراء الانتخابات.
في انتظار انتخابات تغيب فيها الديماغوجية و الشعبوية و الأساطير التي يتم بها كسب عواطف البسطاء,في انتظار ذلك نقول للخليفة هنيئا لك الفوز قبل الانتخابات,هنيئا لك 99,99 بالمئة من أصوات الدائرة التي ستترشح بها و لا يهم إن كانت في وسط المغرب أو جنوبه,شماله أو شرقه أو غربه,لأنك فائز لا محالة و فوزك لا يحتاج إلى "والله أعلم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا