الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افتتاح المعرض التشكلي المتميز تحت عنوان: السعي الى القمة، للفنانتين التشكيليتين الفنلنديتين

عبدالرحمن شاكر الجبوري

2011 / 10 / 31
الادب والفن


افتتاح المعرض التشكلي المتميز تحت عنوان: السعي الى القمة، للفنانتين التشكيليتين الفنلنديتين
PÄIVI PENNOLA
MARJATTA LAARIO


افتتحت في المعهد الروسي الفنلندي الثقافي في مدينة همينلينا التي تبعد بحولي 100كم شمال العاصمة الفنلندية هلسنكي. المعرض المشترك للفنانتين الفنلنديتين التشكيليتن الكبيرتين، هما الفنانة التشكيلية المتميزة (بيفي بينولا) و الفنانة التشكيلية الكبيرة (ماريتا لاريو)، مساء أمس الجمعة 28 تشرين الثاني 2011 والذي سيستمر المعرض لغاية 16.12.2011. وضم المعرض على اكثر من 30 عملا تشكيليا مشتركا.حضر الافتتاح عدد كبير من الفنانين والمهتمين بحركة الفن التشكيلي، الذين ابدوا اعجابهم بالاعمال الابداعية المعروضة. والتي عبرت عن الحصار للإنسان الكائن على مستوى الذات والموضوع باستخدام الوسائط اللمسية الجديدة في أساليب الفنون المفاهيمية في " التراكيب الفراغية" في التأمل العميق للذات، أكدتا به رقي ابداع الفنان التشكيلي والمستوى الفني الرفيع والمتقدم الذي بلغه الفن التشكيلي الفنلندي. الذي ناقش قضية الانسان ليس على المستوى المحلي وحده بل كل مايجري لقيم الإنسان على مستوى العالم وعمق متغبراته الدراماتيكية.
ولفت إلى أن الفنانة ( بيفي بينولا ) حاولت أن تضع المعرض بشكل لوحات صارخة، بين التشتت الموضوعي والانغلاق الذاتي الذي يعانيه الإنسان ليس على المستوى الاقتصادي أو السياسي، بل العوامل المجتمعية-الثقافية التي تحاصر إنسان العصر الحديث من ضمنها القضايا النفسية وانعكاستها المضطربة في مكونها الموشوري، المتعلقة بحرية الانتقال الحسي والتلاقح الفكري وحرية التعبير وكوابح الانتقال بها نحو الرقي الامثل لذات الانسان.

هذا المعرض للفنانة (مارياتا لاريو) اضافت اليه ايضا إلقاءها الضوء على السلبيات التي يعاني منها الإنسان من خلال الوانها والخطوط والاشكال برموز تناقش موضوعاً كونيا ًمتنوعا، ويمكن لكل فرد إن يفهمه بطريقته الاستفهامية.. مؤكدة أن هذه الموضوعات لاتناقش قضية محلية مغلقة بفرديتها وهزائمه المعقدة التفكيك، بل تناقش قضية كونية بالمعنى المعرف للإنسان وسبل قلقه، ذاك الذي يعاني في كل أرجاء العالم من أنواع مختلفة من الخناقات التعبيرية، التي اجمعت جميع لوحاتها والالوانها حلة من التقاطعات الحادة في مشادة مع اللون بالظاهرة. التي أردت إن توضح للجمهور أن هناك وسائل أخرى للتعبير غير اللوحة المتحفية وهي وسائل ممكنة تنقل من خلالها نفس الجماليات بروح مختلفة كما هو في اسفار الجماليات بالفنون الادبية الاخرى.
المعرض كأسطورة حالمة تتنقل بها عناوين تمتاز بتداخل الحلم بالأسطورة، وهو ما يحول السياق السردي اللوني وتدرجه باللوحة إلى موضوعات تشبه صور الحلم في تعبيرها عن العقل الباطن الذي تتمكن فيه المخيلة من ابتداع كل المشاهد والأحداث التي يوجهها العقل.. رابطة الفنانتين في ذلك بين هذه الأحداث والصور في تسلسل فني رائع بالتدرج المعرفي.

أحداث اللوحة للفنانة (بيفي بينولا) تروي قصة زاخرة بالعجيب والغريب على عالم الإنس، وهي حكاية تحركها كائنات خارقة ابتدعتها المخيلة، لتجسد مخاوف الإنسان من قوى مجهولة، سواء كانت بقدرات خارقة أو ذات أفعال طبيعية ولكنها مضظربة وخارقة لعمق الذات .. ذاك الصراع الداخلي يحول طاقة الخيال إلى تمثل تلك القوة الخارقة لصالح الإنسان؛ فالرواية اللونية بفرشاتها الملونية تمثل الحلم الذي يشحن الإنسان بالمقدرة والإبداع ليرتقي بذاته وينحت له مكانة وسط فضاء الصراع الذي يعيد له توازنه.

ما يتراءى للزائر باعادة الأساطير الذهنية-الفنية، أنها إذ صبغت تلك الألوان بالجانب الحالم في الإنسان؛ يجدها تخلع عنها ثوب الحقيقة والجدية، لتبدو في صورة حكاية مشحونة بالخارق؛ تبحث عن فضاء أكثر حرية وانعتاقا من براثن الواقع.

وقد حرصت الفنانة (مارياتا لاريو) خلاي موضوعاتها كالإهداء الذي بتصدر الصفحات الأولى للمعرض تسحرنا بتقاسيم لونية وهندسية كقلب الرحمة، وثيرة بأجنحتها اللونية كفراشة الحب الحالمة، تتشاهق على الإيحاء الذوقي الرفيع، تجتاز الحواجز التكنيكية القوية التي تكلس الحرية تتفتق بحبها الشغف، وتتطهر في نهر الحب الأزلي، وكأنها تمنحك العصا السحرية للإنسان؛ لتحول أحلامها إلى رفقة دافئة بمرسمها الذهني والابداع.. فتمنحه شرنقة بقوة خالصة التطاير فوق ازاهيرها الممتدة في افاق زوايا لوحتها وهي تتراقص مع الآخرين رغم التقازم من المتحدية بها ثقافة التعاسة المؤلمة.

أما عن الأمكنة في هذا المعرض، فهي أمكنة طبيعية وبسيطة تتحول إلى فضاءات تناسب الصراع بين الإنسان والكائن الفني الملون ببرعم فني لن يصغر؛ ويتراءى ذلك في المشاهد الذي يصورانهما؛ سواء في تكاثر التقاطعات التي تغزو فيه ذاكرة الفئران أو النمل البشري. ليبدو للزائر وكأنه قد تحول إلى قوة طاردة للمؤذيات المنذرة بالشر والخراب، ولكن يحسب للزائر اثناء تنقله بالمشاهدة والتأمل، باستعانة باجنحة طير ليغوص بأعماق اللوحة المشخصة بفتنة العلائق النقدية التي تتواصل برحلة المعرفة، مغلفة بالأساطير والرموز، في رحلتيهما التراشقية بنوازع الذات، للتخلص من المرارة وقيودها المدمية.. معرض يحل فيه رحلة الأحداث المركبة، مستمدًا قوته الخارقة من الإنسان في صراعه مع الطبيعة ومع الأرواح المؤذية ينتزع نحو التناقضات والارهاق، نحو استمداد الطاقة الخيرة بنور المعرفة والبصيرة، ودورة الاعتراف لتكتمل به عقل الإنسان في مجابهة وضعه إلا إذا تغذى بالحدس والعقل والاخلاق.

الغريب المدهش في المعرض، أن الأفعال اللونية التي تسيطر على الذات أسطورية لا تقوم على الطقوس التي ارسيتا الفنانتين الرائعتين بهذا التوافق بالموضوع والاختلاف بالادوات بالترميم والتعبير، بل هي إرساليات الفن والاباع عبر منطق التذهن، كأنهن يشيرن إلى أن عمق رحلة الكشف المعرفي التي تتمثل في تحريرهن على مصدر الضوء في رحلة المعرفة الانسانية الشاقة من زحف المارد الخانق، ليبدو وكأن هناك تبادلًا بين طاقتي الأرض والسماء التي ينتهي بالفنانتين الى مثل هذا التمازج اللوني والموضوعي بالالتحام بينهمن لفضحن دواخلنا الجاهلة الى كشف اغطيتنا المعرفية الساكنه.

فيما جاء النص الفني بخطاب الروائي مشحونًا بالصور والرموز والقصص، ليمضي الزائر في رحلته قراءته للنص من حدث إلى حدث بالوان تراقص الفرشاة، وكل منهما تروي قصة مواجهتها التي تنتهي بانتصارهن من خلال تحقيق هدفهن الاسمى بممحاكة الاسلوب الفني اللمسات للمتلقي؛ وكأنهمن لا يندرجان من طينة الإنسان البدائي الذي كان يبحث عن تفسير للظواهر حسب مخيلته.. نظرًا إلي أن تفسيرات عِلَل النص لم تُرد إلى ما هو غيبي، ولعل تجاوز حالة القلق والحيرة أمام هذه القوى التي تعوق فعل الفنانتان والناس في هذه رحلة الالوان الرواية بمرسمهن، إنما هن اللتان تحتمان علينا هذا الترويض للجانب الروحي وبلورة النضج الفكري في آن واحد.

ليقف الزائر مؤكدًا على أن أية محاولة للإحاطة باللوحات وآفاقها لن تكون كافية على الإطلاق؛فالمعرض تنهل من معين تجارب عدة، تجارب موصولة بعالم قائم وراهن وشاخص في آن واحد، عالم ماثل في الذات التي تتأمل ذاك الواقع الحر، فترتفع به إلى مستوى النص اللوني الجميل، وسط اعتماد الثقافة والتجربة على مستويات متعددة للسرد؛ يتبدى في الانتقالات الكثيرة التي قفزن عليه على مستوى الزمان والأمكنة، والمزاوجات بين أكثر من متصل، والإيماءات والإشارات التي تحدث نوعًا من الصدى بين تجارب مختلفة مع عدد من الشخصيات.

Al-Juboori Abdulrahman
HML/Fimland








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي : فيلم -البحر البعيد- للمخرج المغربي سع


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعد خضر يرد على شائعات وفاته




.. من المسرح لعش الزوجية.. مسرحيات جمعت سمير غانم ودلال عبد الع


.. أسرة الفنان عباس أبو الحسن تستقبله بالأحضان بعد إخلاء سبيله




.. ندى رياض : صورنا 400 ساعةفى فيلم رفعت عينى للسما والمونتاج ك