الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لسنا استثناءً على هذه الأرض

عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)

2011 / 10 / 31
العولمة وتطورات العالم المعاصر


كوكب الأرض نفسه ليس استثناءً في نظام الكون، كما يشير علماء الفضاء، إذْ أنه تعرض خلال عمره المديد لعددٍ من الضربات الفضائية التي كانت في كل مرة تحدث تغييرا جذريا في أشكال الحياة عليه، وأحيانا كانت تقضي على معظمها وتبيدها، وحتى اليوم ما زال كوكب الأرض على مرمى حجر فضائي طائش، يهدد وجوده برمته، وبالتالي لن يكون سكان هذا الكوكب من بشر وكائنات أخرى استثناءً في نظامه الطبيعي الصارم، الذي لا يجامل ولا يرحم.
وفي هذا المقام يذكر لنا التاريخ أنه وبعد أن استقر البشر فوق هذا الكوكب، وأنشئوا نظامهم الاجتماعي، وفي سياق تطورهم التاريخي انقرضت قبائل، وهلكت شعوب، ومُحيت دول عن الخارطة، وأبيدت حضارات عتيدة كانت تظن أنها مخلّدة، ولم يبقَ منها الآن سوى صفحات في أرشيف التاريخ.
واليوم، وبعد أن امتلك الإنسان تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم وأسلحة الدمار الشامل، فإن الجنس البشري برمته سيتحدد مصيره بكبسة زر، يتحكم به مجموعة من الحمقى والمهووسين، قد يؤدي جنون أحدهم إلى طي صفحة البشرية، وإلى الأبد.
ولا أدري لماذا يصر البعض على اعتبار أن "العرب" أمة فوق قوانين الطبيعة، وخارج مجرى التاريخ، ولا تنطبق عليها جدليات التطور الاجتماعي والسوسيولوجي، ونواميس الكون الحاسمة، وهم على قناعة بأنهم أمة خالدة. فإذا كانت الأمة العربية قد اجتازت ظروفا بالغة الصعوبة والتعقيد في العصور الغابرة، وكانت في كل مرة تنبعث من جديد، فلأنها تمتلك بعض عناصر الحيوية وآليات التجدد، ولكن هذا لا يعني أن عليها أن تركن إلى طائر العنقاء الذي سيخرجها من عنق الزجاجة، وأن تنام على أمجادها، فتلك قصص تجاوزها التاريخ.
العرب ومنذ ما يزيد عن خمسة قرون، لم يقدموا إسهاما ذو شأن في الحضارة الإنسانية الحديثة، ولم يتزحزح مكانهم عن آخر الطابور الذي يتلقى وينتظر ما ينتجه العالم المتحضر. ببساطة لأنها أمة برعت في تأليف النصوص وتقديسها، وإنتاج الشعارات وتحنيطها، وصنع الزعامات وتأليهها، والطواف في فلك الأصنام التي تصنعها بأيديها. وطالما بقيت كذلك .. تتغني بالماضي، دون أن تفعل شيئاً، ولا تتقن من السياسة إلا فن الرفض، منذ صدور الكتاب الأبيض وحتى يومنا هذا، وهو رفضٌ في أغلبه عبثي وعدمي، لم تجني منه إلا المزيد من التراجع والتنازل، وإنزال سقف مطالبها مرة بعد مرة.
ولذلك، دون أن نمتلك الشجاعة الكافية للتأمل والتبصر، والجرأة للنقد والمراجعة، ومساحة للحوار تخلو من مصطلحات التخوين والتكفير، وبدون أن ننـزع هالة القداسة عن كل المسلّمات، ونكسر القشرة الصلبة التي أحاطت بالنصوص قديمها وحديثها، ومنعتنا من استخدام عقولنا لقرون طويلة، وبدون وقفة صادقة مع الذات، فإن مستقبل الأمة سيكون مجازفة كبرى، بل أن مصيرها لن يكون أفضل من مصير الشعوب التي طواها التاريخ، ولا حتى أحسن من مصير الديناصورات التي سحقها نيزك فضائي، انتصر على صخور الأرض الرواسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي عزيزي عبد الغني
فؤاده قاسم ( 2011 / 10 / 31 - 14:58 )
شيء مؤسف بعد ان كان العرب هم الاساس يقفون الان في الخلف والاسباب عديده كما ذكرت حضرتك ونتائجها مرعبه اذا لم ينتبهوا , وكيف لمتخلف ان ينتبه وهو اصبح كحيوان لاغي عقله والغريزه هي من تسيره , المشكله في تخلفنا الذي اصبح كوحش كبير يأكل بنا من حيث لا ندري
الطبيعه نجتنا من الزلازل والكوارث الطبيعيه لكنها اعطتنا تخلف لا طائل له
شكرا ودمت سالم


2 - طبيعة الكون و العرب
شعبان عمر ( 2011 / 10 / 31 - 17:38 )
هل الكتاب الأبض هو القرآنا ماذا يقصد الكاتب بالكتاب الأبيض فسر لي من فضلك , ولمذا ترغب في تطوير الامة العربية ألا يكفي أنها تستفيد من خدمات الغرب الذي تعتبره عبدا لها ما دام يقدم لها الخدمات مقابل الدولار , فلمذا دائما يتسائل الإنسان عن المستقبل ويهمل الحاضر أجبني من فضلك سيدي على هذا سؤال : هل صحيح أن رب إبراهيم وموسى يفضل اليهود و اعطاهم فلسطين سكنا أبديا لهم ولمذا لم يتدخل الله لنجدت الهنود الحمر بنبي يحميهم من التطهير العرقي أمام الاجليز هل هذا يعني أن الله موجود في فلسطين فقط أم يهمه الشرق الأوسط و ما جاوره من البقاع المقدسة , وفي نظرك ما هي لغة الجنة هل صحيح انها العربية , و مذا تقول عن الأدمغة العربية هل يمكنها العيش في مجتمعاتها .


3 - الصديق الغالي عبد الغني سلامه
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 11 / 1 - 05:25 )
تحيه وتقدير
طويتها سريعا وكنت لها ايجاز يضع اسئله مهمه تشكر عليها
لنا عوده لموضوع التخلف قريبا
تقبل تحياتي


4 - شكرا لمروركم الكريم
عبد الغني سلامه ( 2011 / 11 / 1 - 08:29 )
الأخت العزيزة فؤاده
بعد طول غياب عن تعليقاتك الجميلة ها أنت تعودي فأهلا بك وشكرا لمرورك الكريم.
الأخ المحترم شعبان
الكتاب الأبيض الذي قصدته هو الذي صدر عن بريطانيا عام 1939 لرشوة العرب ودعوتهم لمساندتها في الحرب الثانية ولكن كل الصهيونية والعرب رفضوا الكتاب .. الصهيونية استمرت بفعلها على الأرض ،، أما العرب فقد اكتفوا بالرفض العدمي ولم يفعلوا شيئا .. وهذا مؤسف
بالنسبة لأسئلتك الأخرى وهي مهمة جدا ولكنها بحاجة إلى مقالة خاصة وهناك كثير من الأخوة الأفاضل كتبوا عنها باستفاضة .. طبعا أشاركك الرأي .. وأحس بألمك وأنت تنتقد .. لأن الوضع العربي سيئ ويدعو للشفقة
الصديق الرائع عبد الرضا
وينك؟ شو أخبارك؟ تعليقاتك ومقالاتك لا غنى لنا عنها
تقبلوا جميعا عميق مودتي واحترامي


5 - وهم الامة العربية
ساتى اقرين ( 2011 / 12 / 21 - 12:47 )
الاخ العزيز سلامة
الا توافقنى بأن الامة العربية هى مجرد اضغاث احلام واوهام، ليس لها اى اساس موضوعى . فكر بشكل علمى و منطقى، وبدون انحياز الى العرب او ضدهم . كيف يتم الغاء هوية كل الشعوب التى كانت ولا زالت تقطن العراق وسوريا لبنان وفلسطين ومصر وشمال افريقيا والسودان.
ما بنى على باطل فهو باطل . ولن يستمر هذه الفكرة طال الزمن ام قصر

اخر الافلام

.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا


.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق




.. خليل العناني: المنطقة العربية في حالة اشتعال بسبب الإدارة ال


.. وزير لبناني يخشى -غزة ثانية- بعد القصف الإسرائيلي العنيف




.. بايدن يحضّ إسرائيل على عدم ضرب المنشآت النفطية الإيرانية