الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعد الاستراتيجي في صفقة شاليط

عماد صلاح الدين

2011 / 10 / 31
القضية الفلسطينية



يعن لكثيرين التساؤل لماذا تقبل إسرائيل إجراء صفقات لتبادل الأسرى؛ بإخراج أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين والعرب من سجونها حتى مع أولئك الذين تصفهم ب " الملطخة أيديهم بدماء إسرائيليين أو خطرين على أمنها " مقابل الإفراج عن جندي إسرائيلي أسرته المقاومة، قد يكون على قيد الحياة أو رفات تحللت منذ سنوات.
والحقيقة أن المسألة هنا كامنة في البناء البنيوي للكيان الإسرائيلي؛ فالكيان الإسرائيلي ليس طبيعيا في النشأة ابتداء، ولا كذلك في التكوين التراكمي المعتاد للكيانات الطبيعية( الشرعية)، المستندة إلى جملة أركان حقيقية في تكوين مشهد المجتمعات والأمم، وبالتالي كياناتها السياسية والتنظيمية كدول.
فالكيان الصهيوني منذ نشأته يفتقد إلى التجانس والانسجام في كل متعلقاته التكوينية؛ فعلى المستوى البشري أو الديموغرافي نجد أن مجتمعه عبارة عن خلائط عرقية وحتى عقدية لا يجمعها جامع، فضلا عن الحاضنات الجغرافية المختلفة لهؤلاء الذين يقدمون إلى فلسطين التاريخية عبر أجيال عديدة منذ أواخر العقد الرابع من القرن العشرين المنصرم، ولقد أثبتت الأبحاث التاريخية والدينية الموضوعية أن معظم هؤلاء القادمين إلى فلسطين التاريخية ليسوا يهودا بالمعنى الدياني للكلمة، هذا فضلا عن انتفاء الهوية الوطنية للديانة اليهودية كدين سماوي.
وكما هو معروف، فان الصهيونية السياسية في مسارها الاحلالي في الحلول محل الشعب الفلسطيني في أرضه وممتلكاته، ما هي إلا انعكاس حقيقي للدول الاستعمارية الغربية على توالي تداول هيمنتها الإمبراطورية؛ من بريطانيا القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين إلى الإمبراطورية الأمريكية المتهاوية حديثا منذ الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا.
على ضوء ما سبق، فان إسرائيل وضمن منطق التحليل الاستراتيجي لا تعدو ان تكون كيانا امنيا متقدما في قلب العالم العربي، لأجل تأمين المصالح الغربية والأمريكية؛ فهي كيان امني بامتياز، لم يسبق عبر التاريخ وجود هذه التجريدية الأمنية الخالصة لكيانات أخرى كما هو الحال مع إسرائيل. ولذلك نجد أن كل المجتمع الإسرائيلي عبارة عن حالة أمنية، تقع في إطار الجهوزية لاي مواجهة حتمية قادمة مع محيطها الفلسطيني والعربي الإسلامي.
فلا يعقل بمنظور الكيانات القائمة على أسس طبيعية من الإقليم والشعب والسيادة، أن تتأثر إسرائيل إلى حد الهلع والفزع، من أعمال مقاومة فلسطينية بما فيها إطلاق صواريخ غير متطورة من قطاع غزة على مستوطناتها، بالقياس إلى ما تملكه من مختلف أنواع الأسلحة في ترسانتها العسكرية النوعية والضخمة.
ويبدر السؤال هنا ماذا سيكون حال إسرائيل ومجتمعها الخلائطي، لو أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أصبح لديها عديد من الأسلحة الثقيلة والنوعية التي تطال الكيان كله؟
الأبحاث والدراسات المتعلقة بماهية النفسية الأمنية الإسرائيلية تقول: أن استهداف الكيان الإسرائيلي بشكل يطال كل أجزائه، وبسلاح من الحجم التقليدي المؤثر عسكريا، وعبر سنوات محدودة كفيل بان يحدث الهجرة الإسرائيلية العكسية من فلسطين التاريخية إلى خارجها في أوروبا الغربية والشرقية وأمريكا وأماكن أخرى من العالم. هذه الهجرة العكسية لن تكون كسابقاتها بفعل الانتفاضات الفلسطينية الشعبية محدودة بآلاف المهاجرين الإسرائيليين؛ ففي الحالة التي نتحدث عنها ستكون الهجرة العكسية مشروعا لتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها، تحت تأثير ووقع ضربات المقاومة الفلسطينية المتطورة يوما عن يوم.
إن قطاع غزة صغير المساحة بما فيه من إمكانيات عسكرية وتنظيمية مستقبلية، سيكون له الدور الأبرز في إحداث هذه الهجرة العكسية النوعية على طريق مشروع التحرير والعودة للاجئين الفلسطينيين، بالإضافة طبعا إلى دور المحيط العربي والإسلامي في معركة تحرير فلسطين من محتليها الصهاينة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ