الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بقايا نشارة خشب ..

شوقية عروق منصور

2011 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



المواطن العربي كان يقف أمام غرفة ولادة الثورات ويدعو – يا رب ثورة، يا رب ثورة - واستجاب الله سبحانه وتعالى للدعاء ، وارسل تسونامي من الثورات التي حيرت المواطن العربي الذي كان يمشي الحيط الحيط و يارب السترة والعمى لرجال المخابرات ، كان يتوقع انهيار حيط او اثنين ولكن أن تنهار السدود التي كانت تسد المنافذ وتغلق الأرواح فهذا شيء أكبر من خياله الفقير الذي لم يقدم له سوى بعض القمح كي رشو بعض العصافير العابرة أمام أحلامه .
المثل التركي يقول ( تجنب غضب الرجل الهادىء ورفسة الدابة المطيعة ) والهدوء الذي فسرته الأنظمة دليل الحب المتبادل بين الشعب والكرسي ، تبين أنه مثل بلاط (الموزاييك) تقترب منه فلا ترى شيئاً ، لكن ما ان تبتعد عنه حتى تتضح الصورة ، وكانت الصورة مخيفة .
من المضحك ان زعماء الأنظمة على مختلف التسميات والألقاب والرتب والنياشين والثروات ، كانوا في البدايات يتنفسون البلونات المنفوخة ، وفي النهايات يتحولون الى بالونات يطيرها الشعب .
كان الزعماء يعرفون قاعدة – لا يعرف سر ثقب الجورب الا الحذاء – هم الجوارب المثقوبة التي تغطي عري الوطن ، والشعب بالنسبة اليهم هو الحذاء الذي يغطي الثقب ويحرص على حمايته من أعين التاريخ ، لكن في الآخر اتسع الثقب وتمرد الحذاء ، حتى تحول الى قفاز ملاكمة ، يلكم وجه الرئيس أو الزعيم .
اذا الزعماء العرب صدروا للعالم مقولة أن شعوبهم تعيش في الجنة ، فما هو الجحيم اذن ؟؟؟
لقد عقدوا صفقات الحب وشربوا الأنخاب بصحة شعوب غيرهم ، وتناسوا عقد صفقات التفاهم مع شعوبهم .
اعتقدوا أن مجتمعاتهم مجتمعات ثروات وليس مجتمعات ثورات ، وكان لكل رئيس وزعيم غرفة ( كاماكورا ) – غرفة صغيرة يتم بناؤها من الثلج في اليابان للأبتعاد عن الناس – حيث يخطط كيف يلتهم المزيد ، وكيف يضغط على النخاع الشوكي للشعب كي ينحني أكثر .
لقد دخل المواطن العربي سباق لهاث الفضائيات والاعلام ، أين يراقب ويشاهد ويفسر ويحلل ويفرح ويغضب وأي ميدان وأي شارع وأي زنقة وأي معارضة وأي جيوش وأي رصاص وأي فلول وأي أنظمة وأي فساد وأي ثروات وأي نساء وأي نفوذ ، قصص وحكايات تخرج يومياً يشيب لشعرها الولدان.
خلاط كبير يخلط الصور والأحداث ، يقدم لنا أطباق الذهول على موائد الدهشة ، ليس الدهشة من الفساد الذين يحيط بالأنظمة التي تعفنت لدرجة مسح المواطن والاستخفاف بأحلامه وطموحاته وحياته ، لكن الدهشة من تخلي الأصدقاء عن هذه الأنظمة ، التي تورمت اقدامها وأصابها روماتزم من كثرة الوقوف الى جانب هؤلاء ، وتساقطت أسنانها من الشد على حبال توطيد الصداقة .
نسمع ونقرأ عن الفرح والنشوة التي تصيب زعماء الغرب وبعض زعماء العرب حين يسقط نظام كان حتى الأمس القريب الحليف والصديق والممرات السرية والسراديب المضيئة بضوء الضحكات والمؤامرات .
قد نتقبل حقد الغرب بخبثه وأساليبه وانتهازيته ، لكن عندما أرى بعضهم مثل تقاسيم وجه برلسكوني رئيس وزراء أيطاليا وهو شامت بمقتل القذافي ، ويشعر بالنشوة من التخلص منه ، نشعر أن الغرب قد قلع شرش الحياء بالمرة ، لأن هذا الممعوط الذنب المدهون بالزنى والقصص الجنسية المخجلة ، والذي رصدته الكاميرات وهو يقبل يد القذافي ، قد تجاوز الضحك على ذوقننا .
تنازل الأنظمة العربية بالتقسيط ، او دفعة واحدة ، الأمر سيان لدى المواطن العربي ، المهم تحطمت الكراسي وبقايا نشارة الخشب تنتظر أمام ابواب الأنظمة الجديدة ، ولا نعرف هل سيقومون بجمع النشارة وصنع كراسي من جديد ، أم ستبقى النشارة شاهدة عيان على الثورات .
رغم ذلك يردد المواطن مع الكاتب السوري محمد الماغوط :
مهما كانت الحفر عميقة والظلام دامساً والغياب كثيفاً ، سنرى ما نريد رؤيته وسنظل الى ما نريد الوصول اليه ، فمنذ عصر الأنحطاط ونحن نترنح مبسوطي الأيدي ولم نسقط حتى الآن .
وتسقط صور التشفي والشعارات التي يحاول الغرب تحزيم بطوننا بها كي نرقص على أيقاع طبلته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماهو الهدف الحقيقي للحوثيين من استهداف السفن؟ فواز منصر يجيب


.. ترامب يعود إلى مبنى الكابيتول لتوحيد الصف الجمهوري | #أميركا




.. إطلاق صواريخ من غزة على جنوب إسرائيل وتفعيل القبة الحديدية


.. مراسلة الجزيرة ترصد تطورات التصعيد بين حزب الله وإسرائيل جنو




.. خليل العناني: قرار مجلس الأمن الدولي بوقف حرب غزة عقد مسار ا