الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما كان.. ما سيكون

محمد عليم

2011 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


بعد وقت كافٍ على قيام ثورتنا الفريدة!! اكتملت أبعاد المشهد، ما كان منه وما سيكون، أما ما كان فهو اغتيال المشهد الجمعي الذي انصهر فيه المصريون في لحظة تاريخية إنسانية بالغة الرهافة والسمو، وأما ما سيكون فسيظل نهب الاجتهادات الفردية والجماعية إلى أن يقع فعلا.
ولأن بلدا بحجم مصر لا يجب أن تسير الأوضاع فيه سيرا طبيعيا؛ فقد جاءت الثورة (بالنظر إليها في السياق الماثل) أشبه بجنين جميل المحيا حافل بالعلل الداخلية، إذ لم تعرف لها قيادة محددة حال قيامها، ولم تعرف لها قيادة محددة بعد نجاحها المؤقت، وما قيل في تفسير ذلك لم يقنعني على كثرة ما فيه من اجتهادات أبرزها الخوف على رموزها من الاغتيال، وعندما بلغت الثورة ذروة نجاحها بتخلي المتخلي حسني مبارك عن مهامه كرئيس لمصر؛ لم ينتبه السواد الأعظم (بالقدر الكافي على الأقل) إلى الألغام التي وضعها حسني مبارك في بيانه المقتضب الملعون، لقد كان البيان الذي ألقاه عمر سليمان وهو في كامل تأثره هو الصفعة الكبرى التي وجهها مبارك للثورة والثوار وكامل الشعب عندما أوكل المهمة للمجلس العسكري الذي اختاره بمهارة فائقة، ولكي لا يساء الظن هنا أسارع بتوضيح المقصود بالمهارة الفائقة.
اعتاد حسني مبارك (لأسباب تتعلق بمركبات نقص حادة) على اختيار الأدنى كفاءة من قياداته، ولأنه رجل بليد للغاية التف حوله البلداء ومعدومي الضمير على مدار العشرين عاما الأخيره من حكمه المشئوم، والأمر لا يحتاج إلى كثير تدليل، فيكفي النظر إلى أحوال مصر اقتصاديا، وأمنيا، واجتماعيا خلال تلك الفترة، وكان يعلم بلؤمه الغريزي أنه بقراره الأخير يوجه ضربته الأخيرة على المتبقي من تماسك مصر بعد رحيله.
فلماذا إذن يظل نجاح ثورة مصر معلقا حتى الآن؟ لأن من قاموا بالثورة نسوا المهمة الأخطر التي كان يجب عليهم القيام بها قبل وبعد الثورة مباشرة، أعني قطع الطريق على خفافيش مبارك في استثمار آفات الفقر والجوع والتهميش في إشعال الثورة المضادة، وهو ما يحدث الآن، فهم يحاربون الشعب بالشعب ويقفون في الجوار يدعون البراءة والألم، ولم يكن زبانية مبارك وحدهم الذين أجادوا استثمار الحرافيش في خنق الثورة والثوار، وإنما لحق بهم تيارات جديدة شرسة تتاجر بالعلل نفسها ولم يتورعوا عن تقديم الدين قربانا لغاياتهم الصغرى.
كان يجب على كل شاب مصري يحمل قدرا من الوعي أن يتوغل في بيئته الأقرب لإفهام الفقراء والمهمشين في قرى ونجوع مصر التي خرجنا منها جميعا أن فرقا كبيرا بين التدني إلى الخبز والسمو إلى الحرية، بين الجوع والكبرياء، بين الامتهان والاحترام، ولأنهم لم يفعلوا فإن قافلة الانتهازيين وقناصي الفرص يتصدرون المشهد ويتاجرون ببضاعة ليست لهم.
تسعة أشهر بتمامها ولم يقدم المجلس العسكري وحكومته التعيسة مشروعا واحدا حقيقيا يشتم معه الناس تغييرا واحدا، تسعة أشهر ومصر مستباحة يجلد أحرارها بدم بارد على مرأى من الجميع، تسعة أشهر والمجلس العسكري المسالم جدا في الإعلام الحكومي يتصيد الثوار واحدا بعد آخر في محاكماته العسكرية العاجلة الحكم الواجب النفاذ، أما من اغتالوا مصر بدم بارد من أمثال مبارك وزمرته الفاشية فإنهم ينعمون بمحاكمات هزلية معروفة نهايتها من الآن.
فهل يليق بالمصريين أن يتجرعوا كل هذه الخيبات على هذا الـ"مهل"؟ ذلك ما أشرت إليه في صدر مقالي بـ "ما سيكون" ولأن ما كان لا يمكن أن يكون في المستقبل؛ فأراه في عديد الشهداء وغزير الدماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ام الدنيا
محمد يعقوب يوحنا ن ورغ ( 2011 / 10 / 31 - 20:39 )
لا تخشى على الثورة المباركة.فالشعب المصري اصبح شجاعا جدا جدا جدا لا يخاف الموت. وسيعود لا محال لتقديم شهداء آخرين ربما اكثر من الاول في سبيل الحرية الحقيقية و التعددية و حق الاختلاف.اما من يحاول استغلال الثورة و الركوب عليها فالايام كفيلة بهزمه و قد اقتربت نهايته.و مهما قدمت دول الجوار من دعم لهذه الجهات ففي الاخير ستختلف معها.

اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة