الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عفوا نريدها سلمية

عبدالله الدمياطى

2011 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


لا تستهينوا بالثورة السلمية لأنها الكفاح لحقيقي

لعل أهم ما ميز ثورة 25 يناير أنها ثورة سلمية لم تتلون مساراتها بالدم والقتل ولم تسلك في كل مراحلها طريق العنف، لأن صانعيها ومحركي أدواتها أرادوها سلمية بيضاء، تصل إلى أهدافها عبر وسائل التعبير العاقل، الحضاري، والفعل الاحتجاجي الخلاق الذي يحفظ السلم الأهلي، هذا إذا ما استثنينا معركة الجمل في ميدان التحرير، والتي كانت من طرف بعض رموز النظام السابق ضد شباب ميدان التحرير الذين تعاملوا مع كل المواقف بروح المسئولية، ومنطق العقل، والتفكير الجيد.
ثم إن من ميزات هذه الثورة، أنها جاءت مختلفة تماماً عن كل ما تعوده الشارع العربي منذ أن عرف الانقلابات العسكرية وعاش مظاهرها، وأدواتها، والوسائل التي بها يسقط نظام عسكري، فثورة 25 يناير انبثقت من رحم معاناة الناس، ومتاعبهم، ورغيف خبزهم، وأوجاعهم، وقادها مواطنين لا يتطلعوا إلى السلطة والحكم بقدر ما يختزن من أحلام ورؤى في العيش
غير أن الثورة البيضاء بدأت تأخذ منحى خطراً جداً حيث ينادى البعض الان بالثورة المسلحة وهذا يمثل استدعاء وإنتاج النموذج الليبي، أو اليمني وعندها تكون الكارثة التي لن تقوم أو تتعافى منها مصر، ما يحدث الآن في مصر هو حالة عبثية، تستهدف قبل كل شيء الثورة، ومضامين انطلاقتها، وروح أهدافها، ومسارات إنتاجها .
فالثورة المصرية أعلنت من أول يوم أنها ثورة سلمية بمعنى أنها لن تحمل السلاح ولن تتحول إلى ثورة مسلحة ولن تستخدم العنف وهذا هو الركن الاساسى للثورة المصرية بل هو أصلاً من أصولها ويجب ان يكون واضحاً وأن نتفق على تعريفه.
فالسلمية لا تعني الاستسلام. الاستسلام سلوك قبيح لا يلجأ المرء إليه إلا مضطراً وتجنباً لشر كبير وهذا المصطلح قد برز في مطلع التسعينيات، عندما استطاعت الشعوب الأوروبية من تنظيم اعتصامات سلمية للإطاحة بالأنظمة الفاسدة
وللتوضيح وليفهم كل الناس الفرق بين الثورة السلمية والثورة المسلحة يكفي أن أقدم بعض الأمثلة على الثورات المسلحة، وبعد تأملها سنجد أن الثورة المسلحة تتميز بخمس خصائص تجعلنا نفكر ألف مرة قبل اختيارها طريقاً للتغيير
النسبة الأعلى من الثورات المسلحة تنتهي إلى فشل
أكثر الثورات السلمية انتهت في أسابيع أو شهور، أما الثورات المسلحة فمن النادر أن تنتهي قبل مرور سنوات طويلة، ربما عشر سنوات أو أكثر.
محصلة الضحايا في الثورات المسلحة تزداد على الأقل بمقدار خانة واحدة عنها في الثورات السلمية (أي أنها تتضاعف عشرة أضعاف فأكثر)، ودائماً يكون أكثر الضحايا من المدنيين.
ليست الزيادة والمضاعفات هي في أعداد القتلى فقط، بل تشمل جميع أنواع الإصابات، بما فيها أعداد الجرحى والحوادث البشعة كالتعذيب والاغتصاب، وأيضاً الخسائر المادية من نهب وتدمير
أخيراً فإن تسليح الثورة يحولها في أغلب الأحوال إلى حرب أهلية، وذلك لأن انتشار السلاح يشجع على استثمار التناقضات الكامنة من اختلافات عرقية ودينية وطائفية واستقطاب أطرافها لهذا الطرف أو ذاك وهذه امثلة لبعض الثورات
الثورة المسلحة في الجزائر (1992-2002): بدأت بسبب إعلان حالة الطوارئ وإلغاء الانتخابات التشريعية التي فاز فيها الإسلاميون، واستمرت عشر سنوات دون أن تحقق أي نتيجة. الضحايا نحو 200 ألف قتيل.
سيريلانكا (1983-2009): انتهت الثورة قبل نحو سنتين بالقضاء على جبهة نمور التاميل المتمردة وتصفية المتمردين والقضاء على قياداتهم. الضحايا نحو 100 ألف قتيل.
بيافرا (نيجيريا) (1967-1970): كانت ثورة مسلحة هدفها فصل إقليم بيافرا عن نيجيريا في دولة مستقلة، انتهت الثورة بالفشل وعاد الإقليم إلى نيجيريا. الخسائر نحو مليون قتيل.
ثورات مسلحة في كولومبيا (1964 إلى اليوم): لم يتحقق أي حسم بين أيّ من أطراف النزاع حتى اليوم، وغرقت البلاد في حكم العصابات وتجّار المخدرات. الضحايا 200 ألف أو أكثر.
الثورة اليمنية على النظام الملكي (1962-1970): شاركت فيها قوات مصرية، انتهت بسقوط النظام الملكي وولادة الجمهورية العربية اليمينة. الضحايا من الطرفين 126 ألفاً.
ويقول قائل ماذا فعلت ثورتكم السلمية
وهذا الأسلوب وهذه الكلمات نسمعها دائما عندما نسمع خبر مؤلم كأخبار التعذيب والقتل والسجن وأمثالها وهذا الكلام مضلّل لأنه يوحي لنا بأن الثورة المسلحة لا تتسبب في أى قتل وتعذيب .
وللإجابة على هذا سؤال ماذا فعلت ثورتنا السلمية سأقول

أخرجنا إلى شوارع مصر ملايين الشرفاء بكل مكوناته وأطيافه ليطالبوا بحريتهم وكرامتهم غير خائفين من الموت ولا الاعتقالاًت ولا التعذيب
كسرنا حاجز الخوف والخروج من حالة اللامبالاة التي كانت تسيطر على الشعب طيلة السنين السابقة.
أكتساب الشارع المصري لثقة بنفسه وقدرته على التغيير .
قد بدأنا ثورتنا بعدد صغير من المواطنين وانتهينا بأمة كاملة من الثائرين وهذا جعل النظام عاجزاً أمام الملايين الثائرين
حركت ثورتنا ضمير الأمة الإسلامية بل العالم كله حتى صارت الثورة المصرية حديث العالم ورمزا الجميع يحتذي به.
بالثورة السلمية أعطى الشعب المصري تأييدا منقطع النظير من قبل العالم بأكمله
فيا دعاة السلمية ارفعوا رؤوسكم عالياً وتيهوا فخراً على كل ثوار العالم لقد صنعتم بسلميتكم أعظم الثورات وأعجب الثورات في هذا الزمان يا أيها الأحرار ثورتكم السلمية في وجه الاستبداد والطغيان ليست لها سابقة وقد لا تكون لها لاحقة، فلا تعجبوا إن رأيتموها غداً تدرس في اكبر الجامعات العالمية, وسيكتب التاريخ المجلدات عنها لأنها ثورة تفوق كل الثورات وتتميز بنواحي كثيرة وعديدة ورغم عدم اكتمال مطالب الثورة بعد لكن يكفيها فخراً أنها نزعت مهابة الطاغية من قلوب المصريين وأعادت الكرامة للشعوب المقهو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا