الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصبت الهدف ....يا ستالين

البتول الهاشمية

2004 / 12 / 16
الادب والفن


صحيح أن الزعيم الروسي ستالين لم يكن فيلسوفا بحجم نيتشه أو روائيا بمستوى تولستوي العظيم لكن هذا لم يمنعه من قول عبارته التاريخية ....
إن موت شخص واحد قد يصبح تراجيديا ....أما موت الألوف فهي إحصائيات
هذه المقولة التي ظل يستشهد بها صفوة من عالم الفكر و السياسة اعتبرت نظرية متكاملة بحد ذاتها على الأقل من وجهة نظر غوغول كبير مسرحي الاتحاد السوفيتي المنتوف ...
و قد جاء دورنا نحن هذه المرة لنشعر بعنف العبارة و قوتها و معركتنا هذه المرة تدور في حلبات السينما أو الفن السابع كما وردت في التصنيف العالمي للفنون ...و الانطلاقة ستكون من مهرجان الإسماعيلية الأخير الذي كان ملتقى لأفلام عالمية عملاقة و أخرى عربية كان من المفترض أن تكون ندا أو منافسا لو لم تقع الفضيحة التي أدمناها في كل تظاهرة عالمية ...و قبل أن يمل القارئ روتينية المقدمة اسمحوا لنا أن نلج عمق الموضوع و إليكم التفاصيل ...
سيدي الرئيس القائد ...فيلم للمخرج الإماراتي جاد أبي جميل الذي صاب جام خبرته و كل مهاراته التي تعلمها في جعل الفيلم حمام دماء على الطريقة الهوليودية المسماة " اكشن " فلم يشعر بنفسه إلا و يقع في مطبات لا يخطئها الهاوي ...حيث غزل فكرته على أسس ابعد ما تكون عن الواقع عندما شرح لنا في النهاية إن من الحب ما قتل و أعلن ذلك صراحة في وصفه للحب الشعبي المريض للقائد الرمز ... و بدلا من أن يلم السيد جاد بخيوط الحدث بدءا من و واشنطن و انتهاء ببغداد تفرغ لإقناعنا أن صدام استمر بفضل الدعم الجماهيري له لا بسبب القمع و سياسة جز الرؤوس ...ثم يأتي المشهد الأخير لا ليطمس الحقيقة فحسب بل ليخون التاريخ و الحقيقة حيث صور العراقيين آمنين بعد إيقاف المد الصدامي يغنون للحياة و الأمل الجديد ...و قد فاته السؤال الذي لم يجد و احدا من الحضور بكافة شرائحهم الشجاعة أو الفطنة لطرحه ...وهو ..هل توقف الدمار و جفت انهر الدم بعد اعتقال الرئيس العراقي ..
الفيلم الثاني " الصنم " لم يستطع أن يخرج من نفس العباءة و لم يكن بأحسن حالا ...هذا العمل الذي روجت له فضائية العربية بطريقة سخيفة حيث أعلنت أن الفيلم يتضمن مشاهد و صور جديدة عن صدام و كواليسه لم تعرض بعد ..فكان التشويق و التلاعب بالمشاعر هو شعار الحملة الدعائية لدفع المشاهد العربي نحو شباك التذاكر عله يعثر في سعيه المحموم على بدعة جديدة في عالم التعذيب الصدامي الرحب ..
و قد لفت انتباهي مفارقتين عملاقتين ..يأتي في مقدمة الأولى ..إن العرضين المذكورين يعتمدان بصورة رئيسية على مشاهد حية لم يحتاج فيها المخرج إلى استعراض عضلاته و الاستعانة بخبراء في مجال المؤثرات المرئية أو الصوتية على اعتبار أن الرأس المطاح به ليس لكومبارس أو نجم إنما لشخص حقيقي يحمل اسما و عنوان ..و قد طار رأسه بغير أن يدفع له المنتج صدام شيئا و حتى نفهم سر هذه المفارقة علينا أن نعرف إن كل هذه المشاهد إنما هي من أرشيف التلفزيون العراقي الذي كان يبثها فور انتهاء الحدث إن لم نقل مباشرة ضمن نهج الترهيب و الترويع للبقية ..وقتها كان الصمت المذل يغمرنا حتى أخمص قدمينا طيلة سنوات عندما كان صدام آنذاك قطة الولايات المتحدة المدللة ..... و حين مل السيد الأمريكي مواء هرته الذي صار مزعجا وكره تكاليف طعامها ركلها خارجا ...و لم نجد أنفسنا إلا و رمينا كل التفاصيل خلف ظهورنا و اندفعنا ككل الأشقياء الصغار لنرشقها بالحجارة ...
أما عن المفارقة الثانية فهي من النوع المضحك المبكي أو بلغة السيناريو الكوميديا السوداء ..وفيها نخبركم إن مصور فيلم الصنم علي عبد العزيز قد قتل بعد فترة وجيزة من انتهاء العمليات الفنية للفيلم و على يد القوات الأمريكية في بغداد مع أن المخرج نبيل قاسم لم يتعرض في عرضه للمرحلة الأكثر حساسية و الممتدة من حرب إيران إلى بداية الغزو العراقي للكويت و التي شهدت تعتيما إعلاميا حديديا على صدام و صقوره ...
باختصار لا يخلو من تسطيح و أن الفيلمان اللذان عرضا في مهرجان الإسماعيلية الأخير و نالا استحسان الجمهور و النقاد لا يمكن اعتبارهما إلا فروسية متأخرة و إعادة إنتاج للمأساة بغير هدف سوى استجداء الدموع و استعداء المشاعر بدلا من تعبئتها باتجاه الجبهة الصحيحة ...من منطلق أن كثير من مشاهدي العرضين قد و صلوا إلى نتيجة يمكن اختصارها بكلام صديقة لي همست في آذني " لا ...أمريكا ارحم بكثير " إذا هكذا أقيمت المقارنة ..
الأفضل من ينكل اقل بالآخر ..مع أن المفترض أن تكون ...عدو باقي أولى بالجهاد من آخر انقضى ..
لقد اصبح صدام عنوان بارزا للتراجيديا العربية ...مع أن كل يوم يحمل لنا من بلاد الرافدين أخبارا عن قتلى بالأطنان ...غير أنها تبقى إحصائيات ....و عشرة على عشرة يا ستالين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07