الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


«الجدل» قمة الفضائل .. علموا أطفالكم الجدل

نوال السعداوى

2011 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



ثلاث خواطر خطرت لى فى الفترة الأخيرة:

الخاطرة الأولى:

أصبح لقب الإعلامى أو الإعلامية هو اللقب السحرى، الذى يمنح صاحبه الحق فى امتلاك الحقيقة السحرية، واختيار من يملكونها من الشعب أو الحكومة أو المجلس الثورى أو المجلس العسكرى أو غيرهم، يكفى أن يحمل الفتى منهم أو الفتاة، كاميرا، وبضع لمضات ضوئية وكلامية، حتى تقع فى حبه القلوب والعقول.

تدخل إلى أحد البيوت الراقية أو الشعبية «فتاة» من حاملات الكاميرا السحرية، فينتهى الأمر بأن يصبح «الزوج» وجهاً تليفزيونياً أو مرشحاً محتملاً أو عريساً متصابياً، وتصل بالبريد إلى الأم وأولادها ورقة الطلاق.

ويدخل الفتى حاملاً الكاميرا السحرية إلى المجتمع المصرى الراقى والشعبى، فينتهى الأمر بأن يصبح الفتى هو سقراط مصر، وصاحب الرؤية التى لا يراها أحد.

أصبح وجود المرشحين والمرشحات فى الانتخابات أو فى الحقيقة والواقع مرهوناً بإحدى الفتيات أو الفتيان من حاملى الكاميرات، يمكن للكاميرا أن تخلق من العدم مرشحاً محتملاً، ويمكن للكاميرا أن تنقل من الحياة إلى العدم رجلاً أو امرأة.

الخاطرة الثانية:

تقوم الثورات الشعبية فى كل بلاد العالم منذ نشوء ما يسمى «الحكومة» فى التاريخ، تدعى كل حكومة (من أمريكا إلى إسرائيل والهند واليابان وبريطانيا وفرنسا وقطر والسعودية والجميع) أنها ديمقراطية، لكن، الديمقراطية الحقيقية تعنى أن يحكم الشعب نفسه بنفسه بمعنى إلغاء الحكومة، هذه بديهية، لماذا تغيب البديهيات عن عقول الناس فى الشرق والغرب، ويصدقون حكوماتهم حين تعلن عن بدء انتخابات ديمقراطية؟

تبدأ ضجة الانتخابات فى كل بلد بالطريقة نفسها والنتيجة نفسها، حكومة جديدة تتشكل من أحزاب مختلفة أو غير مختلفة، مسيحية ديمقراطية أو إسلامية ديمقراطية أو اشتراكية ديمقراطية أو.. أو، تحمل الحكومات أسماء ديمقراطية سياسية مدنية أو دينية مختلفة، لكنها فى النهاية تقود إلى نتيجة واحدة، وهى استغلال الشعب وتضليله إعلامياً وتعليمياً لصالح القلة الحاكمة.

يقولون إن الديمقراطية الأمريكية أو البريطانية أو الفرنسية هى ديمقراطيات عريقة والانتخابات عندهم حرة، لكن الثورات الشعبية الأخيرة من وول ستريت فى نيويورك إلى سان بول فى لندن إلى باريس (وغيرها من المدن فى هذه البلاد) تؤكد أن الديمقراطية أكذوبة كبيرة من صنع الحكومات الرأسمالية الأبوية العسكرية البوليسية، مثل غيرها من الكلمات البراقة الرنانة مثل السوق الحرة والصحافة الحرة والانتخابات الحرة، وحقوق الإنسان وحقوق النساء وحقوق المهاجرين والفقراء، كلها كلمات براقة خادعة.

لقد قامت مظاهرات الملايين من الناس فى العالم كله حتى داخل أمريكا نفسها، ضد جورج بوش (الأب والابن) اللذين أشعلا الحروب، ونهبا البترول وقتلا الملايين فى العراق، مع ذلك لم يحاكم أحدهما، ولم يدانا، وهما يعيشان فى رغد وهناء وأمن وسلام حتى اليوم.

قتل الشعوب ونهب ثرواتها من العراق إلى فلسطين إلى ليبيا مؤخرا، وغيرها فى كل أنحاء العالم، يتم تحت أسماء خادعة براقة من الديمقراطية إلى حقوق الإنسان إلى حماية الشعب من حاكمه الديكتاتور: القذافى أو صدام حسين أو ياسر عرفات الإرهابى أو عبدالناصر الشيوعى أو بشار الأسد الذى يقتل شعبه أو غيرهم.

رغم أن جورج بوش الأب أو الابن قتلا أضعاف وأضعاف ما قتله أى واحد من هؤلاء الحكام.

الخاطرة الثالثة:

عدد شعوب العالم اليوم سبعة بلايين إنسان، عجزت هذه الشعوب حتى اليوم، رغم الثورات المتكررة والانتفاضات غير المتوقفة، عن تغيير أسس الحكم فى العالم القائمة على الظلم والقهر لصالح القلة الحاكمة.. لماذا؟ فى رأيى أن المشكلة تكمن فى التعليم الأساسى للأطفال والتلاميذ.

يخدم التعليم والإعلام نظام الحكم كما يخدمه البوليس والجيش، يسيطر البوليس والجيش على الأجسام، يضربها أو يحبسها أو ينفيها، أما التعليم والإعلام فيتوليان السيطرة على العقول بمنعها من التفكير النقدى المبدع، وتدريبها منذ الطفولة على الطاعة، خوفاً من نار الآخرة أو عقاب الدنيا الذى تقوم به السلطة فى البيت والمدرسة والدولة.

يصبح النقاش أو الجدل من الشيطان، والطاعة من الإيمان والأخلاق الحميدة، يكبت العقل منذ الطفولة القدرة على التفكير النقدى، خاصة نقد أصحاب السلطة فى الأسرة والدولة والدين، يصبح الجبن أو النفاق سيد الأخلاق، ومصدر الأمان فى الحياة الخاصة والعامة.

لهذا يصبر الشعب فى عمومه (عقودا وقرونا) على الظلم والقهر، نساء ورجالا، وإن تمردت الأقلية من النخبة الواعية وجرت وراءها الأغلبية المقهورة فى ثورة ضد النظام الحاكم، تظل أغلبية العقول خائفة مترددة، وسرعان ما تسيطر عليها الطبقة الحاكمة الجديدة بعد الثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أفكار تستحق التامل
ضياء ( 2011 / 11 / 1 - 06:53 )
سيدتي العزيزة
أن تربية الأطفال ومن ثم الشباب الناشء على التفكير المستقل وليس التبعية الفكرية يجب أن يكون أساسي في مناهج التربية والتعليم وأنا هنا لا أحدد التربية بل أعنيها بشكلها العام الأسري والمجتمعي والمدرسي وأعتقد نحن بعيدون جداً عن هذا المفهوم بل نحن نؤمن بالتبعية الفكرية لأبناءنا فالمسلم يريد أبناءه مسلمين والمسيحي كذلك وهكذا لكل صاحب عقيدة لأنه يجزم بأنها الأصح والأخرين على خطأ؟؟؟؟؟ وبالتالي فالكل يساهم في بناء مجتمع تبعي غير قادر على التفكير المستقل وبالتالي غير قادر على تحري الحقيقة بشكل مجرد
أما الأنتخابات بشكلها الحالي ففيها الكثير من النفاق والضحك على البسطاء وعدم التكافأ في الفرص المتاحة لكل مرشح . ماذا يحصل لو قلبنا الطاولة ودعينا إلى أنتخابات بلا مرشحين وعلى المواطن أن يختار بوعي ومسؤولية من يجده مناسباً !!!!!! لا أن يجري وراء شعارات يطلقها المرشح وهي في أغلبها شعارات ليس ألا؟
ما ذا لو عملنا ذلك؟ موضوع أعتقد يستحق التفكير


2 - تلزمنا الشجاعة
آيا برجاوي ( 2011 / 11 / 1 - 15:48 )
ينقصنا الكثر من الامور كي نواكب الحياة ونقضي على الظلم والقهر..يلزمنا أن نتحلى بشجاعة السؤال والبحث والنقد والجدال وعدم الصمت على كل ما يجري لكي ينتج جيلاً واعيا قادرا على تحمل المسؤولية ويعمل على نسف القهر والظلم من جذوره..

دمتِ رائعة يا عزيزتي.

تحياتي


3 - لا يا سيدتي
قهرمان صلاح ( 2011 / 11 / 2 - 13:25 )
لا اوافقك عندما تضعين جميع الديمقراطيات والحريات الموجودة في البلدان العالم في سلة واحدة ....فيا ليت الإنسان في عالمنا العربي أو بالأحرى الشرقي يملك ربع تلك الديمقراطيات وجزء من تلك الحريات والرفاهيات التي تصفيها بالمزيفة الموجودة في امريكا أو فرنسا أو السويد أو حتى إسرائيل .....فأعتقد أنك أيضاً تمارسين نفس اسلوب صاحب الكاميرا وتسلطين بقلمك على عويرات الغرب لتجعليننا في نفس الدرجة ..... فهناك فرق كبير بين عويرة وبين عورة ..... لا يا سيدتي الرائعة ما هكذا تورد الإبل ....وما هكذا يكون دور المفكر ....فكلنا نعلم أن لكل شئ درجات ولا يوجد شئ مطلق في هذه الحياة ولذا اتمنى تكوني عادلة في طروحاتك أو بالأحرى عندما نصل إلى مستوى الغرب في حرياتهم وديمقراطياتهم المزيفة عندها تستطيعين أن تضعينا في سلة واحدة .....!
لك عظيم تقديري


4 - نعم الجدل والنقد والشك هي الفضائل
فؤاد محمد ( 2011 / 11 / 2 - 13:32 )
الرفيقة المناضلة نوال تحية
هي اسس التربيه الحديثه الثوريه
اعانقكم


5 - سلاح ذو حدين
عبد الله اغونان ( 2011 / 11 / 3 - 03:10 )
وكان الانسان اكثر شيئ جدلا
المشكلة اننا لانفعل شيئا سوى الجدل منذ عهد الاشاعرة والمعتزلة.في حين المطلوب هو العمل.كان الامام مالك رضي الله عنه يقول لمن يسال عن ايات الشبهات لااحب الكلام الا في ما تحته عمل.طول حياتك وانت تجادلين وتكتبين
وتناقشين بحدة ونادرا ما تجدين من يقتنع بافكارك.بينما من تعتبرينهم خصوم افكارك يعملون ولهم تاثير ملموس.هل فكرت في انشاء حزب او حتى جمعية
لم لم تفكري في الترشح للرئاسة.رشحوك لجائزة نوبل فنالتها مناضلة يمنية
محجبة.النضال ليس محاضرات جامعية ومقالات في صحف ومواقع ولاكتابة روايات .النضال هو النزول الى الجماهير والانصات لنبضها واحترام هويتها
فليس بالخبز وحده ييى الانسان
الجدل سلاح ذوحدين يمكن لكل ان يستعمله.لكن المطلوب اولا التاكد من محتوى
الرسالة ومدى التعاطف معها ا


6 - مبروك الجائزة
نعينع عبدالقادر محمد ( 2011 / 11 / 8 - 18:31 )
مبروك جائزة امرأة سنة 2011 الحقيقة انك تستحقينها وقد جاءت متأخرة لأنك تستحقينها ويشهد بذالك القراء من زمان ومن دولتك قبل غيرها من الدول العالمية لكن استعمار الاخوان المسلمين لمصر الحضارة وتحجيب وتنقيب ولحي وتجارة بالدين والسرقة باسم الدين والقتل باسم الدين والطاعة العمياء باسم الدين وطاعة ولي الامر ولو كان فاسقا باسم الدين فهم يحللون ويحرمون ويدخلون الجنة من يشاؤون ويمنعونها عمن يشاؤون وفي عنصريتهم هم أمقت من اليهود والعالم اليوم يكرههم أكثر مما كان يكره اليهود ولهذا السبب العالم كله يساند اسرائيل فهم يساعدون اسرائيل أكثر من غيرهم.المهم هذا الجيل بدأ الثورة وسيتعثر قليلا لكن الجيل القادم سيبيدهم ولن تقوم لهم قائمة وسيحصل كل ذي كفاءة على ما يستحقه من دولته قبل دول أخرى.انت عبقرية ومجتهدة وتستحقين الجائزة ومبروك لمصر بجائزتك الآتية من الخارج فانت شرفت مصر ولم يشرفك اهل مصر.كتاباتك ستخلدك في التاريخ وافعالهم سترميهم في مزبلة التاريخ ...باي... -

اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس