الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عراق جديد ومعارضة

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2004 / 12 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


من المسلمات في العمل السياسي على مر التأريخ أن أي نظام يتبنى التعددية والديمقراطية، لن يتطور أو يسلم من الوقوع في فخ الدكتاتورية ومنزلقه الخطير،من دون وجود معارضة تعمل على التقويم وتفرمل للنظام خطواته.

وفي العراق الجديد أعتقد أنه من الضروري جدا أن یتم تأسیس معارضة قوية شريفة للحكومات التي تتعاقب، ومن شأن ذلك أن يدعم الماضين في العملية السياسية ، وعلينا أن نتذكر أن نظام صدام كان يرفض الاعتراف بمعارضة الى أن حلت محله في الحكم، وهل يعقل أن يصبح العراق الحيوي بالفعاليات السياسية، خاليا من معارضة سياسية تتشكل من أؤلئك الذين كانوا في صف المعارضة للنظام السابق، ورفضوا الحرب على العراق ولم يتعاونوا مع المحتل (لأنه لامعنى لمعارضة ..موافقة)، ولم تتلطخ أياديهم بالقتل والتخريب تحت مسميات المقاومة، ولم يشاركوا في القتل العشوائي والتحريض عليه ولو بكلمة، ويؤمنون بالتعددية والعلاقات الاقليمية والدولية على أساس مصالح العراق العليا.

إنني أؤمن بتعديل وتحسين أداء الحكومات التي ستتعاقب على حكم العراق الجديد ، وعلى هذه الحكومات أن ترحب بالمعارضة، بل وتساعد على إيجادها.

ولقد أدرك (عبد الرحمن الكواكبي) هذه النقطة قبل ثمانين عاماً، وسجلها في كتابه القيم (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) ورأى أن الحل لا يكمن في تغيير الحكومات بل دعا إلى المحافظة عليها مع تعديلها الذي سيكون آليا مع نمو المعارضة.

وعلينا أن نستحضر حكم الامام علي عليه السلام وأداءه السياسي مع الخوارج، وكيف أنه سمح لمعارضيه ومناوئيه من الخوارج أن ينصبوا أمام باب منزله منبرا يعتلونه كل يوم للطعن فيه وسبّه، ولا يمنعهم - رغم محاربتهم إياه في النهروان– فيء الله من بيت المال، ولا يحرّم عليهم ارتياد المساجد، مع ما هم فيه من الكفر والمروق والقسوة والغلظة، وهو لا يكمم أفواه الرأي الآخر، ولا يصادر الحريات، ولا يسلب الحقوق!

وأما عن التعامل مع المعارضة فلنا ايضا في الامام علي (ع) المثل الأعلى واليكم هذه الرواية الصحيحة عن الصادق عليه السلام: (لما عزم أمير المؤمنين(ع) على صد معاوية ورده والمسير إلى صفين، خطب خطبة حرّض فيها الناس على الجهاد، فقال صلوات الله عليه: سيروا إلى أعداء الله، سيروا إلى أعداء القرآن والسنن، سيروا إلى بقية الأحزاب وقتلة المهاجرين والأنصار. فعارضه رجل من بني فزارة، ووطأه الناس بأرجلهم، وضربوه بنعالهم حتى مات. فودّاه أمير المؤمنين(ع) من بيت المال. ويظهر من هذا الحديث أن الرجل كان قد خاشن الكلام مع أمير المؤمنين(ع)، ومع ذلك اعتبره الإمام قتيل بيت المال، فدفع ديته من بيت المال! أين توجد مثل هذه الحرية في الكلام والرأي والتعبير إلا في الإسلام؟ أمير المؤمنين يدعو الناس إلى حرب عدو الله وعدو رسوله معاوية بن أبي سفيان، فيعارضه الرجل ويقتله الناس، ومع ذلك يدفع أمير المؤمنين(ع) ديته إلى ورثته!

لقد ولدت المعارضة مع اول شعار رفعه الاسلام على جبل الصفا وبين اندية قريش «لا اله الا الله»، انّه رفض ومعارضة لكل باطل وزيف وظلم وطغيان.

حتى الحكومة الاسلامية تدفع الامة إلى المعارضة ومحاسبة الحاكم، قال الامام علي (ع): «فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند اهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل لي ولا التماس اعظام لنفسي، فانه من استثقل الحق ان يقال له أو العدل أو يعرض عليه كان العمل بهما اثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل، فاني لست بفوق أو اخطىء ولا آمن ذلك من فعلي الا ان يكفي الله من نفسي ما هو املك به مني".

والمهم ايضا حتى إذا كان للمعارضين رأي خاطئ فان إعادة التأهيل تقع على عاتق الحكومة العادلة فتقوم الحكومة بتثقيف المعارضة التي اعترضت عن شبهة وتطلق سراحها داخل المجتمع مع مراقبتها خشية ان تقوم باعمال مخلة بالامن، كما عامل الامام علي (ع) الخوارج «بألا يمنعهم عن مساجد الله ليذكروا فيها اسم الله، ولا يبدؤهم بقتال، ولا يمنعهم الفيء مادامت ايديهم معه.

وروي انّه بينما كان الامام علي على المنبر اذ جاء رجل فقال: لا حكم الا الله، ثم قام آخر فقال: لا حكم الا لله،ثم قاموا من نواحي المسجد يحكّمون الله، فأشار عليهم بيده اجلسوا، نعم لاحكم الاّ لله، كلمة حق يبتغى بها باطل، حكم الله ينتظر فيكم، الا ان لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله ان يذكر فيها اسمه، ولا نمنعكم فيئاً ما كانت ايديكم مع ايدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلوا،".



وما من كاتب الا سيفنى ويبقى الدهر ماكتبت يداه

فلا تكتب بكفك غير شئ يسرك في القيامه ان تراه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممر رملي قد يدهشك وجوده.. شاهد كيف عبَر إماراتي من جزيرة إلى


.. حزب الله يعلن استهداف موقع السماقة الإسرائيلي في تلال كفر شو




.. لماذا تضخ الشركات مليارات على الذكاء الاصطناعي؟! | #الصباح


.. حكومة نتنياهو تستعد لتطبيق فكرة حكم العشائر خاصة في شمال غزة




.. هل يمكن للأجداد تربية الأحفاد؟ | #الصباح