الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن المصريين في الخارج و.. تصويتهم

محمد عليم

2011 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أكثر من عشرين عاما ساقتني الأقدار إلى القنصلية المصرية في الكويت بداعي تجديد جواز سفري، والكويت من الدول الخليجية الرائدة في انتهاج سياسة عمرانية متميزة، سواء في تقسيم شوارعها أو أحيائها أو شواطئها، وكانت القنصلية المصرية في أحد أهم الأحياء السكنية الراقية بالكويت، ولأن كل شيء حول القنصلية كان ينضح بالأناقة العمرانية؛ كان الشعور الأول صادما عندما هبطت إلى سرداب مظلم تم تخصيصه للمراجعين من أمثالي، أغرب ما لفت نظري هو القذارة البادية على المكان بدءا من الجدران ومرورا بالـ "زبالة" المترامية في الأركان وانتهاء بأكثر من ثلثي مصابيح السقف المهشمة أو المحترقة.
اتخذت مكاني في آخر الصف، ثم تبعني آخرون في انتظار فتح شباك الموظف المختص، انتبه الجميع على صوت عنيف للشباك المرتقب وأطل علينا موظف كريه المنظر، تجمعت في ملامحه البغيضة كل معاني الغطرسة والاشمئزاز والاستعداد التام لإهانة الجميع، شملنا بنظرة خاطفة كأنه ينظر إلى اللاشيء طالبا منا الاستقامة في الوقوف وعدم الكلام وتجهيز الأوراق المطلوبة، لم يسلم من سلاطة لسانه كل من تقدم بأوراقه إليه، فكرت أكثر من مرة في الانقضاض عليه وضربه دون كلمة واحدة ولكنني كنت أتراجع في كل مرة، يقف أمامي في الطابور رجل صعيدي في منتصف العمر يعمل ضمن طائفة المعمار، شرفاء مصر الذين أسهموا في إبداع المشهد المعماري الكويتي، لمحت ارتباكه يتصاعد كلما اقترب من الشباك، عندما وصل انهال عليه هذا الموظف بأقذع الكلمات بسبب نقص بعض الأوراق، ما أغاظني أكثر هو صمت هذا العامل المسكين أمام سطوة ذلك المتجبر، كنت قد استنفذت كل رباطة جأشي، جذبت الرجل الصعيدي من كتفه بعنف وأنا أقول له: ألم تسمع ذلك الحقير؟ كيف تقبل الإهانة وأنت صعيدي حر؟ لم أمنح الجميع فرصة للرد أو التعقيب بعد أن ازداد صراخي على الموظف الكريه الذي تجمد في مكانه، أكثر من خمس دقائق وأنه أوجه له أقسى الكلمات، كانت القنصلية بكاملها في حالة صمت تام، خرج رجل رزين من الداخل واحتواني بسرعة كبيرة ونجح في إخراجي من القاعة إلى الدور العلوي، سألني هل أهانك الموظف؟ أخبرته عن كل شيء ، سألني عن حاجتي من القنصليه ثم أخذ أوراقي وجوازي القديم وأخبرني أن أحضر في نهاية الفترة الصباحية لأستلم الجواز الجديد المفترض أن أستلمه بعد يوم أو يومين.
وبعد الاعتذار عن الاسترسال في واقعة شخصية أقول: جلهم كانوا هذا الموظف المتغطرس السليط، وكلنا كنا هذا الصعيدي الصامت ، اعتادوا ذلك واعتدناه نحن أيضا كذلك، وبين الحالين تبدلت المفاهيم والقواعد والأسس ومن ثم التداعيات، فلم تكن القنصليات المصرية في كل الدنيا حسب ما نشر مؤخرا بحال أفضل مما حكيته، وبدلا من أن تكون السفارات والقنصليات في الخارج مراكز دبلوماسية مهمتها الأولى قضاء مصالح المصريين والمحافظة على حقوقهم، تحولت هذه المراكز الدبلوماسية إلى مراكز جباية وإهانة، وما المزابل التي كانت فيها إلا وجها آخر من القاهرة القبيحة في عهد مبارك، فإذا كان هذا حالهم وتلك نظرتهم فكيف يظن أحد أن يفكر أي منهم في قيمة أصواتنا في تقرير مصير مصر المتعثر أو المعثر؟
لقد أخذوا من مصريي الخارج كل شيء: الضرائب وعمولات التحويل، وسمسرة المواني الجوية والبحرية، والحدود البرية ولم يعطوهم شيئا أو يسهلوا أعمالهم إذا فكر أحدهم في الاستثمار في بالداخل، وأكثر من ذلك اعتبروهم كائنات هامشية في جسم الوطن المسلوب، فأصبحنا مواطنين ناقصي المواطنة أو الأهلية.
إنهم يعلمون تماما أن مصريي الخارج هم أكثر الفئات المصرية خطرا عليهم فيما يخص الوعي السياسي في سعة التجربة ونضج الرؤية، ولأن مصريي الخارج يزيدون عن سبعة ملايين صوت انتخابي فإن هذا العدد كفيل بإفشال أي حالة تزوير محتملة أو توجيه المسيرة السياسية بمصر إلى وجهة غير التي يريدونها ، لهذا وغيره فإنهم لن يسلموا بسهولة بحق المصريين في الخارج في التصويت إلا إذا اغتصب هذا الحق منهم اغتصابا من خلال جماعات الضغط في الداخل والخارج، وهو ما يجري الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صوت لا تصويت .... يا سادة
جمال اسماعيل ( 2011 / 11 / 1 - 22:55 )
د. محمد
بعد التحية
نحن لا نريد حق التصويت سيدي الفاضل فهذا حق طبيعي والحرمان منه دستوريا ، هو حرمان من مباشرة الحقوق السياسية والمدنية ، ولا توجد في القوانين او الدستور او تشريع مصري ما يحرم المواطن من حقوقه الطبيعية او المكتسبة لكونه موجود خارج ارض مصر .
نحن نطالب بان يكون لنا صوت داخل مصر ، صوت في مجلس الشعب ، ممثلين لنا كيف كنا واين كنا ، يتكلمون او يعبرون عنا وعن مشاكلنا وهمومنا ومتاعبنا ، عن طموحاتنا واحلامنا وافكارنا ، عن رغبتنا القوية في بناء بلدنا بيت العز ، بايدينا لا بحديد عز .

اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-