الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين السياسة والعبث

سعدون عبدالامير جابر

2011 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ربما تعارف الكثير من الناس ان هناك فوارقا بين السياسة والعبث , رغم انهم ذاقوا الويل بين يدي العابث والسياسي على حد سواء , وأدعي ان المسافة بين السياسة والعبث تكاد تكون معدومة في أغلب سوح الصراع السياسي التي شهدها تاريخ الناطقين بالعربية , ويصطلح في احيان كثيرة على كل انواع الحراك السياسي على انه صراع ارادات تتمحور عادة حول مكاسب اقتصادية او جغرافية او هي في سياق فرض الخيارات أو الهيمنة أوتحقيق رغبات او نزعات تاريخية من نوع ما عبر لَيْ الأذرع وصولا الى السقوط في مستنقع استخدام القوة والذي يعتبر مما لاشك فيه من أولى علامات فشل السياسي, لينتقل هو من سياسي الى عسكري فيمنح نفسه صلاحيات استحصال الحق فيحل محل الجميع فيكون العسكري والقائد العام والاقتصادي والتعليمي والامني والزراعي والمربي ومحافظ البنك المركزي وحتى مدير المجاري .
ومفترض سياسيا ومنذ الأزل ان القيادة هي مسؤولية يتحملها من تدفع بهم الامم والجماعات لتمثيل ارادتها , فهو مفوض عنها بتحقيق مصالحها ودفع الضرر عنها دون تحميلها ثمنا باهضا لذلك, وهذا ما تتوقعه الامة من ساستها وحسب ما يتمتعون به من مواهب وقابليات أهلتْهم أصلاً لنيلِ ثقتها , وبعكسه يكون أي من الحالمين بالسلطة حريٌ بها , كما حملت الثورات والانقلابات والمؤامرات والاحتلالات من عابثين سلطتهم المقادير على رقاب الملايين يتلاعبون بمقدراتها ويتحكمون بمستقبل أجيالها .
لذا عانت الامم الأمرّين وخاضت حروبا خارجية ومجازر داخلية دامية ومرت بمخاضات سياسية إجتماعية وفكرية عسيرة حتى انتجت دساتيرها العرفية منها والمكتوبة من اجل ضامن لأرساء قيم التداول السلمي للسلطة عبر وسائل ديموقراطية بعيدا عن شبح الاستبداد والتفرد ولتضمن عبر ذلك عوامل أمنها وتقدمها , ربما ان العالم من حولنا يشهد تقدما على هذا الصعيد ولكنه بالوقت نفسه حافل بصور مخيبة للأمال , وما مشاهد نهاية القذافي الا دليلا على اننا مازلنا لانحتكم الى وعينا بل الى ما نندفع اليه دفعا , ويحاول ان يوصلنا اليه اليوم الواقع الذي تفرضه على سبيل المثال القوى التي تحاول عبثا ابعاد شبح التغيير بعيدا عنها عبر محاولة انتشال علي عبدالله صالح او تخريج الاوضاع عبر سيناريو بايقاع سعودي خليجي .
ان ماشهده الماضي القريب ليس سوى ما حصدته المنطقة نتيجة تعسف ورعونة ساستها وتفردهم وتجرؤهم على اتخاذ قرارات المصير بعيدا عن ارادة الامة ,وها نحن بعد مرور كل هذا الزمن وكل هذه الاثمان الفادحة ,لانجني من اسرار قوة مايدعيه الحاكم على مدى سنين طويلة ما لا يمكن مقارنته بما ندفعه في لحظة مجنونة يضعنا هو فيها . والشواهد كثيرة , وربما من الطريف ان نذكر ان الحرب العالمية التي نشبت نتيجة رصاصة اطلقها طالب صربي على ولي عهد النمسا حينذاك, فكانت هذه الرصاصة كالسهم الذي اطلقه احد غلمان بني تغلب على ناقة البسوس ليدخل الزمن في نفق داحس والغبراء المظلم والذي لم نخرج منه الى الان . ولو اخذنا الفارق الزمني الطويل بين الحادثتين, وطابعي البداوة والحضارة المختلفين بهذا الشأن , لوجدنا ان طبيعة تعامل الساسة مع الحدث كان عاملا اساسيا فيه , من حيث المقدمات والنتائج والتداعيات عبر التاريخ .لا أدعو للركون الى الضعف والمهادنة والمجاملة على حساب دماء الناس ومستقبل الأجيال بقدر ما ادعو الى اعتماد ضابط ما وعدم الحياد عنه , وقد يكون الدستور رغم ألغامه وخوافيه .
كما ادعو بنفس الوقت للحكمة والكياسة في استخدام وسائل السياسة , وما تنطوي عليه مما هو أشد فتكا من أي سلاح في هذا العصر.
ويبقى السؤال كم من العابثسن كلفوا شعوبهم دهورا من التراجع والتردي ؟ وها عي تنوء بحمله الى الان وقد لايتنهي ما تعانيه في المستقبل القريب . ويجرنا السؤال ...
من هو السياسي ومن هو العابث في العراق ..؟ وهل هناك مسافة وعي بين السياسة والعبث كتلك التي بين الهدم والبناء .؟
وهل يدور في خلد السياسي ان يسأل نفسه في لحظة صفاء هذا السؤال ..؟ فإذا قلنا ان السياسي هو من يجب ان يعطي وان العابث هو الذي يأخذ .. فماذا لو فاجأتنا الحقيقة بجواب مقلوب ؟ فهل الخالدون الا الذين أعطوا .. ...؟ وهل الذين أخذوا الا في مزابل التاريخ ....؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل