الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يقرأ .. لماذا نكتب؟

سعد تركي

2011 / 11 / 2
الصحافة والاعلام


يبدو أن الزمن الذي كان فيه المثقف قادراً على التأثير في من حوله هو زمن عتيق، غابر، اندثر، أو قاب قوسين من الاضمحلال التام.. لم تعد هناك قصيدة بمقدورها إسقاط وزارة ما، برغم أن وطن الشعر لم يتوقف يوما عن إنجاب الشعراء، ولا تستطيع الأعمدة الصحفية والمقالات والتحليلات والتحقيقات الصحفية النجاح في إلفات نظر المسؤول أو تنبيه القارئ بالرغم من كثرتها وتناولها المواضيع نفسها بتكرار ممل أحيانا!
أذكر في بداية العام 2007 وكان البلد حينها في ذروة العنف الطائفي، تم استهداف دورية أمريكية بالقرب من الصحيفة التي أعمل فيها. وكما هو معتاد في مثل هذه الظروف تم تطويق المكان وتفتيش البنايات القريبة، وحين عرف ضابط الدورية أن هذه البناية لصحيفة، وبعد أن تأكد من عدم وجود شيء مثير للريبة، سأل إن كانت الصحيفة تطبع يومياً أكثر من سبعة ملايين نسخة، سؤال كنا نعلم جميعا أن إجابته فضيحة هائلة، فصحيفتنا لا تطبع أكثر من 2500 نسخة يعود نصفها (مرتجعاً) ويباع الباقي أربعا أو خمسا أو ستا بـ(ربع)!!
الشعراء والأدباء ليسوا بأفضل حالا من الصحفيين، فنتاجاتهم لا يقرؤها إلا زملاؤهم وأقرانهم وحلقة ضيقة تتضاءل يوماً في إثر يوم من المحبين للأدب، بحيث أن كتبا عن الطبخ والتنجيم تكون أكثر مبيعاً من دواوين الشعر والروايات والمجاميع القصصية وكتب النقد!!
وطن الشعر فقد جناحا مهما من جناحيه، فهو وإن لم يتوقف عن إنجاب المبدعين، فقد انحسر عديد المتلقين الذين لم يعد تستهويهم سوى الدارميات ومسجات الموبايل التي صارت مطبوعاتها تتصدر مكتباتنا على قلتها وندرتها، وكما أن المطابع لم تعد تحتفي بطبع دواوين الشعراء فإن الفضائيات تجاهلتهم أو كادت، مقابل حرصها الشديد على ساعات من الدارمي والأبوذيات وقصائد الشعر الشعبي!!
غالبا ما أتأبط صحيفة أو بضع صحف بحكم عملي، وحين يستعير أحدهم مني الصحيفة يعيدها بعد دقائق مع (ما بيهه شي) فأسأله عم تبحث فيها ليكون جوابه متعلقاً بخبر عن زيادة رواتب أو إطلاق سلفة أو توزيع قطع أراض.. أيّ صحيفة ليس فيها خبر كهذا عليها ألا تأمل أبدا نفاد نسخها الشحيحة أصلاً!!
لدينا شعراء وأدباء قادرون على تغيير العالم إلى الأجمل والأبهى، لكن نتاجاتهم الثرّة بين أن تكون مشاريع تبحث عمن يجازف بطبعها، أو أنها تنام على رفوف المكتبات يعلوها الغبار.. لدينا عشرات ـ أو مئات ـ الصحف وآلاف الصحفيين الذين لا يعرفهم ولا يقرؤهم أحد. فلماذا لا يمشي خلف جنازة أحدنا قارئ أو متلق.. والأهم الأهم لماذا يبحث رصاص الكواتم عن أجسادنا فلا يخطئها أبدا؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيليان مبابي يودع باريس • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ويليام بيرنز.. من مبعوث إلى لاعب رئيسي في ملف مفاوضات غزة




.. حرب السودان.. لماذا يستميت الخصمان للسيطرة على الفاشر؟


.. تهدد شبكات الطاقة و-GPS-.. أقوى عاصفة شمسية منذ عقدين تضرب ا




.. مراسلة الجزيرة: صفارات الإنذار تدوي في مدينة عسقلان ومحيطها