الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في هذا المكان كان الجندي شاليت محتجزاً

محمد داود

2011 / 11 / 2
القضية الفلسطينية


في هذا المكان كان الجندي شاليت محتجزاً
كتب محمد داود
هنا أحتجز الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت والذي أسرته فصائل المقاومة الفلسطينية استجابة لوفاء الأحرار بفك القيود وتحطيم أبواب الزنازين وانقشاع عتمة الظلام نحو شمس الحرية... هنا في قطاع غزة ذو المساحة الضيقة والمحاط بالأسلاك الشائكة وأجهزة الرقابة الصهيونية طوال خمسة أعوام، أحتجز شاليت وفشلت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من استعادته بعد أن استنفذت كافة الوسائل والإمكانات الهائلة لديها، بدأته بالعمل العسكري وارتكاب المحارق والاعتقال بحق المدنيين الفلسطينيين وتدمير بنيته التحتية كوسيلة ضغط، ولجأت إلى الأسلوب الإستخباراتي والأمني والرصد، وعرضت مبالغ مالية طائلة ومغرية تلقاها المواطنين الفلسطينيين على هواتفهم "الجوال" أكثر من مرة أو عبر المنشورات التي ألقتها الطائرات الإسرائيلية، وتارة أخرى وجدت أسلوب الحرب النفسية والشائعات وسيلة ضغط، ثم نهاية المطاف النشاط الدبلوماسي عبر وسطاء مصريين وألمان وأتراك لإطلاق سراح الجندي شاليت.
اليوم أنجزت صفة وفاء الأحرار وتنسم مناضلينا الأبطال طعم الحرية بعد أعوام طويلة قضوها خلف القضبان والأسلاك الشائكة، عاشوا مع العتمة سنوات طوال ونهشت كل خلايا جسدهم برودة الجدران ولكن القلب بقي دافئاً عامراً ينبض بحب الوطن والقضية والشعب، فخرجوا اليوم وهم أكثر صلابة وعنفوان وإصرارا بأن يواصلوا مسيرة العطاء والتضحية رغم التهديدات الصهيونية بتصفيتهم جسدياً. لكن بقي السؤال الذي يشغل أذهان الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ويقض مضاجع زعمائها بأن تستمر الجهود لمعرفة المكان والمجموعة التي احتفظت بالجندي شاليت. حتى اللحظات الأخيرة من مراحل تسليمه، إذ كثفت طائرات الاستطلاع من طلعاتها والمراقبة الإلكترونية والبشرية في محاولة يائسة أن ترصد تحركات مشبوهة أو تعثر على طرف خيط أو معلومة تفيد بمكان الاحتجاز، فالملف لم ينطوي بعد، حتى يفتك أسرار هذا اللغز المهين للأمن الإسرائيلي في بقعة جغرافية صغيرة ومزدحمة، هي ساقطة أمنياً وجغرافيا، فقد زعموا بأن شاليت سجن في مكان جنوب قطاع غزة ثم قالت أن المكان مكتظاً وتحت الأرض، ومحاصر بالقنابل، أو كما أفاد به شاليت للمحققين الإسرائيليين بعد.
الفصائل قامت بخدعة مميز للتمويه لحظة الإفراج عن شاليت وتسليمه، مما وضع الأجهزة الأمنية والمحللين الإسرائيليين في حالة من التيه والتشكيك والظن، فشاهدوا في كل ركن من قطاع غزة يختبئ فيه شاليت، ثم زعموا أنه سلم عبر الأنفاق للجانب المصري وأخذت وسائل الإعلام العبرية تدلو بدلوها في هذا الشأن.
الفلسطينيون من جهتهم بدئوا يحتفلون بكافة أطيافهم بالعرس الوطني الكبير بعد نجاح الفصائل الفلسطينية المقاومة في معركتها الأمنية والعقلية وإرغام العدو الإسرائيلي للخضوع لشروط الفصائل الفلسطينية من صفقة وفاء الأحرار مقابل تحرير 1027 أسيرا وأسيرة مناضلة من سجون الاحتلال، من مجموع ما يقارب ستة الآف أسير يرزحون في السجون الصهيونية، ليتنسموا عبق الحرية بعد أن سطروا أدب المقاومة والفداء بصمودهم وعطاءهم النوعي خارج وداخل السجون متحدين سياسته القمعية والتعسفية، لاسيما بحق الأسيرات والأطفال القاصرين متجاوزة كل المحرمات وتبقيهم في سجونها، وتشن عليهم حربا ممنهجة ومقصودة وتسلب حقوقهم وإنسانيتهم، بإتباعها أساليب وحشية بشعة من تعذيب ومساومة وعمليات ردع وانتقام وتحقير في زنازينها بالعزل الانفرادي والحرمان بما يتنافى وحقوق الطفل والأسيرة والإنسان والسجين، يمارس بحقهم كل وسائل القهر والتعذيب والقسوة والتنكيل بعيداً عن أية رقابة دولية لما يجري من انتهاكات في غرف التحقيق والزنازين.
يحاول الاحتلال جاهداً إفساد فرحة شعبنا بتحرير الأسرى بالتصعيد العسكري المقصود، في محاولة للتراجع عن صفقة وفاء الأحرار. لأن قضية الأسرى هي محور هام في صياغة وتشكيل ملامح المستقبل الفلسطيني، إذ أرسوا محطات التوقف والانطلاق، وهم من صنعوا الغد المشرق والحلم الوطني بكفاحهم، وجسدوا ملاحم الوحدة الوطنية الفلسطينية، وسطروا بجراحهم البطولات في التأكيد على محور الصراع ومشروعية النضال الفلسطيني وعدالة قضيتنا بزوال الاحتلال .. والعيش بكرامة وعزة. وانطلاقا من هذا الدور الجليل فإن للحركة الأسيرة الدور الرئيس والمباشر في تحديد ملامح الحرية والاستقلال... فحرية الوطن هي من حريتكم وحرية الوطن لن تكتمل إلا بتبييض السجون، فالمسيرة مستمرة والخلاص من الاحتلال لم ينتهي إلا بالإفراج الكامل عن جميع الأسرى الذين شكلوا طليعة واعتزاز هذا الشعب المناضل، وهو حقنا جميعاً باعتبارها القضية المركزية وأحد الثوابت الوطنية.
الحرية لأسرانا البواسل الصامدين خلف القضبان الصهيونية
كاتب وباحث








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم