الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية(الهجرة الى السعدون) هجرة الى العمق العراقي

عبد الحسن حسين يوسف

2011 / 11 / 2
الادب والفن



خمس ساعات من القراءة المتواصلة اعادتني خمس وثلاثين سنة الى الوراء بهمومها والامها .خمس ساعات من القراءة الحزينة عشتها مع رواية الصديق العزيز موفق الشديدي (الهجرة الى السعدون )مكان الرواية هو المنطقة المحصورة بين شارع ابو نؤاس وشارع السعدون ومنطقة البتاويين يتوسط هذهِ المنطقة المقهى الموجود في بداية اول فرع يربط بين ابي نؤاس وشارع السعدون من جهة الباب الشرقي هذا المقهى موجود فعلاً ولديه اسماء مختلفة اسماه كاتب الرواية مقهى (سارتر).له تسميات اخرى منها مقهى(المعقدين)وبعض الضرفاء اسموه مقهى(الاممية الثانية )لخليط جلاسه وافكارهم المختلفة ولكن اليسارية .تخيلت وانا اقرء الرواية اني جالس فعلاً في المقهى مع اصدقاء ورفاق منهم من رحل الى الابد ومنهم من افترقت بهم السبل ينطبق عليهم قول الشاعر ناظم حكمت(اما الرفاق فمنهم من خان ومنهم من مات ومنهم من لا يزال يواصل القضية )الكاتب موفق الشديدي ترجم بيت ناظم حكمت في هذهِ الروايه.احداث الرواية تدور في سبعينيات القرن الماضي بطلها شيوعي ملتزم (مهند)ورغم انه وافد من محافظة اخرى وليس له جذور في بغداد واحتضنه اناس ليس لديهم ميول شيوعية وحتى غير سياسيين منهم عامل مقهى(سارتر) اسماعيل وبائع السمك في شارع ابو نؤاس (حميد دجله) ربما اراد كاتب الروايه ان يقول ان الشعب هو المحيط الذي يعيش فيه الشيوعي لم يخبر عنه احد منهم ولم تستطع قوى الامن البعثي ان تحولهم الى مخبرين .عاش مهند فتره الجبهه(فترة تحالف الشيوعيين ل.م مع البعثيين )عاطلاً عن العمل رغم اكماله الجامعه .عرض عليه حزب السلطة العمل في صحافتهِ مقابل وضع مادي مريح لم يخضع لهم وفضل الكتابة مجاناً للحزب الشيوعي .حول غرفته المؤجره في عمارة مهجورة الى مقر للاجتماعات الحزبية رغم خطورة العمل في الايام الاخيرة للجبهه.ضل مهند ينتقل من مكان الى اخر جميعها لا تتناسب مع دراسته وتحصيله العلمي .ولم يقبل مساعده من احد رغم الحاجة لها .وضع في مفترق الطرق اما العمل في النشاط الوطني وهوتنظيم خلقه البعثيين للشيوعيين الساقطين او الموت اختار الموت على السقوط لقد وجه له اكثر من انذار من امن السلطة لم يساوم انتهت حياته بطلقات جبانة وهو في نصف السلم الموصل الى قمة جسر الجمهورية .
ربما اراد الكاتب ان يقول ان العمل الثوري في صعود والبعث اراد ايقافه وقد استطاع ذالك بمعاونة السلوك اليميني للقيادات الشيوعية منتصف سلم الجسر الجهموري وهو نصف الصعود الثوري .الكاتب اراد ان يقول ان جبهة الحزب الشيوعي مع البعث هو تحالف خاطئ وان الحزب الشيوعي مسؤول عنه كما ان الطريق(الارأسمالي ) الذي بشر بهِ الاتحاد السوفيتي هو الطريق الذي اوصلنا الى هذا المستنقع .البطل يتهكم على هذا الطريق الى الحد الذي يجبرك على الابتسام رغم تراكم الاحزان .الكاتب وبلسان بطله اراد ان يقول ان الذي اعدم وشرد وتحمل الجوع هم قواعد الشيوعيين والجماهير التي تحتضنهم ودافعت عنهم .اما قيادات الحزب فلم تقل شيئاً عنهم ربما يريد ان يقول انهم لم يتعرضو لأي شيئ . لقد غادرو العراق دون مضايقات ولم يعتقل منهم الامن رفض الانصياع لمنطق السلطه . لقد وضع القاص من منطقة البتاويين التي تدور احداث الرواية في ازقتها عالم مليئ بالمتناقضات وهو عالم واقعي فيه العاهره والعامل والمطابع التي تشيع الثقافة وبائع اللبلبي وبائع الخمر اي انه عالم العراق كله ولكن السلطه لم تتركهم يعيشون فملأت المنطقة بدوائر االامن ومقرات الحزب والمخبرين السريين اي انهم اقتحموا هذا العالم الجميل بكل تنوعهِ وجمالهِ ليحولوه الى عالم مليئ بالخوف والموت لم يكتف البعثيون بقتل مهند الشيوعي بل ارادوا اخراس الجميع فقامو با لأعتداء ضرباً على اسماعيل عامل المقهى وصديق مهند الذي لا يعرف السياسه وفي وضح النهار امام الجميع بهدف نشر الرعب في كل مكان وعندما عاتبه الحاج صاحب المقهى قائلاً (يا اسماعيل البارحة قتلو مهند واليوم انته بابا جوز من السياسة ) فقال اسماعيل( اي سياسه هذهِ التي نعمل بها ان عمل هولاء هو عمل قطاع طرق وعصابات غدر هاي باب الشرقي يومياً يقتلون بيها واحد هاي كله سياسة ) اعتقد ان الكاتب اراد ان يقول ان البعث ليس حزباً سياسياً ولا تنطبق عليه صفات الحزب انه مجموعة من قطاع الطرق والساقطين والبدو القادمين من اطراف الصحراء الذي لا يملكون عواطف بحكم البيئة الصحراوية الجافة التي عاشو فيها. لم ينسى الكاتب الامل في الحياة فزوج اسماعيل "المسلم" حبيبته أسيا "المسيحية " ليجعل من التنوع العراقي تنوع حب وليس نفور وان الحب هو المنتصر رغم كل عمل اعداء الحياة والسعادة . ما كتبته عن الرواية (الهجرة الى السعدون ) هو عرض لها فقط فأنا لست ملم بالنقد الادبي ولكني مجرد قارئ اضافة له هذهِ الروايه حزناً على حزنه الازلي الذي يرفض المغادرة عذرا للاخ موفق الشديدي على تطفلي بالكتابه عن روايتهِ ان كان فيها ما يسيئ له وعذرا لنقاد الادب لأقتحامي عالمهم الجميل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروايه:الهجرة الى السعدون
المؤالف:موفق الشديدي
ط الاول 2011
الناشر : مكتبه عدنان/بغداد-شارع المتنبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عرض جميل وربط للاحداث بتحليل ذكي ومبدع
فؤاد محمد ( 2011 / 11 / 2 - 22:08 )
الرفيق العزيز عبد الحسن تحية
لقد ارجعتني معك ال اربعين سنة بما فيها من هموم وحيرة وتحدي واصرار الى مقهى ابو الهيل وعبد الرحمن طهمازي انت والرفيق موفق الشديدي وكثبرا ما كان يمر الشاعر مظفر النواب ورفاق كثيرون منهم من استشهد ومنهم من بقى مع ل م واخرون مع ق م واخرون مع الشهيد خالد احمد زكي ومنهم من ذههب مع الشهداء معين وظافر وكان يمر الرفيق الشهيد رياض البكري لقد اثرت المواجع
اعانقكم


2 - عرض جميل وربط للاحداث بتحليل ذكي ومبدع
فؤاد محمد ( 2011 / 11 / 2 - 22:39 )
الرفيقان العزيزان موفق وعبد الحسن تحية
كانكما تدعوان الى البدايات والنقد والنقد الذاتي والتوحيد
من خلال سرد المسيرة النضالية في سلبها وايجابها
وهذا ما نحتاجة بالتاكيد بديمقراطية وتعدديةوتداوليةوعمل جماعي
وتوحيد الحركة الشيوعية
اعانقكم


3 - شكرا جزيلا
طلال الربيعي ( 2011 / 11 / 2 - 22:42 )
شكرا جزيلا على عرضك لهذه ألرواية وألتعريف بها, وألتي أرجعتني بألذكريات ألى محطة مبكرة من حياتي وتجارب سياسية خاسرة ومرة.
شكرا ثانية


4 - شكرا اعزائى
عبد الحسن حسين يوسف ( 2011 / 11 / 3 - 15:39 )
شكرا للاعزاء فؤاد محمد وطلال الربيعى على ماكتبوه عنى وعن الروايه اتمنى من النقاد ان يكتبو عنها فهى جديره بالقرائة والنقد وشكرا

اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07